واع/”سلالة دلتا”.. تعرف على كل ما يتعلق بالطفرة الجديدة

واع/ بغداد/ متابعة

على الرغم من مرور عام ونصف على بدء الجائحة، وفي وقت يُسابق فيه العالم الزمان لتطعيم كل سكانه، الذين يقترب عددهم من 8 مليارات إنسان، فإن الفيروس الخبيث لا ينفك يتغيَّر باستمرار، ما يُثير مخاوف كبيرة حول كفاءة التطعيمات الحالية في مواجهة والحد من انتشار السلالات والتنوُّعات (Variants) العديدة التي تظهر كل بضعة أشهر في دولة أو أخرى.

منذ ظهور فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، حدثت عدة طفرات أدَّت إلى نشوء تنوُّعات من الفيروس الأصلي، تختلف عن بعضها بعضا في عدة خصائص، مثل قابلية الانتشار، وسهولة اختراق خلايا الجسم، ومدى مقاومتها لرد فعل الجهاز المناعي. الفيروسات تتحوَّر باستمرار، هذه طبيعتها، وليس كل تحوُّر بالضرورة مخيفا أو خطرا، بل في بعض الأحيان ربما تؤدي طفرة ما إلى الحد من انتشار فيروس بعينه، ولكن -للأسف- هذه ليست الحالة هنا.

وقد يكون أخطر تنوُّعات فيروس “كوفيد-19” هو التنوُّع “دلتا”، الذي سُجِّل لأول مرة في شهر تشرين الأول 2020 في ولاية ماهاراشترا الهندية، ثالث أكثر ولايات الهند ازدحاما بالسكان، وإن كان لا يعني هذا بالضرورة أنه نشأ أصلا في الهند، لذا اصطُلِح على تسميته “تنوُّع دلتا” بدلا من “الطفرة الهندية”، تجنُّبا لوصم البلاد أمام العالم. وصل عدد الإصابات بالتنوُّع دلتا في الهند إلى 400.000 إصابة في اليوم الواحد، وذلك في شهرأيار الماضي، وقد تضرَّرت الهند حقا بهذه الموجة الجديدة الشرسة لتحتل المركز الثاني عالميا من حيث عدد الإصابات، والمركز الثالث في قائمة الوفيات.

ولم يتوقَّف “كوفيد-دلتا” في الهند، ولكنه أخذ ينتشر سريعا حتى اجتاح نحو 92 دولة، من أقصى شرق آسيا وحتى الساحل الغربي للولايات المتحدة الأميركية، مرورا بأوروبا وأفريقيا. المُثير للدهشة هو أن أكثر الدول تأثُّرا بهذا التنوُّع حتى الآن هي المملكة المتحدة، بعدد حالات يفوق ثمانين ألف حالة حتى يوم 2 تموز الجاري، وهو رقم مهول بالنظر إلى أن إنجلترا من أسرع الدول التي قدَّمت التطعيمات لمواطنيها، لكن هذا لم يحمها تماما من الغرق في موجة جديدة من الإصابات منذ إبريل/نيسان الماضي، مما وضع حدًّا لخطط إعادة فتح البلاد وعودة الحياة لطبيعتها، التي كان مقررا تنفيذها تحديدا في حزيران المنصرم.

وما يُثير القلق بخصوص “تنوُّع دلتا” هو مدى فعالية التطعيمات المتاحة حاليا في مواجهته، وهنا دعنا نُطالع دراسة حديثة نُشرت في دورية “ذا لانست”المرموقة، حيث وجدت أن الأجسام المضادة المحيّدة الناتجة عن تطعيم شركة أسترازينيكا الإنجليزية، التي تعمل ببساطة على إلغاء تأثير الميكروب قبل أن يشتبك مع خلايا جسمك ويصيبك بالمرض، تعمل بكفاءة شديدة ضد التنوُّعين “ألفا” و”D614G“، بينما نسبتها لا تكاد تُذكر ضد التنوُّعين “بيتا” و”دلتا”، ولكن كشفت الدراسة أيضا أن مَن أُصيبوا بفيروس “كوفيد-19” وتعافوا منه ثم تلقَّوا جرعة واحدة من التطعيم ذاته احتوت أجسامهم نسبة أكبر من الأجسام المضادة المحيّدة، بالمقارنة مع الذين لم يُصابوا بالمرض من قبل.

على النقيض من هذا، ومما يدعو للتفاؤل حتما، ما ورد في دراستين صادرتيْن عن الصحة العامة بإنجلترا، تُشير أولاهما، والمنشورة في أيار الماضي، إلى أن الحصول على جرعتين من تطعيم شركة فايزر-بايونتيك يوفِّر حماية من ظهور أعراض المرض بنسبة 88% ضد التنوُّع دلتا، بينما يوفِّر تطعيم أسترازينيكا الحماية بنسبة 60% فقط. قد يبدو هذا الرقم غير كافٍ لحماية مجتمعات كاملة ضد الإصابة بأعراض ظاهرة من المرض، لذا جاءت نتائج الدراسة التحليلية الثانية ببعض الأخبار السارَّة.

تقترح الدراسة الأخيرة أن الحصول على جرعتين من تطعيم أسترازينيكا يحميك في مواجهة تنوُّع دلتا بنسبة 92% فيما يخص العلاج في المستشفى، وهذا يعني أنه قد لا يقيك تماما من الإصابة بهذا النوع من التحوُّر، ولكنه بنسبة كبيرة سيمنع تدهور حالتك إلى حد الحاجة إلى دخول المستشفى، وهو أمر جيد بما يكفي خاصة في الدول التي ترزح أنظمتها الصحية تحت ضغوط الأعداد الكبيرة للحالات الخطيرة التي قد لا تجد أَسِرَّة للعلاج.

ولا تكمن خطورة الطفرات المتتالية للفيروس فقط في احتمالية مقاومتها للتطعيم، لكن الأمر الأكثر خطورة هو سرعة انتشارها بين البشر، فعلى الرغم من أن عدد جرعات اللقاح التي تُلقِّيت على مستوى العالم يقترب من 3 مليارات جرعة، فإننا بحاجة إلى التحرُّك بسرعة أكبر من انتشار الفيروس، إذ إن قابلية انتشار هذا التنوُّع بالذات تفوق بنسبة 60% انتشار التنوُّع ألفا الذي كانت له اليد العليا بالفعل في إنجلترا منذ نهاية العام الماضي.