( واع ) تشاركنا فرحة ليالي رمضان وايامـه المباركـة في بغـداد الحبيـبة !


وكالة انباء الاعلام العراقي ـ واع / خالد النجار / بغداد
في السنوات الماضية ايام الخير في العراق وفي شهر رمضان المبارك تحديدا كان التقليد السائد لاستقبال هذا الشهر هو التبضع حيث تذهب العوائل الى الاسواق الكبرى ( الجملة )ومنها سوق الشورجة الكبير في بغداد الحبيبة لشراء لوازم الشهر المختلفة من البهارات ونومي البصرة والتوابل والجوز والمكسرات والكرزات بأنواعها والزبيب والطرشانة وغيرها من طيبات الارض وكنوزها ، ولكن في السنوات الاخيرة وبعد كثرة الاسواق المولات التجاريةالمحتكرة من قبل مستثمري الغفلة ! والاسواق بين المناطق السكنية تغيرت تقريبا هذه الحالة الى الاسؤا وخاصة بعد رفع قيمة الدولار الاميريكي القذروضرب العملة الوطنية العراقية في الصميم ورفع الاسعاربشكل جنوني من قبل المعنيين في الشان العراقي ليضاف اليها قرارات ( خلية الازمة او ازمة الخلية ) في تحديد حركة المواطنين في زمن كورونا الخسة والنذالة !!حتى في مناطقهم السكنية ومحلاتهم، ويبقى في هذا الشهر المبارك ان يتبادل الناس التهاني والتبريكات فيما بينهم الناس وتبدا طقوس رمضان ولياليه وصلاة التراويح وطقوسها الجميلة ( وكالة انباء الاعلام العراقي ـ واع ) تجولت في بعض مناطق واسواق بغداد وتحاورت مع اهاليها الطيبين وهم يعيشون نفحات الشهر المبارك .
ـ (واع ) التقت الحاج ابو ضحى حيث قال : من المظاهر الجميلة في ليالي رمضان ايام زمان هي المقاهي الشعبية اومنها مقهى ابراهيم عرب في راغبة خاتون ،وغيرها من المقاهي الصغيرة والكبيرة والتي تقلصت تقريبا في السنوات مع الظروف والمعطيات والمتغيرات ، حيث كانت كانت الخيارات المتاحة امام المواطن البغدادي لقضاء وقت فراغه، متعددة ابان ثلاثينيات القرن المنصرم واربعيناته وما تلاها من عقود، حيث تعدت الاماكن ما بين ناد ومقهى، وفي ايام رمضان التي تكتسب طابعا خاصا، تأخذ المقاهي حصة الاسد في البيئة البغدادية..
ـ ويؤكد ابا ضحى لـ ( واع ) : كانت المقاهي في بغداد للتسلية وقضاء الاوقات وخاصة المتقاعدين اللذين تجاوزت اعمارهم او للقاء الاصحاب والاصدقاء، وهي اشبه بنواد عامة لاتخلو محلة او منطقة في بغداد من وجود مقهى ولاسيما قبل ربع قرن، وكان لرمضان حضور بهي فيها حيث تجري وقائع اكثر من وسيلة للتسلية، كلعبة الدومنو والطاولي وفي رمضان كانت ( لعبة المحيبس ) لوحدها تشكل مملكة لها تقاليدها وفيها اسطوات الزمن الجميل اللذين سجلوا اسماءهم في تاريخ اللعبة، والمحيبس توثق العلاقة بين لاعبيها المنتمين لمناطق مختلفة من بغداد، فضلا عن توفيرها المتعة لهم عبر حماس وتعليقات المتبارين، على خلفية من الغناء التقليدي البغدادي الاصيل المتمثل بالمقام العراقي والمربعات البغدادية، ويجري كل ذلك في فضاء من الحميمية توفره المقهى التي تحتضن روادها الدائميين، ولاتخلو اي من مقاهي بغداد، صغرت ام كبرت، من تلك النشاطات.. وكان يستخدم في المقهى صبية (شباب) ملاح ملابسهم جميلة، يقومون بتقديم القهوة وتسلم اجور المقهى، وكانت الموسيقى تعزف فضلا عن توفر بعض وسائل التسلية واللهو، وقد سميت بالقهوة او المقهى لان مادة القهوة كانت لمقاهي تعج بروادها وهنا تبدأ سيدة اللعب الرمضانية الا وهي لعبة المحيبس (البات) بين فريقين من محلتين أو منطقتين وتستمر حتى وقت السحور، والخاسر يدفع ثمن صينيتي البقلاوة والزلابية اللذيذة ؟
ـ ويؤكد ابا ضحى لـ ( واع ) :لقد تميز رمضان بلعبة المحيبس وابطالها التقليديين وقيم المحبة والألفة السائدة في المجتمع، والطريف أن مقهى أبراهيم عرب كان أيضاً ملتقى لعبة المحيبس وكان أبراهيم عرب وضمن طرائفه المشهورة يحدث الفريقين وكل منهم يحوي على عشرة لاعبين، بانه أي أبراهيم عرب كان من أحسن لاعبي أيجاد المحبس(الخاتم) وكان يقود مجموعة الرصافة وعددهم الف لاعب ضد مجموعة الكرخ ولنفس العدد فكل مجموعة تجلس على ضفة نهر دجلة الرصافي في الرصافة والكرخي في الكرخ، وكان يذهب من الرصافة الى الكرخ بواسطة البلم وبيده فانوس وكذلك بطل الكرخ يأتي بواسطة البلم والفانوس بيده ويقول بأنه عند معانيته لوجوه الكرخين بواسطة الفانوس لم يرى أي أثر لوجود محبس في أي يد تحمله وهنا صاح بأن يفتح الجميع أيديم (الكل طلك بالتعبير الشعبي) أي لايوجد محبس مخبأ وظهر بأن من كان يحمل المحبس وبرهبة من أبراهبم عرب رمى المحبس في الماء ويقول أني أستطعت أيجاده في الماء قرب الجرف، وهذا ماقاله للفريقين مستهزأً بعددهم القليل وعدم دقتهم بأيجاد المحبس، وكانت قهوته مشهورة بأبراز بطولاته للقصص التي يوردها عن نفسه في أيام رمضان وغيرها من أيام السنة ..
ـ اما الحاج عزاوي فيقول لـ ( واع ) : من اهم وابرز شيم المحبة والتالف العراقي بين المجتمع كان الاخوة المسيحيين يشكلون حلقة مهمة في كل انشطة وفعاليات البغداديين بغض النظرعن ديانتهم ومعتقداتهم ،كما تشارك العوائل المسيحية بأرسال بعض من أكلاتها ككبة الحامض والكبة الكبيرة والصغيرة،وبدورها ترسل العوائل المسلمة بعضاً من أكلاتها والحلويات لجيرانه من العوائل المسيحية مما يبرهن قيمة التآلف والمحبة والأحترام المتبادل بينهما.بعد الأفطار وشرب الشاي المهيل يبدأ المدخنون وبرغبة جامحة لتدخين السكائر أو النركيلة بتلهف وشوق، بعدها أي بعد صلاة المغرب قسم يأخذ غفوة أستعداداً لصلاة التراويح والذهاب الى القهوة لتمضية سهرة رمضان هناك، بعض النسوة في المحلة يتزاورن بينهن، حيث أن التلفزيون أيام زمان قناة واحدة ولاتوجد فيه من المسلسلات كما هو اليوم لكثرة القنوات والمسلسلات بل هي تعرض مسلسلة أو تمثيلية واحدة، يبدأ أكل الحلويات أثناء المساء ..
ـ ويضيف عزاوي لـ ( واع ) : كان هناك في بعض المقاهي راوي ( قصخون ) كما يطلق عليه ! يتحدث عن السير القديمة كعنترة، وأبو زيد الهلالي، وألف ليلة وليلة و(رمضان المبارك ) مع اخواننا المسيحيين قمة الطيبة ..لم يكن الصيام مقتصراً على المسلمين منذ خلق الله البشر بل أن العالم القديم قبل مجيء الأديان ومنهم البابليون والمصريون والهنود والروم قد مارست الصيام واعتبرته عملاً روحانياً لشكر الله لدفع الأذى والبلاء عنهم…وفي أوقات أرتبط الصيام بأيام الحداد وساعات الخطرمن الظروف المحيطة، وعندما جاءت الأديان فأن نورها قد شع بوجوب الصيام كأحدى متطلبات الإيمان بالله وبعبادات واحدة ألا ان طرق آدائها مختلفة، وهكذا الاسلام بعد أن شع نوره بقاع الدنيا لاناس تعددت ألوانهم وأعراقهم وعاداتهم وألسنتهم الا أنهم يمارسوها بفترة محددة بشهر سمي باسمه، واصبحت العادات والتقاليد تختلف أثناء شهر رمضان ولهذا تستمد الأمم هويتها من تراثها الساري في أعماق أبنائها وأصالتها المتجذرة في قلب التأريخ وهكذا هم العراقيين..
ـ ويؤكد الحاج عزاوي لـ ( واع ) : لقد عشنا اجمل ايام حياتنا ومنها الاجمل في شهر رمضان المبارك وايامه الرائعه ، من ذكريات لاتنسى من الطفولة والشباب الى الن اصبحنا( شياب ) ورمضان يعني الألتزام بشرائعه، والكريم بمعانيه، والكريم لمعرفة خصال الخير والمحبة وعودة لسلامة القلوب ولقوة النفوس، كما أنه علامة بارزة للتواصل الديني والأخلاقي والأجتماعي،ونتذكر معا (المسحرچي والچرخچي) من الأوائل الذين يطرقون الأبواب للتهنئة وأستلام العيدية والكليجة، الشرابة يعودون لعادتهم القديمة طبقا للمثل الشائع عادت حليمة لعادتها القديمة، وتبدأ العوائل بزيارة قبور أحباءها بعد صلاة العيد، والأطفال بملابسهم الجديدة ينتظرون العيدية، ويبقي رمضان.. شهر الذكريات الجميلة والأيام الحلوة والصور التي لا تنسي سواء في مرحلة الطفولة أو الشباب أو ما بعدها، علينا ألا ننسى في ظل هذه المآسي والأزمات التي كرسها الأحتلال الأمريكي القذر في العراق ونسال البارى عزوجل ان يعيد ايامنا وسنواتنا كما كان العراقيين ايام العز والخير والشموخ ..
(رمضان لايعترف بقرارات خلية الازمة ) !!
ـ ( واع ) تسال الدكتور قصي عن رمضان (وكورونا الخسة والنذالة) فيقول : بصراحة لم نتعود نحن العراقيين على ايام موحشة كالتي نعيشها الان مع الالم الشديد ! ورمضان اليوم يعتبر حزينا ولابد ان نزيح حزنه من على وجوهنا وقلوبنا، وان جائحة كورونا ادت الى إلى (حجرصحي إجباري)؟!وتغيير كثير من العادات والطقوس الرمضانية بسبب لزم البيوت بعد الافطار الذي كان يشهد قمة الحركة بين الناس والعوائل وحركة الاسواق المختلفة وانتعاش الواقع الا قتصادي معه ايضا ،وكنا نسهر الليالي الرمضانية بلعبة المحيبس بين مناطق بغداد مثل الاعظمية والفضل والكسرة والمغرب والكاظمية وغيرها من مناطق بغداد الحبيبة وناسها الطيبين ومن ثم السهر مع أصدقائنا واحبتنا في مقاهي منطقة الأعظمية، وبصراح لقد افتقدنا لذة رمضان المبارك بسبب خلية الازمة!! وهي تسن القوانين والاطاريح غير المقنعه للمواطن العراقي ! ومنها غلق المساجد والحسينيات إلى أن أهم جوامع بغداد التاريخية باتت موصدة الأبواب بوجه المصلين بسبب ذلك؟
( ماذا نفعل بعد الافطار ) ؟!
ـ السيد مجيد رشيد احد ختيارية بغداد تحدث لـ ( واع ) : بلا شك ان الفطوريقتصر في بدايته على تناول اللبن والتمر ومن ثم تادية صلاة المغرب ، والبدء بصلاة التراويح وكذلك نلاحظ النساء يبدان بتهيئة اللوازم لايام الشهر الكريم ،ومايتميز به البغداديين في رمضان بالتجوال بعد الظهر والعصر تحديداً بالذهاب الى الأسواق للتسوق وقضاء الوقت وشراء الطرشي والحلويات كالبقلاوة والزلابية من المحال المشهورة مثلا في الأعظمية نعوش ورعد الشكرجي وفي شا رع الرشيد كعك السيد وباقر وصادق الشكرجي، وفي الكرخ الحاج جواد الشكرجي وفي الكاظمية صبري وتوفيق الشكرجي والمشهورة أيضاً بعمل حلوى الدهينة..وفي أواخر الستينات وبداية السبعينات ظهرت حلويات الخاصكي في المنصور وأبو عفيف في الكرادة والحمداني لصناعة زنود الست، وكل الحلويات الجيدة والطعم الشهي تعمل بالدهن الحر ،كما توجد بسطيات لصواني البقلاوة والزلابية في أسواق بغداد الشعبية كافة وبأسعار معقولة، البعض يتعني ويشتري شربت زبيب الحاج زبالة وشربت رمان جبار المشهورين ، والذي يميز المائدة البغدادية عند الفطور بمذاق خاص ومتنوع، تتجمع العائلة عند بدء الأفطار ، وتتسيد ( الشورية ) مائدة الافطاراضافة الى تشريب اللحم والدجاج ثم ( الكبب بأنواعها البرغل أو الحلب) وكذلك الكباب والتكة لميسوري الحال.!!
( احياء الفولكلورالرمضاني .. بين الجيل القديم والجيل الحديث ؟! )
ـ الحاج ابو نبيل يؤكد لـ ( واع ) من جانبه : رمضان الخير والبركة فيه تقاليد فولكلورية ولكنها انسانية بحتة وتكاد تكون جزء من قوة وصلابة التاخي بين افراد المجتمع العراقي والبغدادي بشكل خاص ،ومن الضروري جدا إحياء الفولكلور الرمضاني وتجديده باطر حديثة بعدما حصل شبه انقطاع بين الجيل القديم والجديد، حيث كانت ايام رمضان في السابق أكثر قوة وتماسك مما هي عليه الآن لأسباب كثيرة لانود الخوض بها الان !! ولابد ان نستعيد تلك الممارسات الجميلة بين مجتمعنا وخاصة تذكيرشبابنا التعبان ؟! بالكثيرمن الممارسات الإيجابية التي كان الناس يحرصون عليها في رمضان وخاصة العطف وعمل الخير، حيث ان الشباب اليوم يقضون اوقاتهم مع الأصدقاء في المقاهي او في البيوت الان ،أو يجلسون خلف الحاسوب لساعات طويلة . الجانب السلبي في فعاليات رمضان في الوقت الحاضر هو عزوف الاسر عن اللقاءات بسبب زحمة العمل وعدم توفر الوقت اضافة الى ازدحام التلفزيون بالقنوات الفضائية ،وفي المدن التي توجد فيها المراقد المقدسة فان الكثير من الناس تفضل قضاء ليالي رمضان في تلك المراقد ، حيث يبقى الناس لساعات متأخرة من الليل ، ومع الاسف تندر في الوقت الحاضر الزيارات بين الأقارب والجيران ، ولم تعد هناك دعوات إفطار متبادلة مثل السابق ولابد ان تعود ايام الالفة كما في السابق ..!
(رمضان ..ممارسات ايجابية .. واخرى سلبية !! )
ـ ام ضياء تقول لـ ( واع ) من جانبها : بصراحة هناك امور كثيرة تعتبر سلبية كممارسة اجتماعية وان رمضان صارعادة إجتماعية اكثر من مناسبة دينية ، حيث بدا بعض الناس يتصرفون خلاله وكأنه شهر للمتعة والليالي الحمراء ربما . وتتألم لانحسار فعاليات رمضان في البيوت ذاتها فتجد ان الجميع يصوم رمضان شكلا وينشغل بأمور أخرى قالبا ، حتى ان البعض القليل يمارس الرذيلة في المشروبات الروحية التي يمارسها بعد الافطار ( وكم هي مهزلة بحق ) !! تتآكل صورة رمضان التقليدية مع مرور الوقت ، ومن أمثلة ذلك انحسار صنع الحلويات والمعجنات ، الى جانب انحسار جلسات السمر بين الاسر والجيران ،ومن الظواهر الملفتة للانتباه في رمضان هذا العام ، انحسار الكثير من الفعاليات الاجتماعية الرمضانية مثل لعبة (المحيبس) الفولكلورية لتحل محلها ألعاب رقمية جديدة ، فلم تعد هذه اللعبة الشعبية تمارس في الأحياء والمقاهي الشعبية ، ولم تعد محلات بغداد القديمة مثل الكاظمية والأعظمية والجعيفر والرحمانية تصطبغ بالحلة الرمضانية الخاصة ..