واع / من يقف وراء الترويج “للتسول الإلكتروني” وكيف اصبحت الملاذ الامن للمتسولين ؟؟ / تحقيقات

واع / بغداد / رغده خيرالله

يعد التسول الالكتروني ظاهرة متنامية في عصر الانترنت، حيث يستغل الافراد التكنولوجيا لطلب المساعدة المالية دون وجه حق،وهي لا تختلف عن التسول التقليدي

وتزدهر هذه الممارسة بفضل الاسباب المتعددة بما في ذلك الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي وسهولة الوصول الى جمهور واسع.

يستعرض التسول الإلكتروني، من خلال طرق متنوعة مثل الرسائل الالكترونية ، وطلبات التبرع عبر منصات التواصل الاجتماعي ، مما يؤثر سلباً على المجتمع بتضليل الأفراد حول الحاجات الحقيقية ويشوه صورة الحاجة والفقر.

من الضروري إتخاذ التدابير والحلول لمواجهة هذه الظاهرة، مثل تعزيز الوعي حول المخاطر المترتبة عليها وتطوير اللوائح والقوانين التي تحد من انتشارها.

في ظل التطورات التكنولوجية، اصبح من الضروري إعادة النظر في كيفية التعامل مع هذا التحدي الجديد الذي يواجه مجتمعاتنا،فكان لـ( وكالة انباء الاعلام العراقي / واع ) ،هذا التحقيق والخاص بالتسول الالكتروني محطتنا الاولى كانت.

* مقاطع فيديو وصور وهمية  لحالات إنسانية أو مرضى يعانون من أمراض مستعصية !!

في المدة الأخيرة، لست انا الوحيد الذي كان ضحية التسول الالكتروني فقد وقع الكثيرون ضحية عمليات نصب واحتيال بعد استجداء أشخاص بهم عبر مقاطع فيديو وصور لحالات إنسانية أو مرضى يعانون من أمراض مستعصية تتطلب أموالا ضخمة لمعالجتها، ليتبين فيما بعد أن الأمر لم يكن إلا احتيالا كما حدث مع عمار هادي  من محافظة بغداد .

يقول عمار لـ ( وكالة انباء الاعلام العراقي / واع ) ،”إن شخصا أرسل له مقطع فيديو عبر موقع “فيسبوك” تظهر فيه امرأة وحولها أطفال طريحي الأرض لم تتجاوز أعمارهم 5 سنوات تطلب مساعدة مادية لإجراء عملية جراحية لأحد أطفالها، ليكتشف بعد أن أرسل لها حوالة 100 دولار أميركي أنها تعمل ضمن مجموعة من المتسولين .

*المتابعين لبرامج التواصل من فئة الشباب ولكلا الجنسين بلغ 25.53 مليون

ذكر مختص في مجال المنظومة الالكترونية كامل حسام لـ( واع ) ،انه  اذ لا يمكن عزل هذه المشكلة عن المنظومة الكاملة كونها تعبير طبيعي ونتاج الازمات التي حلت على المجتمع.

وبما ان اغلب المتابعين لبرامج التواصل من فئة الشباب ولكلا الجنسين، اذ بلغ عدد مستخدمي تلك البرامج في العراق حسب البيانات التي قدمها مركز الاعلام الرقمي(DMC) الى 25.53 مليون شخص، ويبلغ عدد مستخدمي الفيس بوك 17.95 مليون والإنستغرام 14 مليون والماسنجر فيسبوك 15.10 مليون، اما السناب شات 16.10 مليون والتويتر 2.50 مليون واخيراً التيك توك 23.88 مليون مستخدم، حيث تعتبر هذه الاعداد التي تصل الى اكثر من نصف عدد سكان العراق مؤشر خطير على المجتمع من حيث استغلال تلك الاعداد لزجها لممارسة الظواهر والسلبيات غير المقبولة في مجتمعنا ومنها التسول الالكتروني الذي من خلاله استغلال عاطفة المتابعين والتبرع بمبالغ قد تذهب الى مصادر تمويل لجماعات متطرفة او ارهابية او مخدرات و كافة انواع الجرائم المنظمة بغض النظر عن صدق المتسول من عدمه. إذا هي حالة تستوجب التوعية والردع .

* التواصل الاجتماعي تتيح للمتسول الوصول لأكبر عدد من المستخدمين

الدكتورة نجاة حسين مختصة في مجال علم النفس ان المتسوليين عادة يبحث عن وسائل لاستجداء عطف الناس مستغلاً رغبة الاخرين في عمل الخير، حيث كشفت مصادر مطلعة انها اصبحت اشبه بتجارة منظمة ، حيث يقوم المتسول بإرسال رسائل على الخاص لعدد من المستخدمين، ويطلب منهم المساعدة المادية او العينية، شارحا حالته، بل ان بعضهم يرفق صورا لأثبات سوء حالته المادية، مبينة ان وسائل التواصل الاجتماعي تتيح للمتسول الوصول لأكبر عدد من المستخدمين وبالتالي تزداد فرصته في الحصول على مبتغاه وأن اغلب الحالات تكون اشبه بعمليات نصب على الناس، حيث لا تحتوي هذه الرسائل على اي معلومات شخصية دقيقة او غيرها، بل ان المتسول يتهرب من الاجابة عن بعض الاسئلة في حال توجيهها اليه للتأكد من مدى صحة ادعائه بالحاجة. اضافة  إلى ان ظاهرة التسول الافتراضي، مريحة للمتسولين فهي طريقة يتخفى خلالها المتسول عبر حساب وهمي، حيث يرفع عنه التخفي اي حرج اجتماعي قد يشعر به في حال التسول الواقعي، كما أن التخفي قد يجعله بعيدا نوعا ما عن الملاحقة القانونية، الا في حال اشتكى المستخدم الذي تلقى الرسائل منه.

وذكرت حسين ان مصادر بينت بعض المتسولين احترفوا ارسال رسائل واتس اب عبر استخدام برامج تتيح لهم استخدام ارقام وهمية، وغالبا ما يتم اختيار ارقام من البلد، لدول محددة، لإيهام متلقي الرسائل ان المتسول من اسرة متعففة لكنه يعيش في دولة تعاني ظروفا قاسية.

مع وجود المئات من مواقع التسول عبر الإنترنت، أصبح من الشائع للمتسولين الرقميين التسجيل وامتلاك اسم المجال الخاص (الدومين) الخاص بهم على شبكة الإنترنت. نعم، الأمر أشبه بتدشين مشروع ما، وباستخدام خدمات الاستضافة المجانية أو غير المكلفة والمواقع المتخصصة مثل “GoFundMe“، في العادة يطلب المتسولون عبر الإنترنت من الجمهور المساعدة في العديد من الاحتياجات، والعلاج من أبسط الأمراض إلى أخطرها، لكنهم في العادة يعرضون أخطرها لجلب الاستعطاف أكثر مثل علاجات السرطان، كما لا يخجل بعضهم من التسول لشراء سيارة جديدة على سبيل المثال لا الحصر.

يروج موقع “Begslist” على سبيل المثال بديلا إلكترونيا للتسول في الشوارع، وبالتالي “القضاء على الإحراج أو التقليل منه”. في بعض الحالات، تنشر النساء صورا مفعمة بالحيوية مع رسائل يائسة تطلب المال، وفي بعض الأحيان تُنشر هذه الرسائل بالأسماء الكاملة.

* عقوبة التسول الالكتروني يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر واحد ولا تزيد على ثلاثة أشهر !!

فيذكر المحامي والخبير القضائي، تحسين صبار المولى  في حديث له ، أنه “وفق المادة 390 فإنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر واحد ولا تزيد على ثلاثة أشهر، كل شخص أتم الثامنة عشر من عمره وكان له مورد مشروع يتعيش منه أو كان يستطيع بعمله الحصول على هذا المورد، وجد متسولا في الطريق العام أو في المحلات العامة أو دخل دون أذن منزلا أو محلا ملحقا به لغرض التسول، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنة اذا تصنع المتسول الإصابة بجروح أو عاهة أو استعمل أية وسيلة أخرى من وسائل الخداع لكسب احسان الجمهور أو كشف عن جرح أو عاهة أو غيرها  في الاستجداء”.

ويكمل المولى، “وإذا كان مرتكب هذه الأفعال لم يتم الثامنة عشرة من عمره، فأنه تطبق بشأنه أحكام مسؤولية الاحداث في حال ارتكاب الجريمة”. 

كما ويلفت الخبير القضائي، إلى أنه “وبحسب المادة 392 فأنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين دينارا أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اغرى شخصا لم يتم الثامنة عشرة من عمره على التسول، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر والغرامة التي لا تزيد على مئة دينار أو إحدى هاتين العقوبتين اذا كان الجاني وليا أو وصيا أو مكلفا برعاية أو ملاحظة ذلك الشخص”.

*وزارة الداخلية سجلنا العديد من حالات النصب والاحتيال عبر مواقع التواصل من خلال التسول الإلكتروني !!

تشار هذه الظاهرة السريع في المدة الأخيرة دفع وزارة الداخلية إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات لمواجهتها والحد منها، بعد أن سجلت العديد من حالات النصب والاحتيال عبر مواقع التواصل من خلال التسول الإلكتروني.

ويُشير مدير قسم محاربة الشائعات التابع لدائرة العلاقات والإعلام في الوزارة العميد “نبراس محمد علي” إلى أن المحتالين يستغلون عاطفة العراقيين لتحقيق مكاسب باستخدام أساليب قد تصل إلى حد الاتجار بالبشر.

وذكر العميد علي أن وزارة الداخلية تعمل على معالجة الظاهرة عبر القبض على المتسولين، وتفكيك العصابات التي تتخذ من هذا الموضوع وسيلة للكسب غير المشروع.

كما يحذّر مختصون في الشأن المجتمعي من انجرار الكثير من الشباب نحو احتراف التسول الإلكتروني، ما ينذر بمشكلة تحتاج إلى حلول عاجلة.

وقد اصبح من الضروري التوعية والتثقيف حول هذه الحالات أو الظاهرة في المجتمع، حتى لا يقع الفرد فريسة لهؤلاء المحتالين وبين الشعور بالذنب لعدم مساعدتهم في حال لو كانوا فعلاً محتاجين، كذلك توعوية الافراد بضرورة التبرع للجمعيات الخيرية المرخصة، أو للأشخاص المعروفين والموثوقين في محيطنا، وعلى الجهات المختصة التنسيق مع هيئة الاعلام والاتصالات حول اتخاذ الإجراءات القانونية في محاسبة المسيئين والمستغلين الذين يمارسون الاحتيال والنصب الالكتروني.

ت / ر. م