واع / السودان تشكو العطش قبل الملء الثاني لسد النهضة الاثيوبي

متابعة / واع

تشهد مناطق عدة من العاصمة السودانية الخرطوم، أزمة حادة في مياه الشرب، لتتصاعد شكاوى المواطنين من تفاقم العطش خلال الأسابيع الأخيرة، وذلك بالتزامن مع بدء إثيوبيا في إجراءات الملء الثاني لسد النهضة، الذي يتوقع أن يحجب كميات ضخمة من المياه عن دولتي السودان ومصر ويؤثر على مواردهما من منابع النيل بشكل كبير، فيما ترجع المصادر الرسمية أزمة العطش إلى تزايد الاستهلاك مع زيادة السكان وتهالك المحطات.

وكشفت بيانات صادرة عن هيئة مياه ولاية الخرطوم مؤخراً أن العجز اليومي في مياهها يقترب من 900 ألف متر مكعب، مشيرة إلى أن المتوفر تقلص إلى 1.8 مليون متر مكعب، بينما الحاجة الفعلية للاستهلاك اليومي تبلغ 2.8 مليون متر مكعب.

وشكت التومة النور محمد، ربة منزل تقطن في منطقة الخرطوم بحري شمال العاصمة، معاناتها وأسرتها في الحصول على المياه واضطرارها لشراء البراميل منها عبر الباعة الذين ينقلونها عبر “الكارو”، وهي عربات تجرها الدواب، مشيرة إلى أن سعر البرميل يبلغ ألف جنيه (2.6 دولار) وأحيانا أكثر.

وأشارت إلى أن البرميل لا يكفي احتياجات أسرتها من طعام وشراب وغسل ملابس وغيرها من المستلزمات اليومية، واصفة الوضع في ظل شح المياه بالكارثي، خاصة أن السودان غني بالمياه وفيه يلتقى النهران الأبيض والأزرق.

وفي السياق، قال المواطن ميرغني علي، من سكان مدينة الدروشاب شمال الخرطوم، إن “هذه أول مرة نعاني من أزمة حادة في المياه بهذا المستوى، وقد تزايدت المشكلة خلال شهر رمضان بسبب الاستهلاك المرتفع”.

وأضاف أن “الأزمة الحالية تؤكد عدم قدرة هيئة مياه الخرطوم على إدارة الأزمة ووضع حلول جذرية لها”، مشددا على أن “توفير خدمات المياه والكهرباء للمواطنين من أولى أولويات الحكومة، وعليها الرحيل إن عجزت عن توفيرها والحد من معاناة المواطنين المعيشية”.

هذا ووجه رئيس الحكومة الانتقالية عبدالله حمدوك، قبل يومين، هيئة مياه ولاية الخرطوم “بتنفيذ خطة إسعافية عبر حفر الآبار وتأهيلها لمعالجة مشكلة المياه بأسرع فرصة ممكنة”.

في المقابل، اعتبر مدير هيئة مياه الخرطوم، مأمون عوض، أن “أزمة المياه ترجع إلى زيادة المناطق السكنية رأسيا وأفقيا، في ظل ثبات مصادر المياه وتهالك المحطات وتذبذب التيار الكهربائي”، مشيرا إلى أن “أكثر من 52% من إنتاج المياه بالعاصمة من الآبار التي تتأثر بانقطاع الكهرباء وعدم استقرار المشتقات النفطية، خاصة الجازولين”.

وأشار عوض في تصريحات صحافية مؤخراً إلى أن “هناك حلولاً إسعافية تعكف الهيئة على تنفيذها لمعالجة مشكلة شح المياه، تشمل زيادة إنتاجية بعض المحطات وتأهيل أخرى لتعود للعمل، وحفر 25 بئراً”، لافتا إلى أن “هذه الآبار ستوفر نحو 53 ألف متر مكعب من المياه يومياً”.

وبينما يتخوف الكثيرين من أن سد النهضة، الذي بدأت إثيوبيا في إجراءات الملء الثاني له، ستكون له تداعيات خطيرة على حصة السودان من المياه، إلا أن خبراء في قطاع المياه في السودان يرون أنه ليس للسد علاقة بالمشكلة الحالية التي تشهدها الدولة.

إذ حمل خبير الموارد المائية حيدر يوسف هيئة مياه ولاية الخرطوم مسؤولية العطش الحالية، معتبراً أن ذلك يرجع إلى سوء الإدارة.

كما قال خبير المياه دياب حسن، إن منسوب النيل يتراجع عادة فى موسم الصيف (نيسان و آيار) إلى حده الأدنى، ويؤدي لتدني المياه الجوفية نتيجة للاستهلاك العالي، ولكن، هذا العام، التدهور الحاد فى الكهرباء وراء الأزمة، فضلا عن شح ميزانيات مرافق المياه.

وأضاف دياب أن أكثر من 60% من مياه الشرب تعتمد على الآبار، والنسبة المتبقية البالغة 40% تأتي من المياه السطحية المفلترة، معتبرا أن “سد النهضة الإثيوبي ليس متسبباً في العطش الحالي بالخرطوم”.

وتابع أن المحطات الموجودة حاليا متهالكة بسبب عدم الصيانة، كما أنها لا تغطي احتياجات 50% من السكان.

وبدأت إثيوبيا فعلياً التمهيد للملء الثاني لسدّ النهضة رغم التلويح المصري بالحرب والتصعيد في اللهجة السودانية، فقد شرعت أديس أبابا، قبل أيام، في فتح البوابات العليا للسدّ تمهيداً لعملية الملء، المقرر أن تكتمل بحلول حزيران المقبل، ما يمثل تحدياً لدولتي المصبّ مصر والسودان.