واع / من ساسي لبديله.. كيف يؤثر “الغزو الأجنبي” على الكرة المصرية؟

واع / متابعة

مع اقتراب موعد الانتقالات الصيفية، يعود الحديث ذاته في كل موسم، مع نشر عشرات التقارير الإعلامية حول بحث الأندية المصرية وعلى رأسها الأهلي والزمالك عن لاعبين أجانب لتدعيم صفوفهم.

الفريق الأبيض بدأ البحث عن بديل التونسي فرجاني ساسي، بعدما أعلن رحيله، كما أشارت التقارير الإعلامية إلى أن الزمالك يفكر في لاعب أجنبي آخر.

ومن بين الأسماء المرشحة، اللاعب المغربي يحيى جبران، سيرجي أكا لاعب الجونة، ولاعب الوداد المغربي وليد الكرتي، مع محاولة النادي الأبيض تجديد عقود بعض اللاعبين التي تنتهي بنهاية الموسم المقبل، وعلى رأسهم المغربي أشرف بن شرقي.

وعلى الجانب الآخر، بدأ الأهلي مفاوضات التجديد مع اللاعب التونسي علي معلول، إذ ينتهي عقده في نهاية الموسم المقبل، مع بحث الفريق الأحمر عن تدعيمات تضمن الهيمنة المحلية، وعلى رأسها، المغربي سفيان رحيمي ولاعب صن داونز جاستون سيرينو.

وأصبحت الملامح الأولية لسوق الانتقالات المنتظر تشير إلى لجوء فرق الدوري المصري إلى تدعيم صفوفها باللاعبين الأجانب، ليبقى السؤال الأهم، كيف يؤثر “الغزو الأجنبي” على كرة القدم المصرية؟.

بعد اجتماعه الأخير مع أندية الدوري الممتاز، خرج رئيس اللجنة الثلاثية المكلفة بإدارة الاتحاد المصري، أحمد مجاهد، في تصريحات إعلامية، ليعلن عن السماح بزيادة عدد اللاعبين الأجانب بفرق الدوري المصري، بداية من الموسم المقبل.

وأضاف مجاهد أنه سيحق لكل فريق قيد خمسة لاعبين أجانب، مع إلغاء بند لاعبي شمال إفريقيا وسوريا، حيث كانت تتم معاملتهم كلاعبين محليين.

وختم مجاهد تصريحاته بالإشارة إلى أنه تم الاستقرار على استمرار غياب الحراس الأجانب عن الدوري المصري، وأن هذا المقترح لن يطبق خلال الفترة المقبلة.

وخلال المواسم الأخيرة بالدوري المصري الممتاز، كان عدد اللاعبين الأجانب يتغير مع كل موسم، حيث كانت البداية مع ضم قوائم الفرق ثلاثة لاعبين أجانب، ثم أربعة لاعبين على أن يكون واحدا خارج قوائم المباريات.

ومع اعتراض الفرق، تم السماح بوجود أربعة لاعبين داخل قائمة الفريق للمباراة، على أن يكون واحدا منهم على دكة البدلاء.

والموسم الماضي، تمت الموافقة على قيد أربعة لاعبين أجانب دون شروط، وأشار قرار الاتحاد حينها إلى أن هذا العدد سيقل مع بدء الموسم الجديد، لكن أتى قرار اللجنة الثلاثية، بزيادة عدد اللاعبين الأجانب إلى خمسة، ضاربا بوعد اللجنة السابقة عرض الحائط.

ورغم قرارات اتحاد الكرة بزيادة عدد الأجانب في المواسم الماضية، استمرت أزمات القيد بالفرق المصرية، وكان آخرها أزمة النادي الأهلي مع اللاعب الأنغولي، جيرالدو دا كوستا، في نهاية الموسم الماضي، إذ كان النادي الأحمر يعتمد على سياسة واضحة في الانتقالات وهي قدوم محترف يعني خروج آخر، ومع التعاقد مع والتر بواليا، وقع الاختيار على جيرالدو للرحيل عن الفريق، ليرفض الأخير، ويواجه الأهلي “أزمة قيد الأجانب”.

ومع رفض جيرالدو للعروض المقدمة له، وعلى رأسها عرض الصفاقسي التونسي، فسخ الأهلي تعاقده مع اللاعب، نظير الحصول على مبلغ 300 ألف دولار، وفقا لما أوضحه المتحدث الإعلامي للنادي الأهلي، جمال جبر، في تصريحات سابقة لموقع “سكاي نيوز عربية”، والنتيجة كانت عدم الاستفادة ماديا من خروج الأنغولي من الفريق، بل التعرض لخسارة مالية.

ويقول الناقد الرياضي، محمد علاء إن قرارات اتحاد الكرة باختلاف الإدارات، لا تبنى على أساس هدف واضح، أو يتعلق بمشروع يخص كرة القدم المصريـة، بل إن كل إدارة تهدم خطط الإدارة التي تسبقها، والنتيجة هي سلسلة من القرارات العشوائية ذات نظرة قصيرة المدى.

ويضيف علاء لموقع “سكاي نيوز عربية”: “قرار اتحاد الكرة بزيادة اللاعبين الأجانب مع إلغاء بند لاعبي شمال إفريقيا، هو الأنسب حاليا لوضع الفرق المصرية، وعلى رأسها الأهلي والزمالك”.

كما أوضح علاء أن التناقض بين قراري اللجنة السابقة واللجنة الثلاثية فيما يخص اللاعبين الأجانب، وتناقض قرار الاتحاد الأخير، بزيادة عدد اللاعبين الأجانب، مع التحفظ على عودة الحراس غير المحليين يعكس أن القرارات لا تؤخذ وفقا لرؤى واضحة، يسعى اتحاد الكرة لتنفيذها.

ويؤكد الناقد الرياضي أن الهدف الأساسي من وجود الأجانب في أي دوري بالعالم، هو زيادة قوة المسابقة، وبالتالي زيادة مستوى اللاعبين المحليين، لذا فإن قرار الاتحاد يصب في مصلحة الدوري المصري الممتاز، ومنتخب الفراعنة لكن على المدى البعيد.

ويتابع علاء: “من المفترض أن تكون العلاقة بين وجود الأجانب بالدوري المصري، ومستوى المنتخب الوطني علاقة طردية، لكن السنوات الأخيرة، شهدت كثيرا من الاختيارات الخاطئة للاعبين الأجانب، والنتيجة أن مستوى المسابقة ظل كما هو، وحصل لاعب أجنبي على فرصة غير مستحقة، كان الأولى بها لاعب مصري”.

ويشير الناقد الرياضي إلى أنه من المفترض أن تكون هناك معايير أقوى لاختيار اللاعبين الأجانب قبل شرائهم عن طريق فرق الدوري المصري الممتاز، موضحا: “على المدى البعيد، سيستفيد المنتخب الوطني من هذا القرار، لكن خلال الفترة الحالية، يمكن أن يؤثر القرار على تشكيلة المنتخب فيما يخص بعض المراكز، التي يشغلها في الأغلب أجانب، مثل مركز رأس الحربة، لكن قوام المنتخب الحالي قد اكتمل تقريبا، وتم الاستقرار في الأغلب على العناصر المشاركة في البطولات المقبلة القارية والعالمية، لذا فإن الخسائر لن تكون كبيرة”.

وبيّن علاء أن “الأمر لا يتعلق بوجود اللاعبين الأجانب، لكن بالعمل على جودة اللاعبين المحليين، وهذا يبدأ من مسابقات الناشئين، ومع بدء نيلو فينجادا المدير الفني للاتحاد عمله رسميا خلال الأشهر القليلة الماضية، من المفترض أن تشهد السنوات المقبلة تطورا واضحا في مسابقات ومنتخبات الناشئين وحينها سيكون لدى الفرق لاعبين أصحاب مستوى فني مرتفع”.

ورغم اختلاف النقاد الرياضيين حول جودة اللاعبين الأجانب بالدوري المصري الممتاز، أو سياسة الانتقالات في الأندية المصرية بشكل عام، جاءت الأرقام لتثبت أن الأزمة لا تتعلق بحجم الإنفاق مطلقا.

ففي بداية العام الجاري، أصدر الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” تقريره السنوي عن الفرق الأكثر إنفاقا في سوق الانتقالات خلال عام 2020، الذي شهد تعرض عديد من الأندية لأزمات مالية، في ظل جائحة كورونا.

وشهد التقرير تصدر ثلاث فرق مصرية لقائمة أكثر 10 فرق إنفاقا لتدعيم صفوفها بالصفقات بإفريقيا، حيث أتى النادي الأهلي في الصدارة، وفي مركز الوصافة جاء نادي بيراميدز، بينما احتل المركز الثالث نادي وادي دجلة، وبالمركز السابع، جاء الوافد الجديد إلى الدوري المصري الممتاز سيراميكا كليوباترا.

وفي عام 2019، لم يختلف الوضع كثيرا، حيث أنفقت الفرق المصرية 33.7 مليون دولار، لتحتل المرتبة رقم 24 عالميا وهي أكثر فرق القارة السمراء إنفاقا في الصفقات وبعدها تأتي فرق تونس بـ 2.9 مليون دولار في المركز السادس والأربعين.

وحصلت الفرق المصرية على 17.5 مليون دولار من بيع عقود لاعبيها في 2019، لتأتي في المركز 39 عالميا والأول إفريقيا، لتشير لغة الأرقام إلى إنفاق الفرق المصرية أكثر مما جنته بواقع 16.2 مليون دولار.

ولا تتوقف أزمة “قيد الأجانب” هنا، لكن هناك أبعاد أخرى لا يمكن إغفالها، وعلى رأسها اختلاف لوائح القيد بالقارة السمراء.

وتختلف لوائح قيد اللاعبين الأجانب داخل القارة الإفريقية، فكل بلد لديه لائحته الخاصة، فعلى سبيل المثال، تقضي اللوائح في الدوري التونسي باعتبار لاعبي بلدان شمال إفريقيا (المغرب، الجزائر، ليبيا، مصر) بأنهم لاعبين محليين، وبإمكان كل ناد قيد 5 لاعبين من دول شمال إفريقيا كحد أقصى، بالإضافة إلى 3 لاعبين أجانب.

وفي المغرب، يتم اعتبار لاعبي بلدان شمال إفريقيا لاعبين محليين، بالإضافة إلى حق كل ناد فى التعاقد مع 7 لاعبين أجانب، على ألا يتواجد في الملعب أكثر من أربعة لاعبين، وإذا فضل المدرب إشراك لاعب خامس يكون على حساب أحد اللاعبين الأربعة المتواجدين في الملعب.

ويحق في الدوري الجزائري، لكل نادي لاعبين أجنبيين فقط، على ألا يتعدى عمرهما ثلاثين عاما، كما يتم اعتبار لاعبي شمال إفريقيا لاعبين محليين.

ووسط هذا الاختلاف يبرز السؤال الأهم: متى تخضع القارة الإفريقية لقانون يشبه “بوسمان”؟

قبل نحو ثلاثين عاما، وتحديدا عام 1990، قاد اللاعب البلجيكي جان مارك بوسمان ثورة استمرت لخمس سنوات وتسببت في تغيير ملامح الكرة تماما وذلك بعد أن كان وراء صدور قانون “بوسمان”، الذي كانت إحدى نتائجه اعتبار لاعبي القارة الأوروبية لاعبين محليين في أي دوري أوروبي.

وبدأ من حينها الاستقرار على نظام لقيد الأجانب بالقارة ككل، حيث أتاح وجود أربعة لاعبين من خارج القارة مع كل فريق.

وحول أهمية هذا القانون، يقول الناقد الرياضي، محمد طلبة، إن اختلاف لوائح قيد اللاعبين الأجانب داخل القارة السمراء يقلل من تساوي حظوظ الفرق المشاركة بالبطولات الإفريقية المختلفة.

وتساءل طلبة في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” أن: “فريقا يملك في صفوفه ثلاثة لاعبين أجانب، يواجه فريقا يملك سبعة لاعبين أجانب، ويتنافسان على نفس اللقب القاري، هل يعقل هذا؟!”.

وأشار طلبة إلى أنه من الأفضل للجميع أن تكون هناك لائحة موحدة متفق عليها من قبل مختلف فرق القارة فيما يخص قيد اللاعبين الأجانب، بما يناسب الحفاظ على قوة المسابقات القارية، حتى تستطيع أن تنافس البطولات الأخرى.

واسترسل قائلا: “الجميع يبحث عن متعة كرة القدم، مهما كان مصدرها، والدوري السعودي خير مثال على ذلك، بعد تطور بطولة الدوري بالسنوات الأخيرة، أصبحت هناك بعض المباريات تحظى بنسب مشاهدة أعلى من الطبيعي، لذا في حالة أخذ خطوات واضحة لتطوير المسابقات الإفريقية، هذا سيزيد من قيمتها، ويعود بالنفع على الفرق المشاركة بتلك البطولات، نظرا لزيادة قيمة حقوق البث والإعلانات”.

واختتم طلبة تصريحاته مشيرا إلى أن الخطوات الأولى لرئيس “الكاف” الجديد باتريس موتسيبي، توضح أنه يسعى لتطوير مسابقات كرة القدم داخل القارة، وأكبر دليل على ذلك هو مشروع “دوري السوبر الإفريقي”، لذا ربما تشهد السنوات المقبلة لوائح موحدة تدير المسابقات المحلية في مختلف دول القارة السمراء.