وع/ دراسة دولية تكشف عن إخفاء “الأنظمة المستبدة” الأرقام الحقيقية لوفيات كورونا

واع/ بغداد/متابعة

كشف دراسة علمية، يوم الاحد، ان الانظمة الاستبدادية لا تعلن عن الأعداد الحقيقية للوفيات بفيروس كورونا، مؤكدة ان هناك فجوة كبيرة بين الأرقام الرسمية المعلنة والأرقام الفعلية تصل إلى مليون حالة وفاة إضافية.

وبحسب الدراسة التي أجراها العالم ديمتري كوباك من جامعة توبنغن جنوبي ألمانيا، والعالم رييل كارلينسكي من الجامعة العبرية بالقدس، ونشرها موقع WDعربية الألماني، فقد وضع العالمان أكبر قاعدة بيانات للوفيات في العالم تقارن بين الأرقام المعلنة لوفيات كورونا وبيانات الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب في 103 دولة.

ووفقا لقاعدة البيانات للوفيات العالمية التي قام العالمان بنشرها، فإن هناك مليون حالة وفاة إضافية على الأقل خلال الجائحة وهذا دون احتساب البيانات الخاصة بأكثر من 100 دولة لأنها لم تكن متاحة.

تعتيم الدول الاستبدادية

وتؤكد الدراسة أن هناك “فجوة كبيرة” في أرقام الوفيات بين الدول الاستبدادية والديمقراطية، إذ أن النمسا وبلجيكا وألمانيا وفرنسا كانت دقيقة نسبيا في الارقام التي أعلنتها عن وفيات كورونا، ما يعني أن نسبة عدم الاحتساب بشكل دقيق وصلت إلى أقل من 1% بين النسبة المعلنة والنسبة الفعلية.

وعلى النقيض، فإن الدراسة كشفت عن نسبة عدم الاحتساب بشكل دقيق كانت أعلى في الدول غير الديمقراطية مثل طاجيكستان (100)، ونيكاراغوا (51)، وأوزبكستان (31)، وبيلاروسيا (14)، ومصر (13).

ففي مصر على سبيل المثال بلغت نسبة عدم الاحتساب بشكل غير دقيق 13، إذ أُعلن رسميا عن تسجيل حوالي 6600 حالة وفاة بحلول نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي في حين وصل معدل الوفيات الحقيقي عند 87 ألف.

وترى ماريا جوسوا – الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في المعهد الألماني للدراسات العالمية والمناطقية (GIGA) ومقره هامبورغ، أن “الشفافية ليست بشكل عام موضع اهتمام في الأنظمة الاستبدادية على عكس الحال في الأنظمة الديمقراطية. وذلك نظرا إلى افتقاد المساءلة”.

وأضافت “من الإنصاف أن نفترض أن الكثير من الإحصاءات التي أُجريت في الأنظمة الاستبدادية قد تم تحريفها، بغض النظر إذا كانت هذه الإحصائيات تتعلق بمعدل البطالة أو معدل الوفيات أو معدلات الوفيات الزائدة. وتعد مصر مثالا صارخا بشكل خاص فيما يتعلق بمعدل الوفيات المرتفع للغاية وعملية التستر الكبيرة على ذلك”.

مصر موضع شك

وفيما يتعلق بمصر، قال رييل كارلينسكي إن مصر “تمتلك نظامًا قويًا للتسجيل الحيوي”، مشيرا إلى أن الفارق المرتفع بين النسبة الرسمية المعلنة والنسبة الفعلية في مصر والذي وصل إلى 13 يمكن إرجاعه إلى سوء تقدير متعمد فضلا عن محاولة من السلطات لخفض حصيلة الوفيات جراء كورونا.

وفي سياق متصل، قال تيموثي كالداس، الزميل غير المقيم بمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط ومقره واشنطن “لطالما تشكك العديد من المراقبين – بما فيهم أنا – في حالة الاحتساب غير الدقيقة لمعدل الإصابات والوفيات جراء كورونا”.

وأضاف “تشير الوفيات الزائدة بين مايو/ أيار ويوليو/ تموز العام الماضي إلى وجود احتساب غير دقيق كان على الأرجح كبيرا. ويبدو أن الحكومة المصرية غير مهتمة بإجراء إحصاء شامل للحالات”.

وبين ان “الأرقام الرسمية تعكس فقط اختبارات (بي. سي. آر) للكشف عن كورونا، التي تقوم بها الحكومة وهي دائما تكون لحالات كورونا الشديدة في المستشفيات الحكومية. أما اختبارات (بي. سي. آر) في المعامل الخاصة في المراكز الصحية الخاصة فهي غير مشمولة في الإحصاء الرسمي”.

  وترى ماريا جوسوا أنه لا يمكن الاستهانة بالتأثير الاقتصادي الذي قد ينجم عن الإعلان عن المزيد من الوفيات خاصة على السياحة التي تعد العمود الفقري لاقتصاد البلاد. وقالت “ببساطة لا يمكن تحمل تبعات خسارة موسم سياحي آخر”.

تباين في الإحصائيات

وأكد العالمان أنه يمكن القول إن عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم جراء وباء كورونا أكثر من الحصيلة العالمية الرسمية لمنظمة الصحة العالمية.

وقال كارلينسكي “يساورني شعور متباين بين الأمل والخوف في نفس الوقت”، موضحا حالة التباين هذه بقوله إنه يأمل في أن تأخذ الدول نتائج الدراسة على محمل الجد وتشرع في إعادة النظر في حصيلة الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا.

واستشهد كارلينسكي بما قامت به بيرو، إذ عملت على تحديث حصيلة الوفيات الناجمة عن وباء كورونا من 69 ألفا إلى 180 ألفا.

لكنه قال إنه يخشى “في أن تبدأ الدول التي تعد إلى حد ما استبدادية وحاولت في الماضي التقليل من تفشي الوباء، في التلاعب بالبيانات التي خلصت إليها الدراسة”.

ويخشى أن تكون تركيا قد سلكت هذا النهج، إذ كان من المفترض أن تنشر تركيا بياناتها الشهرية للوفيات الناجمة عن جميع الأسباب لعام 2020 في نهاية يونيو/ حزيران 2021. لكن انتهى بها الأمر بتأجيل الموعد إلى أجل غير مسمى بسبب صعوبات غير مبررة.

وأضاف “أتواصل مع باحثين في تركيا وهناك بعض التقديرات عن وفيات زائدة في إسطنبول والمدن الكبرى الأخرى. وربما يكون الأمر كبيرا جدا”.

وقالت المنظمة في تقرير اطلعت عليه وكالة شفق نيوز، إن حصيلة الوفيات العالمية الرسمية “يتم احتسابها بشكل غير دقيق” لتبدو منخفضة، بمعنى أنه يتم تسجيل أرقام أقل من الأرقام الفعلية لإجمالي الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

ومنذ انتشار وباء كورونا وحتى الآن، أعلنت الدول رسميا عن 4.27 مليون حالة وفاة جراء الفيروس، إلا أنه وكما يشتبه الكثيرون فإن هذه الحصيلة المعلنة لا تتسم بالدقة بشكل كبير.

بيد أن الأسباب وراء ذلك متباينة إذ يعتمد الأمر على الوضع السياسي أو الرغبة في نشر البيانات على الإطلاق.

وأكدت المنظمة أن “العديد من الدول ما تزال تفتقد إلى أنظمة فعالة للتسجيل المدني والإحصاءات الحيوية التي بمقدورها العمل لتقديم بيانات دقيقة وشاملة وحسنة التوقيت بشأن الوفيات والمواليد وأسباب الوفاة”.