واع / بين الإبادة الجماعية والمواطنة العالمية / اراء حرة/ د. محمد وليد صالح أكاديمي وكاتب عراقي

مرّ علينا اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا جرائم الإبادة الجماعية، وقد تزامن مع الذكرى الرابعة لإعلان النصر على تنظيم داعش الإرهابي، إذ يهدف ذلك إلى زيادة الوعي باتفاقية منع الإبادة الجماعية والإحتفاء بدورها في مكافحة هذه الجريمة ومنع التحريض عليها، بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وأجمعت الدول الأعضاء الـ(193) على ان تأخذ كل دولة على عاتقها حماية سكانها من الإبادة الجماعية.
لابد من توظيف مناهج العلوم الإنسانية والاجتماعية في بلورة فلسفة الإعتراف التي تعد معالجة نفسية لآثار الإبادة الجماعية سواء أكانت السياسية أم المجتمعية لتأسيس تعايش وسلام دائمين، ونبذ جميع أشكال التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب ضمن استراتيجية مستشارية الأمن القومي، فضلاً عن انبعاث حالة التفاؤل والشعور بالطمأنينة وقناعة بجدوى الحوار والتواصل بين المكونات المختلفة بصرف النظر عن العرق واللغة والدين والمذهب، ولا يخفى عليكم آثار الإبادات المتعددة التي تعرض لها شعبنا العراقي من الأنظمة الدكتاتورية والتنظيمات الإرهابية، وامتداد الذاكرة من الأنفال والأهوار إلى حلبجة وسنجار.
وعلى الرغم من كثرتها إلا ان التأريخ الإنساني لم يُشر إلا إلى مجازر الإبادة الجماعية في القرن العشرين التي ارتكبتها الدول على المستويين الداخلي والخارجي، بوصفها تدمير متعمد والمنهجي لمجموعة من الناس بسبب عرقهم أو جنسيتهم أو دينهم أو أصلهم.
ان سعي كرسي اليونسكو في كلية الآداب بجامعة بغداد لدراسات منع الإبادة الجماعية في العالم الإسلامي بوساطة المؤتمر العلمي الدولي، الذي قدّم فيه باحثين في الجامعات العراقية والعربية والعالمية مقترحاتهم البحثية ورؤاهم، إلى ترسيخ بناء السلام وتحويل الصراع على وفق فلسفة الإعتراف وأسسه الثقافية والحوار والتعددية والتسامح بين مكونات المجتمع الدينية والمذهبية والقومية لما لها من أثر في خدمة المجتمع وتماسكه وانتمائه لهوية حضارية، فضلاً عن امتزاج مشتركاته النفسية والتأريخية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
إذ يأتي مع الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الدولة العراقية الحديثة، من أجل التفكير معاً من أجل تنمية الإنسان والمجتمع، ولما كان العالم يزداد ترابطاً أصبح التعليم من أجل المواطنة العالمية، لضمان تمكين المتعلمين أياً كانت أعمارهم من فهم أن هذه التحديات إنما تتسم بطابع عالمي وليست مجرد قضايا محلية، ولابد من ترويجها على نحو فعّال لإرساء أسس مجتمعات أكثر سلاماً وتسامحاً وشموليةً وأمناً، لترسيخ القيم والاتجاهات والسلوكيات الداعمة ومنها الإبداع والابتكار ومنع انتهاكات حقوق الإنسان وأوجه عدم المساواة والفقر والتنمية المستدامة.