واع / تصدير الغاز أزمة تتجدّد في كردستان … تطلعات الإقليم وأمنه على المحك

واع / متابعة

أدى الانقسام بين “الحزب الديموقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني الكردستاني” في إقليم كردستان العراق إلى عرقلة تصدير الغاز، بعدما أشار رئيس وزراء الإقليم مسرور برزاني إلى “إمكانية تصدير الغاز من الإقليم كبديل للإمدادات الروسية”.

 بدوره، قال رئيس “الاتحاد الوطني الكردستاني” بافل طالباني لـ”رويترز”: “إذا كنا حكومة ائتلافية، فيجب أن نقرر الأمور معًا”.

 إلى ذلك، أكدت حكومة إقليم كردستان، التي يقودها “الديموقراطي الكردستاني”، أنها “تريد استخدام موارد النفط والغاز لمصلحة الجميع”.

 وينتج أكبر حقلين للغاز في العراق، خور مور وجمجمال، حوالي 450 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميًا ويقعان في أراضي “الاتحاد الوطني الكردستاني”. ولإيصال الغاز إلى الأسواق خارج العراق، فإن أسهل طريق هو الشمال إلى تركيا، عبر الأراضي التي يسيطر عليها “الحزب الديمقراطي الكردستاني”.

 ويمتلك “كونسورتيوم بيرل”، المملوك بنسبة الأغلبية لكل من “دانة غاز” المدرجة في أبوظبي وشركة “نفط الهلال” التابعة لها، الحق في استغلال الحقلين. ويخطط الكونسورتيوم لزيادة الإنتاج إلى أكثر من الضعفين إلى نحو مليار قدم مكعبة يوميا في السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يكفي لتغطية الاحتياجات المحلية. ومع وجود احتياطات مؤكدة تقدر بنحو 15 تريليون قدم مكعبة، يمكن أن يرتفع الإنتاج إلى 1.5 مليار قدم مكعبة يومياً، مما يترك كمية كبيرة متاحة للتصدير.

 وفي العام الماضي، وقعت حكومة الإقليم بقيادة الحزب الديموقراطي عقدًا مع شركة الطاقة المحلية “كار غروب” لمد خط أنابيب للغاز من الحقول إلى عاصمة الإقليم أربيل ومدينة دهوك في الشمال، قرب الحدود التركية. وبمجرد وصول خط الأنابيب إلى دهوك، يمكن بسهولة تمديده لبضعة كيلومترات أخرى ليصل إلى تركيا، مما يمهد الطريق لتصدير الغاز إلى أوروبا.

 بدوره، أعلن مسؤول كبير في “كار غروب” أنها “وقعت عقدًا مع وزارة الموارد الطبيعية بالإقليم في كانون الأول (ديسمبر) 2021 لتحديث ومد شبكة أنابيب الغاز إلى دهوك”.

لكن طالباني اشتكى من أن الحزب الديموقراطي استبعد حزبه من المحادثات، ومن عدم وجود عملية مناقصة أو شفافية حول كيفية منح “كار غروب” عقد بناء خط الأنابيب.

 كما عرقل “حزب الاتحاد الوطني” حتى المرحلة الأولى من التوسعة التي تهدف إلى خدمة السوق المحلية، بعدما منع الفنيين من دخول حقول الغاز في المناطق الواقعة تحت سيطرته.

 ومما يقوّض خطط التصدير أيضًا موقف إيران، التي لها نفوذ كبير على جارتها. وكشف بعض المحللين عن أنها “تعارض مشروعًا قد يقوض نفوذها في المنطقة”، إلا أن وزارة الخارجية الإيرانية لم ترد على طلب للتعليق.

 ويأتي الحديث عن الصادرات على الرغم من أن إقليم كردستان يواجه صعوبة لإنتاج ما يكفي من الكهرباء. ومن بين 13 محطة للكهرباء في كردستان، هناك خمس محطات تعمل بالغاز، وتعمل فقط بحوالي 50 إلى 70 بالمئة من طاقتها بسبب النقص. وانقطاع الكهرباء أمر شائع، مما يعني أن الأولوية العاجلة ستكون على الأرجح للتوسّع المحلي.

وفي الشهر الماضي، زار رئيس كردستان، وابن عم مسرور  بارزاني، نيجيرفان برزاني السليمانية والتقى بكبار مسؤولي “الاتحاد الوطني الكردستاني”، وهو أول اجتماع رفيع المستوى يشارك فيه الجانبان منذ شهور. وعقدت اجتماعات عدة أخرى في أعقاب الزيارة ناقش خلالها القادة الأمن والانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في تشرين الأول (أكتوبر).

وفي ما يتعلق بالصادرات، لم يُبرم أي اتفاق مع تركيا حتى الآن، بحسب ما ذكره مسؤولون أكراد. ولم ترد الحكومة التركية على طلب للتعليق.

 غير أن رحلات برزاني إلى الخارج، والتي شملت زيارة إسطنبول حيث طُرحت قضية الغاز، أزعجت “الاتحاد الوطني الكردستاني”، وفقاً لثلاثة مسؤولين، وصف أحدهم العلاقة بين الحزبين الكرديين بأنها “زواج سيئ للغاية”.

 وعندما أُبلغ قائمقام منطقة جمجمال التي يسيطر عليها “الاتحاد الوطني الكردستاني” في كانون الثاني (يناير) أن الحكومة منحت “كار غروب” عقدًا لتوسعة شبكة خطوط الأنابيب المحلية، لفت مصدر مطلع إلى أن “هذه كانت المرة الأولى التي يتم فيها إبلاغ الحزب رسميًا”.

 ونتيجة لذلك، عرقل “الاتحاد الوطني الكردستاني” الخطة، مشيرًا إلى أن “الحزب يريد أن يكون شريكًا في القرار في جميع الأمور المتعلقة بالغاز، في مسعى لتجنب ما يعتبره أخطاء الماضي”

وبدأ إقليم كردستان مبيعات النفط المباشرة إلى الأسواق العالمية في منتصف عام 2015 بعدما اتهم الحكومة المركزية في بغداد بحرمان الإقليم من الأموال لدفع رواتب الموظفين العموميين والجيش، رغم أنه كان له دور فعال في هزيمة “داعش”.

وتأتي معظم إيرادات حكومة كردستان من تلك الصادرات النفطية، والتي يتهم |حزب الاتحاد الوطني| أن “الحكومة التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي تُوزعها بشكل غير عادل بين المحافظات”. ولم يرد الحزب الديمقراطي على طلب للتعليق على هذه القضية.

 وشدد طالباني على أن “الغاز لن يخرج من كردستان بالطريقة التي يخرج بها النفط، في ظل هذا المستوى من سوء الإدارة وانعدام الشفافية- على جثتي”.

 ويتنافس الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم بزعامة برزاني منذ فترة طويلة على النفوذ مع شريكه الأصغر في الائتلاف الحكومي، الاتحاد الوطني الكردستاني، بقيادة عائلة طالباني.

 ويترك هذا خطط تصدير الغاز الكردستاني عالقة في الوقت الحالي، مما يوجه ضربة لتطلعات الإقليم لزيادة عائدات الطاقة وتقديم دعم صغير للأسواق العالمية التي تكافح لتنويع الإمدادات. ويمكن أن يؤدي المأزق أيضًا إلى تقويض الاستقرار في شمال العراق، حيث تمتلك كل من العائلتين الحاكمتين قوات أمن خاصة بها.