واع/ حملة في مواجهة جفاف غير مسبوق بأهوار العراق/ تقرير

واع/ بغداد/ماجد محمد لعيبي
سُجّلت في مناطق الأهوار جنوبي العراق موجة جفاف غير مسبوقة تسبّبت في هجرات جديدة طاولت مئات الأسر، إلى جانب خسائر في المواشي والمزروعات، الأمر الذي دفع عدداً من العراقيين المهتمين إلى التحرّك، من بينهم ناشطون ومدوّنون عراقيون أطلقوا حملة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان “أنقذوا أهوار العراق”.
والأهوار العراقية التي تتفرّد بها طبيعة هذه البلاد هي مسطّحات مائية ضخمة تستمدّ مياهها من نهرَي دجلة والفرات بشكل رئيس، وتمتد في محافظات ذي قار وميسان والبصرة والمثنّى ومناطق حدودية مع إيران جنوبي وجنوب شرقي البلاد، أمّا أبرزها فأهوار الجبايش والحمّار والشيب والدجيلة، وتضمّ أنواعاً عديدة من الطيور والأسماك والنباتات المائية ونبات القصب والبردي، في حين تعيش حولها آلاف الأسر العراقية على الزراعة وصيد السمك وتربية المواشي.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) قد وافقت في السابع عشر من يوليو/ تموز 2016 على إدراج الأهوار في قائمة التراث العالمي، محميّة طبيعية دولية، بالإضافة إلى مدن أثرية قديمة قريبة منها مثل أور وأريدو والوركاء.
ومنذ مطلع العام الجاري، يضرب الجفاف البلاد، وقد تسبّب فيه تراجع مستويات المياه الواصلة عبر نهرَي دجلة والفرات، نتيجة سياسات مائية لإيران وتركيا، من خلال بناء سدود وتحويل مجرى أنهار فرعية ومنع دخولها العراق. واليوم تبدو أهوار العراق أمام تحدٍّ خطير من أجل البقاء، في ظلّ تفاقم أزمة الجفاف التي يصفها خبراء بأنّها الأكثر قسوة منذ عقود طويلة، إذ تراجعت مناسيب المياه في المسطّحات المائية التي تغطّي مساحات كبيرة من محافظات عدّة، وتُعَدّ مصدر حياة بيئية خصبة تكوّنت حولها تجمّعات سكنية كثيرة من قرى وقصبات مختلفة تضمّ عشرات آلاف العراقيين.
وقد سجّلت الأسابيع الأخيرة نزوح عدد غير قليل من الأسر من مناطق الأهوار بسبب الجفاف، إذ إنّها تعتمد على تربية الجواميس والمواشي وصيد السمك اللذين تأثّرا بالجفاف، فيما تأثّرت الزراعة بذلك أيضاً.
وأطلق ناشطون عراقيون حملة لحثّ الحكومة على مساعدة أهالي الأهوار، ويستعدّ ناشطون لتنظيم وقفة، مساء اليوم الإثنين في الخامس عشر من أغسطس/ آب، وسط مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، تنديداً بفشل الحكومة في احتواء الأزمة ومساعدة الأهالي المتضرّرين من أزمة الجفاف.
في هذا السياق، رأى الناشط البيئي محمد عباس في تغريدة على موقع تويتر أنّه يتوجّب على الأمم المتحدة التدخّل في مثل هذه “الظروف الخانقة” وحلّ أزمة الأهوار الكبرى، لا سيّما أنّها مدرجة على قائمة التراث العالمي. ووصف عباس الأزمة بأنّها “تقصير سياسي”، في إشارة إلى تعثّر الحكومة العراقية في إكمال مفاوضاتها مع الجانبَين التركي والإيراني، وتحقيق النتائج المرجوّة لرفع كميات المياه الواصلة إلى نهري دجلة والفرات.
وفي وقت سابق، أفاد مقرّر لجنة المياه في البرلمان العراقي النائب عادل المختار بأنّ لجنته “دعت الرئاسات الثلاث إلى استخدام أوراق الضغط على دول الجوار لحملها على الانضمام إلى الاتفاقات والمعاهدات الدولية المختصّة بتوزيع المياه بين الدول”، موضحاً في تصريحات صحافية “ضرورة وضع الحلول لمعالجة الآثار السلبية لانخفاض مناسيب المياه، وأهمّها ارتفاع نسب التلوّث، لا سيّما بالمناطق الوسطى والجنوبية، وزيادة مساحات التصحّر، فضلاً عن اتساع هجرة العوائل، لا سيما من سكنة الأهوار والقرى إلى مراكز المدن”. وأضاف المختار أنّ “أهمّ تلك المعالجات تتضمّن ترشيد استهلاك المياه، من خلال وقف تربية الأسماك، وتغيير منظومات الريّ القديمة للبساتين.