واع / مطلوب مدبّرة منزل / اراء حرة / عبد الهادي مهودر


اصبح منظر اصطحاب مدبرات المنازل الاجنبيات او الخادمات مألوفاً في الأماكن العامة والاسواق والمطاعم والنوادي ، بعد أن كان وجودهن محصوراً بالخدمة داخل المنازل في المناطق الراقية من العاصمة بغداد ، ويمكن اليوم مشاهدة الخادمة الاجنبية السمراء تسير خلف ربة المنزل وتحمل اغراضها او تمسك بطفلها الصغير او تقود كلب العائلة المدلل ، والقضية مبررة في حدود القدرة المالية والحاجة الماسة بسبب الوظيفة او المرض والعجز عن إدارة وتنظيف المنازل الكبيرة ، لكنها مقلقة للغاية عند تحولها الى مظهر ترف ومباهاة وانشغال تام عن تربية الأطفال ، وأغرب منظر شاهدته كان لخادمة تحمل طفلاً صغيراً باكياً خلف والدته التي تحتضن كلبها الابيض الصغير وتلاعبه وتضمه بقوة الى صدرها الحنون من دون اكثراث لصراخ طفلها !
وقريباً جداً ستكثر عناوين بحوث ودراسات طلاب مرحلتي الماجستير والدكتوراه عن الآثار الاجتماعية لإستخدام مدبرات المنازل الاجنبيات لدى العوائل العراقية ، وتتبعها الآثار الاقتصادية ثم الآثار النفسية والتربوية والصحية والقيمية ، وفي السنوات الأخيرة إزدادت أعداد العمال والعاملات الاجانب الوافدين من الدول الآسيوية والافريقية لكونها عمالة رخيصة قياساً بمتطلبات وأجور العامل العراقي الذي لايناسبه العمل في قطاع الخدمة لأسباب اعتبارية واجتماعية ، وسيكون للعمالة الأجنبية آثار سلبية على الوضع الاقتصادي والاجتماعي اذا تجاوزت القوانين والحاجة والحدود المقبولة ، فالاحصائيات المعلنة تشير الى أكثر من مليون عامل اجنبي والرقم مفتوح على كل التوقعات بوجود حالات تهريب الى الداخل دون عقود وتراخيص عمل مما يجعل هؤلاء عبيداً لأرباب العمل بأجورٍ منخفضة الى أدنى حد ، وعلينا أن لانفاجأ إذا ما تفاقمت مشكلة العمالة الاجنبية المنفلتة وانفجرت هذه القنابل الموقوتة التي يقابلها ازدياد أعداد العاطلين عن العمل واستمرار الجامعات الحكومية والأهلية بتخريج آلاف الطلبة دون تقدير لحاجة السوق وتوفير لفرص العمل ، ناهيك عن زيادة أعداد السكان والولادات والتباين الاجتماعي والطبقي ومظاهر الترف والعجز عن إدارة البيوت الكبيرة مقابل ضيق المساكن وصعوبة التنفس الطبيعي في البيوت الصغيرة المنشطرة الى أقل من خمسين متراً مربعاً ، و بلغة الأرقام والاحصائيات والتوقعات والآثار المترتبة عليها فنحن أمام مشكلات مرتقبة واضحة للعيان بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية ، والهروب من حلها ليس حلاً وكل مشكلة ستولّد مشكلة اخرى مالم نستورد العمالة الأجنبية على قدر الحاجة فقط وما لم تكن مدبّرات المنازل على قدر الحاجة الأساسية وليست للأغراض الكمالية ، ومن حقك أن يكون لديك مدبّرة منزل وكلب صغير ، على أن لاتكون مدمرة لمنزلك، وعلى أن يتربى طفلك الصغير في حضن أمه وتضمه بقوة الى صدرها الحنون