واع / بعد التحية..شكراً وزارة الصحة..شكراً هيئة النزاهة…لكن/ اراء حرة / حسين فوزي
كما ان من حق المراقب والصحفي الانتقاد البناء، فأن الواجب يستدعي الإشادة بأية خطوات إيجابية أو منجزات.
وفي هذا السياق فوجئت عند زيارة المركز الصحفي في مجمع حي السلام السكني بأن ضوابط الوزارة تستدعي فتح ملف طبي لكل مواطن يراجع، ويبدأ هذا الملف بإجراء فحص لمستوى السكر وضغط الدم، وبعض الفحوصات الأخرى، على ان تسجل كل الفحوصات والعلاجات اللاحقة.
وهذه خطوة طيبة تطرأ على مؤسستنا الطبية العامة.
لكن الملاحظات التي ينبغي على الوزارة ملاحظتها:
تجمع عدد من منتسبي المراكز الصحية والمستشفيات للدردشة، وهذا يؤكد وجود بطالة مقنعة، مع أن هناك العديد من المناطق محرومة من الخدمات الطبية بالمستوى الذي تطمح له الوزارة وفق توصيفاتها الإيجابية المحدثة.
غياب الخصوصية في معالجة المرضى، حيث يستقبل الطبيب أكثر من مراجع في الوقت نفسه، ولوجود طبيبين أو أكثر في الغرفة الواحدة، فأن عدد المرضى يكون 4 مواطنين، إن لم يكن أكثر، واظن هذا انتهاكاً لمبدأ الخصوصية، كما أنه يعني عدم تكريس الوقت الضروري لتفهم حالة المريض والاطلاع على الجوانب الضرورية الأخرى لتشخيص شامل للعلاج الأفضل. معالجة هذا تتحقق بإقامة قواطع بسيطة لحفظ خصوصية المريض.
ميل بعض منتسبي المؤسسات الصحية إلى مخاطبة بعضهم بأصوات عالية، بل انهم ينادون على بعضهم ويتحادثون من على مسافة أكثر من 5 أمتار، فيما المعايير الاجتماعية المتحضرة عموماً تستدعي الا تزيد المسافة بين المتحادثين عن 3 أمتار كحد اعلى، ناهيك عن حرمة المؤسسات العامة والخاصة عموماً في تجنب الضوضاء عموماً، والمؤسسات الصحية خصوصاً، تستدعي ألا يكون هناك أي صوت مرتفع لتوفير بيئة مطمئنة للمرضى، فما بالك ومثل هذه المحادثات بين الشباب بأصواتهم “الرجولية” المرتفعة.
تستمر حالة شحة بعض الادوية في المؤسسات العامة، مما يلجأ المريض إلى الصيدليات الخاصة للحصول عليها، وهي حالة مفهومة، نتوقع أن تتم معالجتها تدريجياً من خلال جهود الارتقاء بالخدمات الطبية العامة من جهة، ودراسة سبل تمويل هذه الخدمات بحيث يكون المواطن طرفاً فيها، سواء من خلال نظام التأمين الاجتماعي والصحي، الذي كان السيد محمد شياع السوداني، رئيس مجلس الوزراء حالياً، قد طرحه عندما تولى حقيبة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
من ناحية أخرى فأن وزارة الصحة تتحدث بشيء من الفخر، وهذا من حقها، “عن وجود 28 مصنع وطني، منها 24 للأدوية، و4 للمستلزمات الطبية، وإنتاج للأدوية السرطانية عبر مصنعين، مبينة أن الأدوية المصنعة في داخل العراق تشكل نسبة 35% من حاجة السوق العراقية.”
لكن المؤسف هو ان منتجات هذه المصانع غير متوفرة في الصيدليات، وإن توفرت فهي بأسعار تقارب سعر الادوية المنتجة في المصانع “الغربية”، بكل ما تعنيه من تسعيرة مرتفعة.
إلى جانب أن أسعار الادوية عموماً في الصيدليات باتت مثل “شورجة” الدولار والسكاير خاضعة لمضاربة “دوائية” مع الأسف…وهو امر يستدعي تدخلا من وزارة الصحة ونقابة الصيادلة لمعالجة هذه المضاربة وضمان تسعيرة عادلة للصيادلة والمرضى.
ملاحقة عصابة نور زهير
كان للمؤتمر الصحفي لرئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون أثر طيب في نفوس المواطنين، حيث وفر درجة كبيرة من الشفافية بشأن عصابة سرقة القرن وواجهتها المتهم الرئيس السيد نور زهير.
وكشف أن الهيئة تتابع قضية أكثر من 3 ترليون و73 مليار و655 مليون دينار عراقي، استرد جزء رئيس منها، بجانب 776 مليون دولار كذلك استرد بعضها، وأكثر من 30 عقار متميز قيمتها مليارات الدنانير.
وطرح القاضي حنون قضايا جوهرية في الفقه الدستوري والقانون ضمن العوامل الضامنة لمحاربة الفساد والوقاية منه، في مقدمتها ضرورة تعميق مبدأ ” ان الجميع سواسية امام القانون” من حيث المساءلة عن التعامل مع المال العام، سواء بالاختلاس أو سوء الإدارة.
أما القضية المهمة الثانية الجوهرية فهي تأكيده الأهمية الكبرى لحق المواطن في المعلومة، وتعميق دور الإعلام الرقابي من خلال ضمان الوصول للمعلومة.
واعتقد جازماً أن المواطنين قد أثلج صدورهم جهد هيئة النزاهة في ملاحقة عصابة سرقة القرن والجرائم الاخرى، بجانب الاهتمام بدور حرية تداول المعلومة في ترسيخ حق المساءلة الوطنية لأي شخص بغض النظر عن موقعه الوظيفي أو حسبه ونسبه أو الجهة “الراعية” له.
وما طرحه القاضي حنون يؤشر ان الجهد الكبير مهما بلغ في ملاحقة الفساد، يظل مثل نقل الماء بالمنخل، ما لم:
يتم تكليف المواطن بالوظيفة العامة على أساس الكفاءة العلمية والخبرة والنزاهة، بغض النظر عن طائفته وجهته ومعتقده والقوى السياسية الداعمة له.
ضرورة كف المكاتب الإعلامية في مؤسسات الدولة عن كيل المديح للمسؤولين، وتسليط الضوء على المنجزات الملبية لحاجة الشعب وبناء مستقبل أفضل معيشياً وعلمياً وصحياً وثقافياً وخدمياً.
إنهاء حالة الحواجز بوجه حراك الإعلام للحصول على المعلومة بذريعة استحصال “الموافقات الأصولية”، مما يلجم حرية تداول المعلومة، بالطبع عدا ما يتعلق بالأمن الوطني، الذي بدوره لا يجوز أن يكون حجة للحجب، بقدر ما هو جزء من حماية الحريات، ضمنها تداول المعلومة.
تحية من القلب لكل جهد مخلص ووفق الله العاملين من اجل بناء عراق يحمي حاضر ومستقبل المواطنين.