واع / المطرب الكبير حسين نعمة لـ ( واع) :الاغنية العراقية القديمة وبالأخص السبعينية تتميز بعذوبة لحنها وجمال كلماتها … !


وكالة انباء الاعلام العراقي ( واع) / حــوار خالد النجار / بغداد
الصدفة وحدها اتاحت لي محاورة الفنان الكبير حسين نعمة.. صاحب الحنجرة الذهبية الذي أطربنا بعشرات الروائع..منذ انطلاقته في ( نخل السماوة) حيث كنت في زيارة الى منزل زميلتنا ليلى الشمري بسبب مرضها الذي اقعدها الفراش ، ولكنها ايضا استغلت الفرصة واتصلت بالفنان حسين نعمة حيث اجريت معه الحوار الذي يحمل الشجن والعتاب والهموم والزعل لما الت اليه حال الدنيا في زمننا هذا ؟ ومن منا لايتذكر ذلك الشاب ألأسمر ولأول مرة يطل علينا على الشاشة الفضية وهو يغرد ويقول :نخل السماوة أيكَول طرتني سمرة سعف وكرب ظليت مابيه تمرة..واستذكرنا معها اغنية يانجمة للشاعركاظم الركابي والحان الفنان الكبيركوكب حمزة ؟؟..ولاننسى ايضا مايحمله هذا الفنان الطيب القلب بتعابير اغانيه الجميلة،،ومن حيث انطلق صوت رواد الغناء الريفي انذاك من الناصرية،، ومنهم داخل حسن وحضيري ابوعزيز وناصر حكيم. وقد لعبت هذه المدينة دورا ملحوظا في تطور الاغنية العراقية. فبالاضافة الى جيل الرواد للغناء الريفي هناك المطرب جبار ونيسة، وخضير مفطورة، كما برز جيل اخر يحمل نفس النبرة الريفية الحزينة مع فارق التجديد في الاغنية، ويقف في طليعتهم الفنان حسين نعمة.
مراسل وكالة انباء الاعلام العراقي ـ واع بدا الحوارمع الفنان حسين نعمة حيث قال : ارحب بكم وبوكالتكم الاخبارية ،وانا اجول في متاهات الاحداث ( الحلوة والمرة !) واقول انا حسين نعمة وتاثرت كثيرا بطبيعة مدينتي الريفية الرائعة الناصرية وبالاخص اغاني ابناء الاهوار، الذين اعتادوا الذهاب لصيد السمك ليلا يغنون حتى الفجر، وكان غناؤهم اشبه بالنواح الذي يصل احيانا الى حد البكاء ويطلقون ابيات الابوذية حتى ذهب احد الباحثين في الفلكور الشعبي الى القول بان كلمة ابوذية هي في الاصل (أبو أذية)؟! وبصراحة كنت انهل من هذا التراث الفني فجمعت بين الريف والمدينة او ماسمي بالحداثة في الاغنية العراقية.. وبعد مامر به العراق منذ احداث العام 2003 سيئة الصيت وبظروف صعبة !!؟والانشطة الغنائية والفنية بشكل عام في عموم العراق والذي اضطرني الى ترك الغناء واتجهت الى فنون ادبية مختلفة من كتابة الشعر والرسم والفن التشكيلي الذي كنت امارسه..
(واع ) من خلال الاربعين سنة من عمرك الفني،هل فكرت في أن تلحن اغانيك شخصيا؟ يقول: نعم لحنت قليلا ،ولكنني مع الاختصاص، لحنت اغنية (نخل السماوة) وهناك الكثيرون لا يصدقون هذا ، وهناك من يقول إن ملحنها هو المطرب ناصر حكيم ، لكن ناصر حكيم غنى اغنية (ناصر حكيم يقول حلوة السماوة) ، وقد ناقشته الله يرحمه في هذا وقال لي انا قلت قبلك نخل السماوة ، فقلت له انا اتحدث عن اللحن فضلاً عن الكلمات ، ففي اغنيتي (نخل السماوة يقول طرتني سمرة) ، لكنه يصر على انه ذكر اسم السماوة قبلي ، كما لحنت اغنية (سبتني الحلوة البنية) ، ولحنت (يا حلم الما يمر بعين) وعندما كنت مدرس موسيقي لحنت اوبريت اسمه (هيلة وهلي) ولكنني وجدت نفسي لا امتلك المقدرة أن اكون ملحناً اكاديميًا ، فلماذا اورط نفسي ، ويكفي أن هذه الاغنيات نجحت .
وماذا تقول عن الاغنية العراقية القديمة يؤكد نعمة لـ ( واع) : تعرفون جيدا بان الاغنية العراقية القديمة وبالأخص السبعينية تتميز بعذوبة لحنها الهادئ وجمال كلماتها الشعرية والتي تداعب عادة المشاعر والأحاسيس الانسانية وتختلف تماما عن الاغنية العراقية الحديثة سريعة الايقاع ، وبالرغم من مرور السنين الطوال على عمر بعض الاغاني العراقية القديمة كأغنية ياحريمة وأغنية اعزاز لياس خضر إلا انها ما زالت تسمع في البيوت والمقاهي الشعبية في الناصرية ..
وماذا تقول عن رحيل فنانين وملحنين كبار في الوسط الغنائي العراقي ؟ يؤكد ابا علي لـ ( واع) : بصراحة انا اتحدث كانسان ورحيل تلك الاسماء المتصدرة للمشهد الغنائي العراقي يعتبر خسارة كبيرة جدا،للوطن والمجال الابداعي في الغناء والموسيقى والتلحين والطرب بشكل خاص ، وقد خسرنا ايضا كوكب حمزة ومحمد جواد اموري وطالب القرة غولي ومحسن فرحان وكثير من المبدعين اللذين لاتحضرني اسمائهم الان ولايمكن تعويضها ابدا؟
وكيف يجد الفنان حسين نعمة الفن الغنائي بعد احداث العام 2003 ؟يقول ابا علي ( واع) : ان المطربين الشباب الجدد هم اولادنا ومن بيئتنا ومدننا ، وعندما نريد توجه هؤلاء في المجال الغنائي ليس انتقادا او انتقاصا من موهبتهم ولكن من اجل تطوير ذاتهم الفنية نحو الافضل والاحسن في كل خطوة سواء من الكلمات والالحان يفترض بهم ان يقتدون بذلك ولكن ومع الاسف الشديد نرى امتعاض البعض منهم لاية ملاحظة او معلومة لها علاقة بالطرب والغناء بشكل عام ؟؟كما فعلنا نحن عندما كنا شبابا وناخذ بكل ملاحظة صغيرة ام كبيرة ناقدة اوعكس ذلك وانا كنت انموذجا طيبا في ذلك وشاني شان مطرب زمننا المعروفين ومنهم فاضل عواد والراحل ياس خضر رحمه الله ، واستاذي المطرب حميد منصور وسعدون جابر، وانا لااخجل حينما اقول باني كنت اقلد المطرب الراحل داخل حسن وحضيري ابو عزيز واقلد المطرب السوري فهد بلان وعوض دوخي الذي قلدت اغنيته في (صوت السهارى) احدى لجان الفحص وتم قبولي في هذا المجال.
( واع ) ..تسال الفنان حسين نعمة هل كتبت اغاني في السنوات الاخيرة وهل شاركت في عمل غنائي دويتو يقول : بصراحة انا لم اكتب كلمات الاغاني التي اغنيها؟! ولكن يمكن القول انا اتدخل في بعض مفردات الاغاني التي تنسجم مع اللحن والموسيقى والايقاع !وبالنسبة لموضوع الغناء المشترك ( دويتو) نعم بصراحة لم يعرض علي مثل هذه المشاريع .. ولكني ارفض بصراحة كونها لاتنسجم مع ميولي الغنائية فيما لو عرضت علي!! ولايتلائم معي ولاتخدمني اطلاقا.. !!
( واع) .. وهل فكرت في انتاج عمل غنائي حديث لك باللغة العربية الفصحى ؟! يقول: بصراحة انا احب اللغة والقصيدة الفصيحة ولكني اخشى غنائها !؟ واخشى ايضا أن اقلل من قيمتها ، لانني اريد ملحنًا يلحنها بشكل قوي ،ولكن مع خوفي لم اجد قصيدة بالمستوى الذي يجعلني اغامربتقديمها ! وكنت اتمنى أن اغني (بغداد ما اشتبكت عليك الاعصر / الا ذوت ووريق عمرك اخضر) اخاف أن اغنيها ، وقل لي أي ملحن من الممكن أن يلحنها ، فالقضية ليست هينة، هل تعلم .. أنه لا يوجد عراقي غنى اغنية فصيحة وأجاد فيها ؟ لانها مخيفة (قل لمغنيك لا يغني / ينال هذا الغناء مني) هكذا الشاعر يقول ، وهناك قصائد لشاعر مسكين مات مهمشاً مع الاسف (قيس لفتة مراد) وهو القائل (بابك الموصد دوني/ فيه سمرت عيوني/ وعلى عتبته الخضراء تستجدي ظنوني/ يسألوني عنك في هزء ويا ما سألوني/ ولحائي .. كلما عاد لحائي قشروني/ انهم يخشون ظلي ويخافون سكوني/ عيني مسمرة ببابي / الله لو تدري عذابي/ البعض من قلقي او البعض القليل من اضطرابي / تتمخض اللحظات فهي الدهر طرا في حسابي ،وهذه القصيدة ادندن بها مع نفسي فقط ؟
( واع ).. تسال الفنان الطيب ابو علي وماذا عن رغبتكم بالحج الى بيت الله الى مكة المكرمه ، وهل ستقدمون موشحات دينية بعد ذلك ؟ ام لكم رغبة اخرى بعد ان تتحقق امنيتكم ؟ يقول ابو علي لـ (: الله يااستاذ خالد.. واسال الله عزوجل ان يحقق امنيتي لحج بيت الله الحرام باذنه تعالى ..وهو حلم من احلامي..واعتقد بان الغناء ليس حراما! وقد قرات في لقاء صحفي مع الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد رئيس المجودين للقران الكريم عالميا ،حيث قال في احد لقائاته الصحفية حين طرحت عليه الصحفية انذاك بالسوال : هل تستمع ياحضرة الشيخ الى الاغاني المختلفة شخصيا ؟ فاجابها : مؤكدا نعم اسمع الاغاني ولما لا اسمعها؟ مؤكدا لها بانه يستمع للسيدة ام كلثوم مثلا ! كما ازيدك معلومة باني اعزف على العود ايضا ومفيش حرام مثلما تقولين ؟
( واع)..من خلال متابعاتنا لهذا المطرب ألأصيل..قرانا الكثير من التحاليل والكتابات والتقييم ولكن من بين الجميع أعجبنا وصف المرحوم الدكتورهيثم شعوبي (مؤرخ وباحث موسيقي )، لمطربنا الكبير، حيث قال : لقد استطاع الفنان حسين نعمة ان يتقدم اقرانه من الفنانين الذين قدموا من الجنوب الى بغداد في تقديم الاغنية الريفية الحديثة ومن ثم اصبح نجماً في سمائها. والغناء العراقي متنوع الالوان ومنه غناء الريف الذي ينتشر تداوله في مدن العمارة والكوت والديوانية والناصرية والشطرة والحي والسماوة وسوق الشيوخ والمجر وان اهل هذه المناطق ينشدون هذه الاغاني للتخفيف من تعبهم في المزارع وفي ضفاف الانهار وفي المشاحيف وفي البيوت وبعض المقاهي..كمأ استطاع ان يجاري بيئته الجنوبية المفعمة بهذه الاجواء الخلابة والبسيطة ،وبموهبته الفطرية الى جانب صوته الدافئ الممتلئ بالحيوية والتعبير جعله ان يقدم الى بغداد لينافس كبار مطربيها في بداية مسيرته الفنية لما يمتلكه من خزين فطري بيئوي من اغان واطوار لعمالقة الناصرية (حضيري ابو عزيز وداخل حســن وناصر حكيم..
( واع ) اما البطاقة الشخصية للفنان الكبير حسين نعمة تقول: لقد ولد حسين نعمه (عام1944 ) ومن اسرة فنية حيث والده السيد نعمة كان قصابا وله علاقة وطيدة مع رواد الغناء الريفي داخل حسين وناصرحكيم وحضيري ابوعزيز ويجاورهم في حي وسط الناصرية. وكان هؤلاء يقيمون حفلات غنائية مصغرة في بيت والد الفنان حسين نعمة، وقد احب الفنان حسين نعمه تلك الالحان رغم ولعه بالتمثيل المسرحي، وسرعان ما أخذ يقلد الجميع بأطوار الغناء الريفي حتى بدأ يشارك في المناسبات المدرسية والوطنية، ثم بدأ حضوره في العاصمة بغداد حيث دعي الى مهرجانات فنية واحتك هناك بالنخب الفنية القادمة من جميع المحافظات العراقية, وكانت بغداد منطلق شهرته..