واع /الشيخ الدكتور عادل البريهي : أحياء الحضارة الإسلامية، كما أسس لها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة ، هو السبيل الوحيد للوقوف بوجه الحضارة الغربية

– الحضارة الغربية هي امتداد لحضارتها الإسلامية، لكنها اعتمدت النظرة المادية بعيدا عن الدين والأخلاق

واع / بغداد /حاوره / خالد النجار

عندما نتحدث عن الحضارات لابد ان نشير الى تاثير الحضارة الاسلامية على السلوكيات البشرية منذ نشاة الخليقة حتى يومنا هذا ، وتاكيدنا على ذلك امر طبيعي كون الحضارة الاسلامية هي الرائدة والسائدة ،وقد تاثر الغرب فيها ايضا بجوانب عديدة وهي جوانب انسانية واقتصادية وصناعية …الخ  وبلا شك لابد ان نقول ايضا ان الحضارات لابد ان تكون مؤثرة ومتاثرة بالمحيط الذي نعيشه على الارض، ولايمكن ان نشكك في وجودها كعلاقة بين الحضارات،وبعيدا جدا عن الطائفية والتطرف وغيرها من المستجدات العامة في العالم  ولكننا نشير الى هيمنة الآيدلوجيات الغربية بانواعها واشكالها ،مابين الماضي والحاضر، وأن الحضارة الإسلامية في هذا الزمن عليها ان لاتكون ( نسخة منقولة من الحضارة الغربية) حيث كان لعنصرين في هذه الآيدلوجيات دورهما: المركزية الغربية والرؤية العلمانية، وتبعا لذلك ياتي السعي للنيل من الإسلام وحضارته،وانسايته وتهميش دوره في الماضي والحاضر والمستقبل..

  وكالة انباء الاعلام العراقي / واع ، حاورت الشيخ الدكتور عادل البريهي، الذي اصدر كتابين مهمين حول هذا الموضوع ويقدم نفسه على انه يعمل لاقامة مشروع  يتبنى إعادة الأمة الإسلامية لحضارتها الإسلامية لأنها السبيل للوقوف بوجه الغرب   ، ويؤكد على اهمية الحضارة الاسلامية  في تأريخ البشرية والتأكيد على ان الحضارة الغربية اليوم ماهي الا نتاج طبيعي باتصالها بحضارتنا الإسلامية منذ انطلاقتها، ولكنها واعتمدت  النظرة المادية في منأى عن الدين والأخلاق، والتطور ومفاهيمه المزيفة مما كان سببًا في شقاء الإنسانية، وما كثرة حوادث الانتحار والاضطرابات النفسية والانحرافات الخلقية إلا انحدارٌ سحيق وتردٍ عميق في هُوّة فنائية كبرى، وتاثر شبابنا مع الاسف الشديد في متاهات يتنادى في قعرها العقلاء لاستدراك ما فات،ولابد ان نخطوا خطوات جديدة وفعالة ايضا وهي لن تتم مالم يتدارك الاسلام ذلك كي تبقى الحضارة الاسلامية في اوج عطائها الانساني .

* كيف ينظر الشيخ الدكتور البريهي للحضارة الإسلامية متجردة عن السياسة وماهو المختلف الذي جاءت به لنقول انه متقدم على الحضارة الغربية بما تركته من سلبيات على واقعنا العربي والإسلامي؟

_ بصراحة منذ دراستنا للتاريخ ومبادئ الاسلام توصلنا الى نقطة اساسية مهمة جدا الا وهي ان الرسول محمد ( صلى الله عليه وسلم ) بعد ان اسس الحضارة الاسلامية في المدينة المنورة ، كان اهم مميزات هذه الحضارية وركيزتها هو العقيدةٌ التي تحث على العلم، وتحترم العقل، وترعى الخُلق، وتسعى إلى تحقيق المصالح ودرء المفاسد، ورعاية حقوق الإنسان في حفظ دينه ونفسه وعقله وماله وعرضه، وتربية الضمير،لتعلوا معها الروح الإيجابية البناءة، وتحض على التوسط والاعتدال والرفق واليسر والتوازن والعدل والرحمة،

فكان الهدف الاساس من الحضارة الاسلامية هو تثقيف البشرية جمعاء بهذه الاسس والمبادى والقيم ، ولكن ماتبع ذلك من الخلافات الاسلامية والتي خرجت عن اطارها العقلاني حتى وصلت ذروتها الى الحروب والنزاعات والتدمير، بتقديرنا ان ذلك لم يحدث بلا سبب، بل تقف خلفه ( خطة مدعومة خلف الستار من الاحداث)! ومع الاسف الشديد حرفت الكثير من شبابنا الواعي والاسر، ولابد انا ان نبحث ونتابع هذا الموضوع بشكل جاد وفعال، لكي نفهم الطرف الاخر باحقية ومصداقية حضارتنا وقيمها الانسانية والفرق الكبير بينها وبين الحضارة الغربية !؟

*هل نحن امام قصور في المفاهيم جعلنا لانميز بين مايصلنا من الغرب هل هو حضاري ام عمل مخطط له لابعادنا عن قيمنا وحضارتنا الأصيلة؟

– لابد لنا ان نعرف مفهوم الحضارة الغربية بشكل عام وإن المجتمعات بشكل عام لها نظاما وطرق لكي تنظم نفسها وتبني مجتمعاتها وفقا لذلك المفهوم الاسمي وتطوره في كافة مناحي الحياة ومتغيراتها المختلفة ومنها الاقتصادية وبالتالي يكون مؤثرا بسائر المجتمعات الغربية وغيرها ، ولابد ان نفهم الصراع الحقيقي بدا منذ نشاة الخلق والكون وهو الصراع (بين الحق والباطل) وقد اشرت في كتبي التي اصدرتها مؤخرا حول هذا المفهوم او المنظور لواقع الحال، والتي نؤكد فيها بان جبهة الحق هي ماتمثله ( الحضارة الاسلامية) وليس الحضارة الغربية المعروفة للجميع وماتمثله من انحراف بالمسار العام لبناء الانسان الحقيقي الذي يخدم بلده وشعبه بعيدا عن استخدام العالم لتحقيق ماربها وغاياتها الشيطانية والتي باتت معروفة للجميع، وبصراحة فان هذا واقع الامر ولانريد ان نبتعد عنه، لان الحضارة الغربية تمثل جبهة الباطل ضد جبهة الحق التي تمثلها الحضارة الاسلامية، بكون عالمنا هذا لم يشهد حضارة أكثر منها رحمة بالخلق، وسموًا في الخلُق، وعدالة في الحكم على مر الدهور ، ويوم أن سقطت الحضارات الموهومة في مستنقعات المادية، عانت من الأزمات الأخلاقية حتى غرقت في أوحال التمزّق والضياع، فإن أمتنا الإسلامية وحضارتها الخالدة هي الجديرة بإمساك زمام القيادة، وامتطاء صهوة السيادة والريادة على العالم، لان الحضارة الإسلامية حينها لم تتخذ من التقدم الحضاري أداةً لاستغلال الشعوب، واستنزاف خيراتها، وإهدار كرامتها، ولابد ايضا ان يساهم اعلامنا وصحافتنا في ترسيخ المفاهيم الحقيقية للحضارة الاسلامية ..لتخدم قضيتنا واحقيتها لبناء الانسان في العالم .

* ذكرت في احد كتبك التي أصدرتها مؤخرا ان الحضارة في العالم انطلقت من الحضارة الإسلامية؟

– نعم فنشأت الحضارات ومنها الغربية مرتبط بمبدأ التأثر والتأثير، وقد استعنت منهجيا ببعض الأدوات من المنهج التاريخي والتحليلي والنقدي ايضا..واجد بان العدو الحقيقي للحضارة الاسلامية هو الحضارة الغربية بمفاهيمها السوداء العاتمة ، ولابد ان نشير معها ايضا حيث أشرقت شمس حضارتنا والعالم كلُّه تحكمه شريعة الغاب، حتى تردّى إلى عالم الوحوش الكاسرة، فوضعت حضارتنا الضوابط الحربية محرِّمة الحرب للنهب والسلب، وإذلال كرامة الشعوب، وسحق المجتمعات، وجعلت لها غايات نبيلة، منها الدفاع عن عقيدة الأمة وأمن المجتمع وردّ عدوان المعتدين،اذن مفاهيم الحضارة الاسلامية هي الاحق وهي الماضية في تحقيق العدالة والاهداف لكل امم العالم .

*ماهي الرؤية التي تحاول طرحها والتي تجد فيها سبيل العودة لأحياء الحضارة الإسلامية وعودة تأثيرها على المستوى العالمي؟

– لابد لنا ان نوحد الاسلام وتوحيد الامة الاسلامية بعد العودة الى المفاهيم الحقيقية التي اسسها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حيث انطلقت الحضارة الاسلامية من المدينة المنورة كما اشرنا بذلك، وخصائصها ان نوحد الامة الاسلامية تحت هذا العنوان، وهنا أأكد بان العدو الشرس للحضارة الاسلامية هو الغرب وحضارتهم التي دخلت بيئتنا ونتفاعل من اجل علاج تلك الحالة التي اشرنا اليها قي احاديثنا ومنشوراتنا واصداراتنا وان نبعد هذا الجسم الغريب والخبيث عن حضارتنا ومجتمعنا بكل الوسائل والخصائص ، لان الحضارة الغربية لاتمثل مجتمعنا الحقيقي وهي لاتمثل ايضا ( المسيحيين واليهود) بالمناسبة ! وعلى البيئة الاسلامية جمعاء برجالها ومثقفيها وصحفييها والاكادييمن والشباب وشرائح المجتمع الاسلامي برحمته، ان تتوحد من اجل تحقيق ذلك الهدف الاسمى وتوحيد الكلمة للشعوب الاسلامية في العالم ايضا ،وان نضع الخطط الصحيحة في كيفية تحقيق ذلك المطلب، ونبين الخصائص النبوية التي اكد عليها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والتي تعتبر أساس الحضارة الاسلامية برمتها .

*كيف تدعو لإحياء الحضارة الإسلامية في ظل هذا التفكك الذي تعيشه الأمة الإسلامية والتي وصلت إلى حد تكفير بعضنا البعض الآخر، فضلا عن ارتماء البعض في كنف الحضارة الغربية ؟

– ان فكرة القيام بالمشروع الحضاري الإسلامي يجب أن تُخلَص فيه النيات والمقاصد، لكي تتحقق الوحدة الإسلامية ولتصفوا القلوب من غوائل الأحقاد والهوى، وتتربى الأجيال على العلم الشرعي، والتلقي من العلماء الراسخين، وينشغلوا بالمهمات والأوليات، لا بد من إعادة النظر في المواقف والسياسات، وفتح صفحة المحاسبة والمراجعات، حتى يُفوِّت أهل الخير في الأمة الفرصة على المصطادين في الماء العكر، الذين سيقفون أمام مشروع الأمة الحضاري من أولئك المنهزمين المخدوعين ببريق حضارة الغرب حتى سلبتهم الثقة في أنفسهم وأمتهم، ثم أصبحوا متسولين على موائد الغرب الثقافية وأطروحاته الفلسفية، فانبرى بعضهم بأقلام مأجورة للمساس بثوابت الأمة في عقيدتها وأخلاقها، فاهتزت عقيدة الولاء والبراء عندهم، ويجب ان لانسمح للغرب بان يمسوا بثقافة المسلمين ومناهجهم التعليمية الشرعية، فنعقوا بأصوات ببَّغاوية بالتغيير والتبديل، بدعوى التجديد والتطوير، وكثر المفتونون بسامريِّي عصرنا وعجلوهم من الثقافات الوافدة، والأطروحات المغرضة، وفي خِضم هذه الأحداث لابد ان ينطلق صوت الحضارة الاسلامية أرض الرسالة والهداية، وسد الطريق أمام المغرضين المبطلين، لتسير سفينة المجتمع بحضارتها الاسلامية في أجواء آمنة في عالم متلاطم الأمواج، كل ذلك بفضل الله،ورحمته.