واع / رأس الحكمة محبة الله / اراء حرة / بقلم: منتصر الحسناوي
اردد هذا المفهوم دائماً ، بكل حياتنا العملية أو الروحية تظهر تساؤلات حول جوهر العلاقة مع الله: هل يجب أن تكون قائمة على الخوف منه أم على محبته؟
لقد اعتدنا على سماع عبارة “رأس الحكمة مخافة الله”، التي تعبر عن احترام الإنسان لربه ووعيه بجلاله وعظمته. لكن، عند التأمل بعمق، نجد أن محبة الله هي الأساس الأسمى الذي يمكن أن يرتقي بالإنسان إلى أعلى درجات الحكمة.
المحبة، في جوهرها، ليست مجرد شعور عاطفي أو عابر، بل هي حالة من الانجذاب العميق نحو الله، نابعة من إدراك عظمته ورحمته التي تحيط بكل شيء.
هي رغبة في طاعته والقرب منه، لا خوفًا من عقابه، بل شوقًا إلى نوره وفضله.
عندما يدرك الإنسان هذا الحب الإلهي، تتولد في داخله محبة صادقة تجاه الله، تدفعه إلى السعي للاقتراب منه بطاعة القلب والروح، وليس فقط بالجسد أو الكلمات، عندها تكون الطاعة ليست مجرد التزام أو واجب ثقيل، بل عملاً مفعماً بالسعادة والرضا يتجاوز العواقب أو الهروب من العقاب، بل تعكس نضجاً روحياً لغاية الحياة ومعناها. أن يكون الإنسان محباً يكون أكثر رحمة، وأكثر صبراً، وأكثر إقبالاً على الخير، إنها تحرر الإنسان من قيود الأنانية ومن دوامة الخوف المستمر، ليدرك أنه جزء من منظومة حب إلهي شامل.
إن حاجتنا اليوم إلى مفهوم محبة الله تزداد إلحاحاً في عالم مليء بالتوتر والخوف والتباينات، لتصبح المحبة قوة تجمعنا وتعيد إلينا روح الطمأنينة عندما نعيشها ، نستطيع أن نرى الآخرين بعين الرحمة والمغفرة، لتصبح الأخطاء فرصاً للتعلم، والأزمات دروساً للارتقاء، والعلاقات الإنسانية مساحات للعطاء المتبادل.
إن الله نفسه قدم لنا أسمى صور المحبة. ففي الإسلام، نجد وصف الله بأنه “الرحمن الرحيم”، وهي صفات تشير إلى أن محبته لا تعرف حدودًا، وأن رحمته تشمل كل مخلوقاته. وفي النصوص الدينية الأخرى، نجد أن الله يوصف بأنه “محبة” في جوهره. هذا الفهم الإلهي العميق يشجعنا على السعي إلى محبته، لا فقط بالقول، بل بالعمل، بالسلوك، وبالقلب المخلص.