واع / كنيسة القديسة تريزا ( معلم ديني)وحضاري اصيل يتوسط العاصمة بغداد ..!/ تقرير /خالد النجار
العراقيون يعرفون جيدا بان المسيحية تعد ثانية كبرى الديانات في العراق من حيث عدد الأتباع، بعد الإسلام. وهي ديانة مُعترَف بها في الدستور العراقي، الذي يعترف بأربعة عشر طائفة مسيحية يتوزع أبناؤها في شمال العراق ووسطه وجنوبه ، كما تتكلم نسبة عالية منهم اللغة العربية، بجانب اللغات القديمة التي سادت في المنطقة إبان العصور القديمة. ومن أبرز هذه اللغات اللغة السريانية بلهجاتها العديدة..ومن ناحية الأصول التاريخية والجغرافية والمذهبية، ينقسم المسيحيون العراقيون إلى ( 5 اقسام) وهم الكلدان ويشكلون القسم الاكبرمن المسيحيين العراقيين ،وغالبيتهم في مناطق الموصل و(سهل نينوى) وعموم شمال العراق، مثل ( تلكيف والقوش وعينكاوا) ..كما أن لهم حضوراً بارزا في العاصمة بغداد والبصرة.. وهناك ايضا الاشوريين اتباع الكنيسة النسطورية العراقية ، ومن ثم ( السريان الأرثوذكس ـ اليعاقبة) وهم أتباع الكنيسة السورية، ويقطنون مدينة الموصل،ومن ثم ( الارمن ) حيث يعود أصلهم إلى بلاد أرمينيا في منطقة القفقاس التي تقع جغرافياً عند أعالي بلاد النهرين، وينتمي القسم الأكبر من أرمن العراق إلى المذهب الأرثوذكسي..
في جولات مستمرة لي في العاصمة بغداد وفي منطقة السنك حيث لفت انتباهي وجود كنيسة متميزة بعمارتها وبنيانها الجميل الذي يتوسط سوق السنك لبيع الادوات الاحتياطية للسيارات والمكائن والمعدات رغم اني اتجول في هذا السوق منذ سنوات عديد ولم اشهد هذه الكنيسة بسبب اهمالها من قبل الجهات المعنية !! حيث انتشر فيها الباعة والبسطيات والعشوائيات التي طمرت هذا البنيان الجميل لكنيسة ( القديسة تريزا ـ الطفل يسوع) ..وبهذه المناسبة التقينا عدد من الشخصيات الاجتماعية العراقية لتحدثنا عن هذه الكنيسة وكل الكنائس في العاصمة بغداد والمحافظات الاخرى ..الباحث والاكاديمي كمال محي الدين يقول لـ ( واع ) : عندما نتحدث عن اخواننا المسيحيين العراقيين لابد ان نتحدث عن تاريخ العراق وعظمته واصالته لان الاخوة المسحيين ،هم الاصالة والتاريخ في الماضي والحاضر،وهم ملح العراق وتاريخه ومستقبله ، نعم هذه حقيقية لايغفل عنها احد سواء شاء ام ابى ؟! واخواننا المسيحيين هم احبتنا واهلنا ، وهم ليسوا كديانة فقط لانهم اوائل مواطنية منذ زمن ( الحيرة ) هذه المدينة العاصمة المسيحية الواقعة قرب الكوفة ، والتي كانت في دولة المناذرة العرب المسيحيين، الذين استوطنوا بلاد ما بين النهرين وانتجوا حضارته السريانية -الكلدانية – الاشورية المسيحية ، فهم ملح الارض العراقية وعنوان حضارة أكثر من الف عام، لكن الرياح جرت بما لاتشتهي الاقوام العرب المسيحيين ممن تعلقوا بهذه الارض ومنحوا ارواحهم لهذا الوطن ، وساهموا بدأب في بناء حضارته وشكلوا ثقافته ، وكانوا اول المترجمين في بيت الحكمة العباسي الذين نقلوا العلوم والفنون والاداب عن الارامية واليونانية والرومانية ، وكانوا خير معين للحكم الرشيد في العراق..
اما السيد عماد ابونا زميل وصديق مسيحي اصيل التقيته قبل فترة وهو يزور بغداد كونه لايقدرعلى فراقهافتحدث عنها لـ ( واع) : نحن المسيحيين في العراق وفي العاصمة بغداد منذ إنشائها في العصر العباسي.حيث يُرجع بعض المؤرخين تواجد المسيحية في موقع مدينة بغداد الحالي إلى ما قبل إنشاء مدينة بغداد على يد الخليفة أبو جعفر المنصور،كما أشار بعض المؤرخين إلى وجود أديرة مسيحية قديمة في أطراف موقع بغداد الحالي، كما تضم بغداد أكبر تجمع مسيحي في العراق، ويتألف المسيحيون في بغداد من عدة طوائف غالبيتهم من (الكلدان والسريان الكاثوليك ) لكن يوجد تجمع كبير للكنائس الآشورية المشرقية والسريانية الأرثوذكسية مع تواجد أكبر تجمع بروتستانتي في العراق في بغداد.
مؤكــدا ابونا : أنتم تعرفون جيدا وتعيشون ذلك في بغداد حيث يقع بصرك في كل شبر منها على كنيسة. أينما تتجه نحو شرق أو غرب أو جنوب أو شمال أو وسط بغداد، وفي جانبي الرصافة والكرخ، ستجد أمامك كنيسة لطوائف مسيحية متعددة. وكما أن بغداد هي مدينة المساجد، فهي أيضاً مدينة الأديرة والكنائس، وتضم أكبر تجمع مسيحي في العراق، حيث يتألف المسيحيون في عاصمة العراق من 74 كنيسة وديراً للطوائف المسيحية، وغالبيتهم من الكلدان والسريان الكاثوليك. كما يوجد تجمع كبير للكنائس الآشورية المشرقية والسريانية الأرثوذكسية، بالإضافة إلى وجود أكبر تجمع بروتستانتي في العراق ببغداد.
وعن كنيسة القديسة تريزا ـ الطفل يسوع يقول ابونا لـ ( واع) : هذه الكنيسة كما تعرفون تقع (منطقة السنك ) بالقرب (من ساحة الخلاني) حيث كان اغلبية سكان المنطقة في القرن الماضي المسيحيين ، وفي فترو قديمة جدا قام (الاب بيير الكرملي) بشراء قطعة ارض واسعة وشيد عليها الكنيسة عام1922، وكانت في أول أمرها عبارة عن بناء بسيط ليس اكثر من قاعة كبيرة، والتي هي اليوم سرداب للكنيسة مع ملحقاتها ، وفي عام 1928 تم الاتفاق مع (المهندس الفرنسي باترك بيرت ) لبناء الكنيسة بشكل حديث وفق الطراز الفرنسي القوطي لذلك يطلق عليها البعض أسم كنيسة باتري بيير نسبة الى مصممها الفرنسي باتريك ،حيث بني جوار الكنيسة دار للايتام كان يديره الأب بيير الكرملي بنفسه اضافة الى مدرسة تسمى (الناشئة) وانتهى البناء في عام 1932م.
مضيــفا: حاليا كما تلاحظون فان وضعها مزري جدا وسط باعة ادوات السيارات والمعدات الكهربائية والدهون وغيرها من العدد اليدوية وباعاة المتجولين والتكاتك والعربات وامتدت عليها اسلاك خطوط المولدات وكيبلات مختلفة حيث لايمكن ان تمر او تزور الكنيسة فسي اية مناسبة كانت !! ومع هذا فانتم تلاحظون الكنيسة الان بشكلها الحالي تحفة فنيةرائعه لايمكن ان تتكرر في زمننا هذا ؟! واجمل مافيها القاعة الكبرى المزينة بالنقوش التراثية والتماثيل الدينية الخاصة بالسيدة مريم العذراء والسيد المسيح. كما تضم ضريح مؤسسها الاب بيير الكرملي المتوفى سنة 1962م..وان هذه الاملاك وهبها الآباء الكرمليون اللآتين لبطريكية الكلدان سنة 1966م. لتكون ديراً للراهبات الكلدان. كما اتخذها البطريرك مقرا للبطريكية. كما تم نقل دار الايتام الى الدير الكبير الذي شيد في منطقة الدورة. وتحولت مدرسة الناشئة الابتدائية الى مدرسة ثانوية اسمها الأمل والتي اغلقت لاحقا.
مؤكدا بالقول : بصراحة ان هذا المعلم الديني والتاريخي البارز بعد تحول المنطقة من سكنية الى تجارية اصبح نشاط الكنيسة محدودا جدا وتعرضت الى مضايقات من ( الباعة المتجولين) ؟؟!! وبعض المحلات في المنطقة مما ادى الى اغلاقها بشكل كامل.. ويجب على من يعنيهم الامر ملاحظة ذلك والاهتمام بها وخاصة الوقف المسيحي والعاملون في هذا القطاع المهم ..
وعن اهمية الكنائس لاخواننا المسيحيين : بصراحة ان زيارة الكنائس هي جزء من العبادة حيث يحصل الحجّاج كما اشرتم على (غفران كامل عن خطاياهم ) فيخرجون واثقين بأنّ القداسة صارت أقرب بعد. وكان ديوان التوبة الرسولية أصدر مرسومًا عام 2024 يحدّد كيفيّة حصول الحجّاج على الغفران الكامل في خلال سنة اليوبيل. ومن الوسائل المتعدّدة التي تمنحها الكنيسة لمؤمنيها سعيًا إلى خلاص نفوسهم، يحصل على الغفران من يحجّ إلى كنائس ترتبط بالقديسات العظيمات في روما، شفيعات أوروبا ومعلّمات الكنيسة؛ فيشارك في السجود للقربان المقدّس أو يتأمّل خاتمًا زيارته بتلاوة صلاة الأبانا وقانون الإيمان وطلبات لمريم العذراء.
مؤكدا : كما يشمل ذلك ستّ كنائس هي: الثالوث الأقدس للجبال المرتبطة بالقديسة تريزا الطفل يسوع، والقديسة مريم سوبرا مينيرفا حيث ضريح القديسة كاترينا السيانيّة، والقديسة سيسيليا في تراستيفيري حيث ضريحها، والقديس أغسطينوس في كامبو مارزيو حيث جثمان القديسة مونيكا، والقديسة بريجيت في كامبو دي فيوري حيث عاشت فترةً من حياتها، والقدّيسة مريم للانتصار المرتبطة بتريزا الأفيلية.
( واع ).. لابد ان نشير ايضا بانه وفي يوم الجمعة( 2 اب من العام 2024 ) قام غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو بزيارة كنيسة القديسة تريزا ـ الطفل يسوع ،بعد ترميمها واحتفل غبطته بالقداس لأول مرة بعد افتتاحها من جديد وعاونه سيادة المطران باسيليوس يلدو والاب بشار باسل بمشاركة كهنة بغداد وحضور الاخوات الراهبات وبعض المؤمنين..حيث اكد في كلمة له انذاك قائلا: انه فرح كبير ان نفتتح هذه الكنيسة بعد ترميمها وصيانتها لتكون بيتا لائقا بالصلاة والعبادة.. واود ان اشكر المهندس جنان نوري خدر الذي عمل طوال أشهر لإعادة هذه الكنيسة الى جمالها.. اطلب منكم ان تصلوا على نية السلام والامان في المنطقة حيث تواجه تصعيدا خطيرا، على العقلاء والحكماء في العالم التحرك لإيقاف الحرب في الأراضي المقدسة و إيجاد حلول مستدامة عبر الحوار والتفاوض ،لا حلول بالحرب..وان هذه الكنيسة شيدت على اسم القديسة ترازيا الطفل يسوع التي ولدت في فرنسا سنة 1873 وهي التاسعة بين اولاد لويس مارتن وزيلي. دخلت دير الكرمل في مدينة ليزيو حيث كانت قد سبقتها ثلاث من اخواتها. توفيت في 30 أيلول 1897 بمرض التدرن الرئوي.
مضيفا : لقدعاشت هذه القديسة طريق البساطة الروحية وتسليم الذات المطلق لله كما فعل شارل دي فوكو( ابتي اني اسلم لك ذاتي فافعل بي ما تشاء ) وكان شعارها (ان لم تعودوا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت الله (متى 18/ 3) كما وركزت على الطفولة الروحية وكتبت مذكراتها اليومية حول طريق الطفولة الروحية لأن الطفل يحتاج الى الارتباط بأهله ومساعدتهم له فكم بالأحرى المؤمن. وكتبت لا بد ان نقبل واقعنا كما هو. انه درس لنا لنرسخ ثقتنا بالله وسط القلق والمخاوف التي نعيشها بسبب الصراعات والحروب في المنطقة.. وهذه الكنيسة الجميلة تحمل لنا الرجاء بعد ان كانت مهدمة.. وسوف نحتفل مرة بالشهر بالقداس فيها. شكرا للآباء الكرمليين الذين أهدوها الى البطريركية الكلدانية عام 1966.
( معلومات عامة عن كنيسة القديسة تريزا ـ يسوع الطفل)
لقد شيدت الكنيسة عام 1932 من قبل الأب بيير الكرملي (متوفى سنة 1962م) اشترى أرض واسعة بمنطقة السنك في بغداد، وشيدها سنة 1921، لذلك عرفت الكنيسة ولازالت تسمى بأسمه (بادرى بيير – الباتري بيير). في أول أمرها بنة قاعة كبيرة، هي اليوم سرداب للكنيسة ،وفي العام 1932م بنى الكنيسة الحالية..وكان بجوارها ميتم يديره الأب بيير بنفسه.وفيها كان فيها مدرسة تسمى (الناشئة).وقد بنيت الكنيسة بتاريخ 1922-1932م..وصممها وشيدها المهندس الفرنس باتريك بيرت سنة 1928م..وتدعى ايضا بـ (كنيسة الباتري بيير).وقد تكون اجمل كنائس بغداد تقع في منطقة السنك، جانب الرصافة من بغداد.حيث تتالف الكنيسة من قاعة كبيرة مزينة بالنقوش التراثية والتماثيل الدينية الخاصة بالسيدة مريم العذراء والسيد المسيح، وهي مبنية على طراز القوطي الفرنسي، حيث تعتبر الكنيسة تحفة فنية.وقد تعرضت الكنيسة الى تجاوزات كثيرة من الباعة المتجولين وأصحاب المحال في المنطقة مما ادى الى اغلاقها..وان هذه الاملاك وهبها الآباء الكرمليون اللآتين لبطريكية الكلدان سنة 1966م..واتخدها البطريرك حينها دارا لسكناه.. ثم نقل الايتام الى البناء الكبير الذي شيده في الدورة..ومدرسة الناشئة حولها الى مدرسة ثانوية (الأمل)، والتي اغلقت لاحقا.. وتحولت الى دير لراهبات الكلدان. وحاليا الكنيسة مغلقة ؟؟!!.