واع/ امرأة تتمرّد على التقاليد بامتهانها قص شعر الرجال جنوبي العراق

واع/بغداد/ا.ر

تحاول المرأة العراقية منذ سنوات أن تحرّر نفسها من قيود المجتمع الذي تغلب عليه العادات والتقاليد، والتي تحرمها من المنافسة ضمن سوق العمل.

وفي خطوة جريئة تتحدى الأفكار البائدة والمتشدّدة، اختارت العراقية أم زينب أن تعمل في مجال الحلاقة، وتنافس الرجال بالعمل في صالون حلاقة رجالي في محافظة بابل العراقية المزدحمة.

ورغم أنها تعاني من إهانات ومضايقات وهي في طريقها كل يوم إلى العمل، لكنها تجاهلت كل ذلك وبدأت في اكتساب زبائن دائمين وهو إنجاز غير مسبوق في مجتمع ذكوري بشدة.

وبتحدياتها المستمرّة، صارت أم زينب أول امرأة في جنوب العراق تكسب عيشها من قص شعر الرجال.

وقالت في مركز هوك للشعر في مدينة الحلة “أنا جزء من المجتمع وأشبه أي بنت قررت تعمل من أجل مساعدة عائلتها”.

وكل يوم تصعد أم زينب سلّم صالون الحلاقة المضاء بلمبات النيون وتبدأ عملها، شعرها مغطى بالحجاب التقليدي ووجها مغطى بكمامة للحماية من فيروس كورونا المستجد.

وقالت أم زينب وهي أم لفتاتين تعملان برسم الوشم والعناية بالوجه “نقعد أنا وصديقاتي بحيث أقول لهن لا تتقيدن بالبيت اطلعن واشتغلن، المرأة كالرجل، فرص العمل قليلة حاليا في العراق وأنا أحببت أن أساعد عائلتي”.

وتقول مريم ابنتها “هذا الموضوع جيد جدا وأنا فخورة جدا بعمل أمي، وحين أكبر أريد أن أعمل مثلها في مركز كبير للحلاقة”.

ولا تزال المرأة العراقية متشحة بالسواد الأعظم من أغلب مناطق البلاد، وخاصة في جنوب البلاد، أين تسيطر الأحزاب الدينية المتشددة، ويحتكم المجتمع إلى العشيرة ونواميسها، فينظر للمرأة أنه “عورة” و “عار” وخلقت لتخدم بيتها فقط.

ويقول صادق ولاء صاحب الصالون إن بعض سكان المنطقة اعترضوا عندما جاء بأم زينب لتعمل في الصالون لكنه تجاهل ذلك.

وقال “ عند تأسيس المركز فكرن في أن أتميّز عن غيري بتوظيف طاقم عمل نسائي مختصّ في الحلاقة الرجالية، تراجعت عن الفكرة بسبب أزمة فيروس كورونا المستجدّ والمظاهرات، ثم لا حظنا عودة الحياة العادية تدريجيا فقررنا أن نطرح فكرتنا الجديدة على الشعب، نحن مجتمع شرقي وهناك من يرفض الفكرة فيما يقبلها آخرون”.

وأضاف “لا بدّ أن تتواجد المرأة في كل مكان، فهي لها دور كبير في المجتمع”

وتابع ” في كل مجتمع تحظى المرأة بمكانة مهمة، إلا في العراق، تحرم المرأة من حقها في العمل، وتيقتصر دورها على المنزل بحجة العيب والحرام، وحان الوقت لتغيير هذه العقلية”.

وحسب آخر الإحصاءات، فقد سجّل العراق منذ بداية الحجر المنزلي، ارتفاعا في نسبة العنف المنزلي ضدّ النساء بنسبة 30 في المئة، وحتى 50 في المئة في بعض الأماكن.

ورغم أن العراق يملك حزمة من التشريعات والآليات والمؤسسات الوطنية المعنية بالمرأة إلا أن التوجّه السياسي والعقائدي والعشائري، فضلا عن التخلف الاجتماعي الذي ساد في البلاد بعد صعود الأحزاب الدينية إلى الحكم، تعدّى على حقوق النساء التي كفلها لهنّ الدستور، ومازال ينظر إلى تحرّر المرأة بريبة وإدانة.