واع/ماذا بعد نجاح أبنائنا ؟!اراء حرة /عبد الساده البصري

في أوائل سبعينات القرن الماضي اجتزت الابتدائية بنجاح باهر، وكان ترتيبي الأول على قضاء الفاو والثالث على محافظة البصرة ، حينها أقيم احتفال لتكريم الناجحين العشرة الأوائل في القضاء بنادي شركة النفط ، وقد سألني أحدهم ساعتها :ــ ماذا تتمنى أن تكون في المستقبل ؟! أجبته :ــ أن أتزود من العلم والمعرفة والآداب لأخدم وطني ! كنت منكباً على القراءة بشكل كبير ، وكان أبي كلما يتحدث مع أقراني يقول لهم ابني مثقفاً ، ولم أكن أعرف ماذا تعني كلمة مثقف حينها ، لكنني بعد سنوات عرفت ماذا كان يعنيه بهذه الكلمة ، إذ بدأت بوادر الشِعر تنمو شيئا فشيئا ! تذكرت نجاحي ذلك وأنا أستقبل نجاح ابني الأصغر ( علي) من المتوسطة بتفوق أيضاً ، لكنني سرحت بين أيامنا تلك وهذه الأيام ، حيث القلق والخوف وما يعانيه الناس من انعدام الخدمات وأزمة السكن وانقطاع الكهرباء وجائحة كورونا ، والطلبة يؤدون امتحاناتهم تحت أصعب الظروف ، ثم تساءلت ماذا سيكون مستقبلهم والبلد يسير إلى المجهول في خضمّ الصراعات الطائفية والمحاصصات والمؤامرات التي تحاك ضده من القريب والغريب ؟! وعندما حدثني ابني عن تسجيله في الاعدادية وان زملاءه يريدون أن يسجلوا في مدارس أهلية انتابتني الحيرة بين تسجيله في مدرسة حكومية وأقرانه في أهلية ؟! وكيف ستكون درجاته العلمية ومدى استيعابه للدروس واغلب المدارس الحكومية لا تراعي اهتماماً ملحوظاً بطلابها !ّ! إذ أن أغلب المدرسين عينهم على المدارس الأهلية لأنهم يلاقون صعوبات جمة في الحكومية من تأخّر الراتب واستقطاع مبالغ منه بين آونة وأخرى وتجاوز البعض عليهم ما يجعلهم يميلون إلى التدريس في المدارس الأهلية لضمان معيشتهم !! بالتأكيد إن كل واحد منا يتمنى أن يكون أولاده في أحسن حال من ناحية استيعاب المادة وفهمها ليحصلوا على درجات تؤهلهم أن يكونوا رجالا في المستقبل يخدمون أنفسهم وناسهم ووطنهم بالعلم والمعرفة والآداب !! لهذا علينا أن نفكّر بكيفية الاهتمام بهم وإعطائهم المناهج العلمية والمعرفية على وفق أحسن ما يكون لأنهم يسعون بخطى ثابتة نحو المستقبل رغم ما تمرّ به البلاد من أزمات في كل شيء ، أبناؤنا يقاومون الأزمات بانكبابهم على التعليم والتزوّد من المعرفة وحصولهم على أعلى الدرجات ، لهذا يحتاجون أن نقف معهم وندعمهم ونشجّعهم بشتّى صنوف الدعم والتشجيع لأنهم مَنْ سيعوّل عليهم مستقبلاً في بناء الوطن ، لا أن نتركهم عرضة للأهواء والأزمات تطوّحهم يمينا وشمالا !! كما علينا أن نفكّر بكيفية إنقاذ التعليم من أزمات انعدام المناهج واللامبالاة في إعطاء الدروس وغيرها !! كذلك علينا أن نفكّر بتعيين الخرّيجين من المعاهد والكليات ليقدّموا ما تعلّموه في خدمة الوطن !! حيث إن الآلاف منهم يتخرجون سنوياً دون أن ينظر الى حالهم احد ، وكأنّهم لم يدرسوا ويتعبوا ويحصلوا على نتائج باهرة ذات يوم !! أبناؤنا أمانة في أعناق المسؤولين كافة ، ليفتحوا أمامهم آفاق المستقبل بعد تخرجهم ويقوموا بتعيينهم كلّاً في مجال اختصاصه !! الوطن بحاجة لأبنائه المتعلّمين الخرّيجين بشكل كبير وعلينا أن ننظر لهم بعين الوطن ، لا أن نتركهم يرددون : ماذا بعد نجاحنا كل عام ؟!