واع/سيأكلُنا الجَشَع …؟!/اراء حرة/عبد السادة البصري

مالذي أصاب مجتمعنا؟!
لقد تغيّر كل شيء جميل ، وأوّلها الأخلاق ، صرنا نتحسّر على كل صفة حميدة ، الأغلب يسعى وراء الذميمة ، بل نعمل بها للأسف !!
يقال :ــ إذا وصل الفساد إلى التعليم والقضاء والطب ، اقرأ على الدنيا السلام !! ونحن نعاني من فساد أكل اليابس والأخضر ، نخر العظام ، ولم يترك مفصلاً من مفاصل حياتنا أبداً !!
قبل أسبوعين قرأت منشوراً لأحد الأخوة الأدباء يطلب فيه من الأطباء أن يبتعدوا عن الجشع ، ويعودوا إلى نزاهة مهنتهم وقدسيتها ، دعاهم إلى الابتعاد عن بناء المجمعات الطبية التي أخذت تنهش بلحم الفقراء وعظامهم نتيجة الأسعار الخيالية للفحص والعلاج والأمور التي يفرضها الطبيب على المريض من فحوصات وأشعة وتحاليل وتحديدا في مجمعه حصراً !!
شاركته المنشور وقتها ، لأنني عشت هذه الحالة عن قرب ولامستها ، وتكررت عندي أكثر من مرة ولأنني مضطر وقتها انصاع لأوامرهم !!
قبل أيام أخذت ابني الأصغر إلى طبيب كنت قد راجعته لنفس السبب قبل عام ، قطعت تذكرة الدخول ( 20 ألف ) وحين جاء دوري دخلت عليه مسلّماً وحدّثته عن ما جرى بيننا من كلام قبل عام ، وانه قال لي بعد الانتهاء من عملية فتح ظهره وشفائه بالكامل نجري له عملية تعديل الاعوجاج في قدمه ، وقد جئته الآن لهذا السبب ( إجراء عملية تعديل الاعوجاج وإطالة الأوتار ) ليمشي بشكل معتدل وسليم نوعا ما ، وما أن قلت له قد أخذت له أشعّة قبل يومين في المستشفى وناولتها له ، حتى امتعض وأشاح بوجهه عني ثم قال :ــ أي عملية ما تفيده ، ويبقى على حالته هذه أفضل وبمرور الزمن وثقل جسمه ستزداد طبعا !! سألته :ــ لماذا ؟! قال :ــ لأنه يحتاج إلى أربع عمليات وأخرى ترقيعية ، وبعد هذه العمليات لن يستفيد من قدمه كلياً !! أجبته :ــ ما هذا الكلام دكتور ؟! أخذ يلف ويدور ليبرر قوله ، وكل ما قاله لم يدخل العقل ولا المنطق أبداً ، بل أشار بيده لي بالخروج !!
تركته وخرجت لاعناً المهنة المقدّسة إذا كانت عند شخص نفسيته ضعيفة أمام المادة !!
مثل حالتي العشرات ، بل الآلاف من الذين يعانون الأمرّين من سطوة جشع الأطباء ، إذ تجدهم قد فتحوا مجمّعا طبياً ، قد يكون لواحد ، أو لعائلة طبية ، أو مجموعة أصدقاء ، والمجمّع هذا فيه ( الأشعة ، المختبر ، الصيدلية ، العمليات الصغرى ، العلاج الطبيعي )، كل هذه الأمور يجب على المراجع أن يقوم بها وبأمر الطبيب قبل أن يكتب له الدواء ليشتريه من الصيدلية وبأسعار خيالية جدا تساوي أكثر من ثلاثة أضعافها خارج المجمّع !!
أتمنى من الأطباء أن يعيدوا التأمل في قسم ابقراط العظيم وينتبهوا لكل كلمة فيه ، وان يتذكّروا أنهم أبناء هؤلاء الناس الفقراء وهذا البلد ، لا أن يتركوا المريض يتحسّر على لحظة صدق ونقاء ومحبة وأخلاق حميدة هو في حاجة لكل جزء منها !!!!