واع / الحكومة تختبر قوتها في سنجار من خلال رفع العلم الوطني على المدينة / تقرير
واع / علي الفريجي
جاء رفع العلم الوطني في سنجار، موطن الأقلية الأيزيدية في العراق، نتيجة لاتفاق استغرق شهورا لتستعيد الحكومة الاتحادية النظام من شبكة متشابكة من القوى شبه العسكرية، التي بثت الفوضى في المنطقة خلال فترة الهرج والمرج التي تلت تحريرها من تنظيم الدولة قبل ثلاث سنوات.
الواحد تلو الآخر، تم إنزال أعلام خليط من القوى المسلحة في بلدة سنجار بشمال العراق بعد أن عانت من سيطرة تنظيم داعش. فقد تم استبدال المطالبات الإقليمية التي يرمز إليها كل علم من هذه الأعلام بعلم واحد فقط، هو علم الدولة العراقية.هذا الشهر، انتشر الجيش العراقي هناك للمرة الأولى منذ سقوط صدام حسين عام 2003.
ويرتقي الملازم عماد حسن فوق صخرة منحدرة تطل على الأطلال المهجورة لبلدة سنجار القديمة، الشاغرة منذ طرد تنظيم الدولة الإسلامية. ويقع نظره على الجانب الآخر من الجبل، وهو الجزء الأخير، كما قال، الذي يخضع لسيطرة فرع محلي من حزب العمال الكردستاني المحظور.
وقال حسن “لدينا مشاكل معهم. فقد وافق قادتهم على الانسحاب، لكن بعض مقاتليهم لم يمتثلوا للأمر”.
كان إبرام الاتفاق صعبا بما يكفي. وجلب تنفيذه مشاكل جديدة. ويقول منتقدون إن الأمر سيستغرق أكثر من مجرد تغيير الأعلام لترسيخ سيادة القانون في سنجار.
لا يثق الأيزيديون، الذين أصيبوا بصدمة من القتل الجماعي والاستعباد الذي مارسه تنظيم الدولة الإسلامية ضدهم، في السلطات العراقية التي يقولون إنها تخلت عنها أمام وحشية المسلحين.
فقد شملت مقاتلي البيشمركة القادمين من إقليم كردستان ذاتي الحكم في العراق، بالإضافة إلى حزب العمال الكردستاني وفرع شريك له مكون من مقاتلين إيزيديين محليين، يطلق عليهم اسم وحدات المقاومة في سنجار. وهناك أيضا وحدات أيزيدية تنتمي إلى قوات الحشد الشعبي، وهي مجموعة شاملة من قوات الميلشيا المدعومة من الدولة والتي تم إنشاؤها في عام 2014 لهزيمة تنظيم الدولة.
كان وسط المدينة مليئا بالمتسوقين والتجار، وفي المقابل هناك دبابة للجيش العراقي.
كان أكثر من 200 ألف أيزيدي نزحوا بسبب هجوم تنظيم الدولة عام 2014 هم الآن بصدد العودة، وقد عاد حوالي 21600 بين يونيو وسبتمبر، وهو عدد أضعاف معدل السنوات السابقة، لكن العودة مجرد معالجة سطحية للأمر، فالجميع تقريبا يعانون من صدمة كبيرة لم يتم حلها.
يتذكر الجميع بوضوح هجوم تنظيم الدولة الذي أسفر عن قتل الآباء والأبناء، واستعباد الآلاف من النساء، وفرار الناجين إلى جبل سنجار.
في سوق سنجار، قدم المزارع زيدان خلف نفسه أولا من خلال إخبار أسوشيتد برس بعدد أقاربه الذين فقدهم تحت حكم تنظيم الدولة وكانوا 18 فردا. وفعل آخرون في السوق الشيء نفسه، وقال خلف: “لقد فقدنا كرامتنا”.
لا تزال فئات المجتمع منقسمة بشدة وفي حالة استياء مريرة من بعضها البعض. وتسخر فارزو ماتو سابو، البالغة من العمر 86 عاما من قرية تل بنات ذات الأغلبية الأيزيدية جنوب سنجار، قائلة: “أي اتفاق؟”.
فقد تم سبيها هي وبناتها الثلاث من قبل تنظيم الدولة الإسلامية قبل أن ينقذها المهربون فيما بعد. ولا يزال أحد عشر من أفراد أسرتها في عداد المفقودين. تضيف باكية: “لقد فقدت الجميع. فهل الاتفاق سيعيدهم؟”.
إلى جانب تل بنات تقع قرية خيلو التي تقطنها أغلبية عربية سنية. وقال الشيخ نايف إبراهيم، أحد شيوخ العشائر: “اعتدنا أن نكون مثل الإخوة، لكن الأيزيديين الآن يبتعدون عنا. لا يمكنهم التمييز بين المدنيين وأعضاء تنظيم الدولة”.
ويتهم العديد من الأيزيديين جيرانهم من العرب السنة المحليين بدعم تنظيم الدولة. منذ سقوط المسلحين، نشبت احتكاكات بين العرب السنة والميليشيات الأيزيدية، وقتل عدد من السنة.
في الوقت نفسه، يرفض العديد من الأيزيديين قوات البيشمركة الكردية، الذين يعتبرون منطقة سنجار جزءا من منطقتهم. وقال المزارع زيدان خلف: “سيطرت علينا سبعة أعلام، ولم تعرف أبدا من كان له سلطان عليك وفي أي يوم”.
وذكر سجاد جياد، الزميل في مؤسسة “سنتشري فاونديشن” الأميركية، إن الأمم المتحدة ركزت على عودة النازحين الأيزيديين، لكن هذا ليس المعيار الوحيد للنجاح.
وأضاف أن “الأمر يتعلق بالخدمات والمدارس والأمن والقدرة على التنقل دون أن تتعرض للابتزاز من قبل مجموعات مختلفة”.
وتابع “هذا اختبار لفعالية الحكم بعد الحرب والحرية ما بعد الحرب. فهل الحكومة مستعدة بما يكفي للسماح بعودة الأمور إلى طبيعتها؟”