واع/الراحل الدكتور فاضل الحجام ..رجل وسيرة .. لماذا كان الحزن علامة بارزة عند الحجام رحمه الله ؟!


وكالة انباء الاعلام العراقي (واع) / خالد النجار / بغداد ـ ( الحلقة الثانية )
بالامس كنا نتحدث عن سيرة الباحث والاعلامي والمثقف العراقي والراحل عنا الرائد الدكتور فاضل الحجام (رحمه الله)،حيث ترك غصة في القلب ووجعا وجدانيا خاصة حين نتامل قاعات ومكاتب المؤسسة التي كان يملائها بصوته الجهوري الحنين وتعليقاته هنا وهناك تملا المكان صخبا رائعا لايمكن تعويضه على الاطلاق ! نعيش معا اليوم بعضا من زملائنا القدماء اللذين واكبوا مسيرة الحجام يستذكرون كل تفصيلة صغيرة او كبيرة ليتحدثوا عنه بطيبته بالقه بفكره بثقافته بتاريخه المهني كاتبا اديبا شاعرا مثقفا صحفيا اعلاميا، انه موسوعة الثقافة والتاريخ العراقي القديم والحديث .


ـ الاعلامي رسول الفزع نائب رئيس مؤسسة الاعلام العراقي قال عن الدكتور الحجام لـ ( واع ) :بصراحة هنا تعجز الكلمات وتابى الدموع الا ان تنهمر على رحيل هذا الفارس والنخلة العراقية التي ( تموت وهي واقفه )! نعم هو كذلك ، وكان يعيش بيننا كما تعرفون في المؤسسة مثل اب واخ وصديق وزميل وانفاسه وكبر سنه كان يعطينا شعورا نبيلا باننا نعيش في كنف والد كبير نسمعه ويسمعنا ، ولكن هذه هي الحياة فكلنا يغادرها بميعاده ، وعن توثيق اعماله ومؤلفاته بصراحة لااعرف مصيرها فهو كاتب معروف لدى الاوساط الاعلامية في منشوراته،ولااعتقد بان أحد يعلم مصير مذكراته ان كانت موجودة ام لا؟! وما كان يدونه يومياً من تجربته ورؤيته لخضم الأحداث، هل هي في مكان آمن، وتحت يد وفية،يجلس في اروقة المؤسسة ويدونها كما تلاحظونه انتم ايضا، وقد تخرج علينا بكتاب يعتمد به على احد اصدقائة ليطبعه ويذكر اسمه عليه.


ـ وماذا عن نظرة الحزن الازلي التي لم تفارقه لحظة يؤكد الفزع لـ ( واع ): كلنا عايشناه لاخر لحظة وقد اتاحت لنا السنوات التي امضيناها معا أن نسايره فى لحظات درامية عندما يطلب من زملائه لملمة اوراقه المنثورة ، والتي يحملها معه ابنما يكون وقد يكون يكتبها لطبع كتاب مثلا يوثق حياته والدراما التي ترافقه رحمه الله دوما ! وقد اتيحت الفرصة لبعض زملائنا ان ياخذوا منه تصريحات او تدوينات مختلفة لتوثيقها لقرائنا لانه يستحق الوفاء ،ولم يخطر في بالي ابدا أن أسجل معه سلسلة أحاديث مختلفة نناقشها دائما سواء كانت عائلية ام ثقافية ام صحفية حوارية وادبية وبسرعه البرق غادرنا هذا الانسان بدون وداع وكان الرجل قد أصبح فى ذمة الله، وكانت ملامح الحزن لاتفارقه ابدا، نسال الله عزوجل ان يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.
ـ الزميل داود الساعدي مستشار المؤسسة اجرى لقاء صوتي خاص مع الدكتور الحجام عام( 2016 ) واليوم نتناول تفاصيله مع الفارس الكبير ليتحدث عن سيرته وتاريخه المهني والوطني لـ ( واع ) فيقول (رحمه الله) :بداية اشكركم على اجراء هذا اللقاء ، فانا مولود في عام25/9/ 1938 في قضاء سوق الشيوخ في المنطقة العشائرية هناك وتسمى ( الحكيكه)..عشيرة الحجام،ووالدي رحمه الله كان انذاك برتبة (عريف في الجيش العراقي) وكل الناس تعرفه انذاك وكان يتنقل من محافظة الى اخرى حسب الظروف انذاك ، وكنا كعائلة نتنقل معه سواء في البصرة وفي العمارة والديوانية ، وقد تم تسجيلي في مدرسة في العمارة انذاك ( مدرسة الفيصلية) بالقرب من بيت فرحان العرس!وفي مرحلة ( (الصف الرابع الابتدائي )انتقلنا الى المسيب ،واعتبر ان بداية حياتي كانت من المسيب حيث اكملت الدراسة المتوسطة !
ـ ويضيف الحجام رحمه الله : وكنت حينها في عمر الـ 16 سنة وكان هناك معمل لصناعة الاسلحة الانكليزية وفيه خبراء انكليز وخبراء المان ،وكان معهم مهندسين عراقيين ومهم الملاحظ الاقدم ميخائيل دابش رحمه الله،وكان مترجما حيث كان في المعمل ( رشيد مصلح ) برتبة مقدم (ابو قيس)، وكان المعمل يضم طلاب من مرحلة الخامس الابتدائي يعملون فيه! وانا كنت الوحيد في مرحلة الثالث متوسط عام 1953 ، وعملت في الفترة المسائية ، واكملت المتوسطة ولم يكن في المسيب اعدادية ؟ وكانت المرحلة فقط للصف الخامس الاعدادي وينتقل بعدها الطالب الى الكلية ، فتوجهت الى محافظة كربلاء لاكمال دراستي ( المسائية) هناك ، وبقيت اعمل في هذا المعمل كـ ( براد اسلحة) ، وانطلقت ثورة 14 تموز ضد الاحتلال الانكليزي عام 1958 وكان عمري ( 14عاما)!
ـ ويؤكد الحجام (رحمه الله ): في اثناء ذلك انتقلنا الى العاصمة بغداد وتعينت موظفا بشهادتي الاعدادية .. واثناء تلك الفترة تقدمت للدراسة في ( معهد الفنون الجميلة ـ المسائي عام 1959) وكانت الدراسة فيه ( 5سنوات )ومن ضمن دورتي تلك الدكتور صاحب قصب والفنان كامل القيسي وممثلين لاتسعفني الذاكرة لاذكرهم ،وفي عام 1965 اصدر الزعيم الراحل ( عبد الكريم قاسم) قرارا لكل خريجي الاعداديات الحق بدخول الكليات ، وانا اخترت ( كلية الاداب ـقسم الاجتماع ) في باب المعظم وكان من دورتي عامر ناجي وكاطو بارك رحمه الله،وكان من استاذتي الكبار وابي الروحي الدكتور علي الوردي وعلي الزبيدي واساتذة اخرين ! وفي عام (1967) حصلت على شهادة الماجستير على رسالتي الموسومة ( التفاوت الطبقي بين في المجتمع العراقي ) .
ـ ويضيف الحجام ( رحمه الله ): ومن ثم قدمت اطروحتي في الدكتوراه ( البغاء في العراق )! وقد سالني الكثيرين حول هذا الموضوع وتحديدا في منطقة ( الميدان ) وسط بغداد ، وانا عملتها كمعايشة فعلية وخاصة الغجريات ( الكاولية) اللذين يقطنون( منطقة ابو غريب )كما عايشت الاخرين في الديوانية ايضا!واستغرقت فيها ثلاثة اشهر تقريبا! واظطررت الى ترك زوجتي والتي توفت عام 1967( رحمها الله ) بسبب مرض السرطان وكانت مدرسة ..وبصراحة فانا ربطت موضوع البغاء بالاوضاع السياسية ونكسة (5 حزيران ) ،، وان اسباب البغاء كثيرة ومتعددة !منها الاختلاط مابين الطبقات الارستقراطية ، وكانت بعض المناطق المشهورة بذلك وهي ( الصابونجية وبوب غزر ووسوق الدجاج في الشواكة)! وبارغم من ذلك فهناك ايضا شروط صحية ومتابعه من قبل العيادات والمستوصفات الطبية للمتابعه والعلاج ! وكما اشرت الى ( الكاولية والبغاءـ الغجر )! وقد تناولت الكاولية وان لكل واحدة منهن قصة وسبب ومبرر ومعاناة واذكر منها احدى الباغيات والتي عملنا منها مشهد تمثيلي والتي اخرجها الدكتور عقيل مهدي وكان استاذا في الاكاديمية ، وقبل ان اناقش اطروحتي والتي تسبب لي ( بالتوقيف في زمن الرئيس البكر )!؟ والتقيت بواحدة من المشار اليها حين التقيتها في منطقة الامين وكان لديها بسطية لبيع الاقلام وهي في الخمسينيات من عمرها! وجلست معها وتحدثت حول الزواج فماكان منها الا البكاء ..وهي تروي قصتها في جنوب العراق حين يسرح الغنام بغنمه والمراة في الحقل حين يصفها في بيت من الشعر فتقع في غرامه ! وهي بالاصل كانت مطلوبة للزواج من ابن عمها ! وهي تحب ابن خالتها والذي نهبها! وانتقلوا للسكن في منطقة الوشاش ( وقطع المهر عليها)وعقد عليها للزواج ، ومن ثم تركها وسافر الى الخليج! لانه لو عاد الى منطقته فسوف ( يقتلونه ) ؟!حسب الاعراف العشائرية هناك انذاك! لذلك ساقها الكاولية في منطقة ( ابو غريب ) للغناء لان صوتها ريفي جميل!وبدا يرتاد عليها احد طلاب الكلية العسكرية في المسيب ويزورها كل اسبوع بعد ان عودوه اصدقائه كل يوم نزول خميس !! وتردد عليه وبدا يعجب بصوتها وغنائها وعشقها بشكل غريب ! ولكونه عسكريا فقد اقنعها بترك هؤلاء ورغبته بعقد القران عليها ولكونه عسكريا يستحيل ذلك؟! فعقد عليها ( مهر السيد) بالخفاء! وبقيت على ذمته حتى عام 1958 وتم توقيف والده ومن ثم توقيفه .
ـ زميلي العتيد قحطان الاسدي حدثني بعض الشى عن الراحل الدكتور فاضل الحجام ولتوثيقها قال لـ ( واع ) : لقد كان رحيل الدكتور الحجام بالنسبة لي كارثة انسانية غير متوقعه لانه قبل يوم واحد فقط عندما زارني وامضى وقتا طويلا معي شاكيا لي ظروفه وخاصة الوحدة التي يعاني منها رحمه الله ، وكل مااتمكن من ذكره الان بان الحجام كان باحثا واعلاميا وصحفيا وكاتبا من الدرجة الاولى ولكن ومع الاسف الشديد لم يكن لديه ميل لتوثيق اعماله ولم يصدرالكتب والمؤلفات للمطابع ،ولديه مولفات فقط مواضيع منشورة في الصحف القديمة واما الحديثة فكان يكتب بالعديد من الصحف والمجلات ، وقد تراس اللجنة الاجتماعية في نقابة الصحفين وكان مستشارا للعديد من الوكالات الاعلامية واسس جريدة الصدئ ايضا .
ـ وعن مشاكله العائلية فيؤكد الاسدي لـ ( واع ) : يقال الحديث عنه هنا وهناك لانه يتحدث عن ذاته لكل اصدقائه ومحبيه ،وعن سبب تركه من قبل عائلته سواء ابنه او بناته؟ بسبب مشاكل اجتماعية وكبر سنه كان لايحتمل ان يمن عليه اي احد حتئ لومن المقربين ومن الاهل بالذات سواء ابنه او بناته وان سبب تدهور حالته الاجتماعية هو وفاة زوجته وشريكة حياته العام الماضي،فلم يعد يطيق البقاء في البيت ولا حتى السكن مع ازواج بناته رغم احسانهم له، وحول مشروع زواجه نعم كان يخطط لذلك المشروع ولكني نصحته بترك الموضوع حفاظا على شخصه وشخصيته لان كبير في السن وقد يتعرض لضغوطات عائلية اكبر من تحمله وطاقاته ، فترك الموضوع رحمه الله ،وكان دائما يستعين بي من ناحية الامور المادية ولم ابخل عليه؟
ـ ويضيف الاسدي : مرة اخرى اؤكد لك بان موضوع الزواج كان فكرة لديه واعتقد بانها لم تكن على وفاق وتفاهم معه اطلاقا ! وبسبب قبولها به دون اعتراض مما لفت نظري بان اهلها يرغبون بتوريطه بها، لذلك عدل عن الموضوع ، اكدت له بانك رجل كبير لايمكن لمرحلة الزواج الحالية ان تكون متوافقه..ولكني شجعته للحصول على مستحقاته ( كسجين سياسي حقيقي ) ولكنه لم يتمكن من الحصول عليها بسبب الروتين كان يتمنئ ان يجد له سكن خاص به بعد طول العمر، وكان ايضا طموحا ومجدا في حياته العملية في السبعينات كان يديرعدة دورفي بغداد ، واكنت مكاسبه المالية جيدة جدا والاموال تنهمر عليه من كل حدب وصوب!! ويخزنها باكياس كبيرة!
يضف الاسدي لـ ( واع ) : هذا الانسان الرائع صاحب القلب الكبيرلايمكن ان يمر يوم الا وكان لديه موقف انساني بحت يمارسه وخاصة في احد المواقف التي تطلبت منه الشجاعة ليحافظ على ( شرف احدى البنات وسمعتها ) بعد تعرضها لحادث اغتصاب فما كان منه الا ان تزوجها وحافظ عليها وعلئ سمعتها وعقد بها كزوج دون ان يدخل بها وستر عليها !