واع / الجفاف في كردستان.. صيف ساخن يهدد آلاف القرى بالانقراض

واع / متابعة

ألقت أزمة المياه وخفض إيرادات العراقية المائية بظلالها على وضع القرى الزراعية في إقليم كردستان، الذي بات الجفاف يخيم على أراضيه الممتدة من زاخو في محافظة دهوك، وصولاً إلى أقصى قرية على الحدود الإيرانية.

وطالبت لجنة الموارد المائية في برلمان إقليم كردستان، حكومة البلاد بتعويض المزارعين لتخفيف الأضرار التي تسببت بها قلة الأمطار ومشاريع دول المنبع إيران وتركيا.

تحديات كبيرة

ويواجه ملف المياه في العراق بشكل عام، وإقليم كردستان خصوصاً، تحديات كبيرة هذا العام بسبب قلة تساقط الأمطار وعدم حسم ملف المياه الدولية مع دول الجوار فضلاً عن غياب الحلول الجذرية.

وقال عبدالستار مجيد رئيس لجنة الزراعة والموارد المائية في برلمان إقليم كردستان، إن الإقليم يواجه جفافاً هذا العام، بسبب قلة هطول الأمطار في العديد من مناطق الإقليم.

أكرم أحمد المدير العامة للسدود في الإقليم، أشار إلى أن إيران وتركيا تقومان بخزن المياه، ما ينعكس سلباً على مناسيب المياه في كردستان والعراق.

مبيناً في تصريح له أن، تركيا وإيران أنجزتا العديد من المشاريع والسدود على المياه التي تعبر إلى إقليم كردستان، مما تسبب في مشكلة بملف المياه بالإقليم، وانخفاض مستوى التخزين في سدوده.

والانخفاض يلقي بظلاله على القطاع الزراعي والسياحي والصناعي والاقتصادي والكثير من القطاعات الحياتية في الإقليم.

وأشار إلى أن “الحل يكمن في إنشاء السدود التي تؤثر إيجابياً على رفع منسوب المياه الجوفية”.

مشروع تعويض المتضررين

وقال لجنة الزراعة في إقليم كردستان في بيان إنها، قدمت إلى رئاسة برلمان إقليم كردستان مسودة مشروع “مهم”، لكن للأسف تمت القراءة الأولى للمشروع دون إتمامها وتمريرها في قراءة ثانية.

ويهدف المشروع إلى وضع صندوق لتعويض المزارعين المتضررين من الكوارث كالجفاف أو الفيضانات أو الحرائق، مجدداً مطالبته من الحكومة تخصيص ميزانية للصندوق للمقترح.

توقعات مخيفة للصيف القادم

وقالت وزارة الموارد المائية في حكومة إقليم كردستان في بيان إن، التأثيرات التي تتوقعها الحكومة بسبب الجفاف هذا العام تتمثل في انخفاض توفر مياه الشرب للسكان في العديد من المناطق وجفاف بعض ينابيع المياه، وتراجع إنتاج الكهرباء من المحطتين الكهرومائيتين في المنطقة وقلة الإنتاج الزراعي وعدم توفر المراعي الطبيعية لتربية المواشي قياسا بالأعوام الماضية.

وتفيد الإحصائيات الحكومية بشأن معدل الأمطار التي هطلت العام الحالي بأنها تراجعت إلى أقل من النصف مقارنة بالأعوام الماضية.

وبلغ معدل الأمطار في عموم مناطق كردستان في موسم الأمطار الأخير 758 مليمترا، بينما كان المعدل في نفس الوقت من العام الماضي يتجاوز 1800 مليمتر.

وتذكر وزارة الزراعة في الإقليم من جانبها أن تراجع معدل الأمطار سيؤثر على الإنتاج الزراعي بالنسبة للحبوب، والذي وصل العام الماضي بالنسبة للقمح إلى 300 ألف طن.

الجفاف في أربيل

محافظ أربيل عاصمة إقليم كردستان أوميد خوشناو أكد أن، مخاطر تعرض المحافظة إلى الجفاف خلال فصل الصيف المقبل ما تزال قائمة رغم تساقط الثلوج والأمطار خلال العام الحالي.

وقال خوشناو في تصريح له إنه “من القضايا التي كان لها تأثير مباشر على المحافظة هو موضوع الجفاف في اربيل”، مؤكدا أن المحافظة تتعرض سنويا في فصل الصيف الى الجفاف، ولكن العام الماضي كان الجفاف شديداً وشاملاً”.

وأضاف “اننا تمكنا العام الماضي من السيطرة على الجفاف بمبلغ مالي مقداره 7 مليارات و450 مليون دينار من خلال حفر 101 بئر ماء، وإعادة تأهيل 513 بئراً أُخرى”، مؤكدا أن آخر بئر تم حفره في ناحية “قوشتبة” بلغ عمقه 670 متراً تحت الأرض”.

وأشار إلى أن “مخاطر الجفاف ماتزال مستمرة رغم تساقط الأمطار والثلوج وكان لها تأثير أيضا”، مؤكداً أنه “ينبغي وضع خطط استراتيجية لمواجهة مخاطر الجفاف في المحافظة وقد إستحصلنا موافقة رئيس مجلس الوزراء في إقليم كردستان ، لإنجاز مشروع إفراز ماء جديد، والذي سيمكن أربيل من تجاوز أزمة المياه”.

إحصائيات عن عدد القرى المهجورة

وتشير تقارير وإحصائيات لمنظمات محلية في الإقليم، إلى هجرة سكان 121 قرية في محافظة دهوك خلال صيف عام 2021، نتيجة لعدم قدراتهم على مزاولة الزراعة في قراهم، للنقص الحاد في المياه.

كما تؤكد ذات الإحصائيات إلى أن، مزارع بحدود 3 آلاف دونم تعرضت للجفاف في منطقة كرميان ضمن الحدود الإدارية لمحافظة السليمانية.

تخصيصات مالية

المسؤول في إدارة كرميان آرام عثمان أشار في تصريح له أن، شح المياه والجفاف تسبب بخسائر كبيرة للمواطنين، مؤكداً أن ، على الحكومة تخصيص ميزانية كبيرة لمواجهة الجفاف.

لافتاً إلى أن “حكومة إقليم كردستان خصصت مليارين و500 مليون دينار لمواجهة أزمة الجفاف الموسم الماضي، إلا أن الخطط لم تحقق أهدافها حتى الآن”.

ولفت إلى أن الجفاف “كان له تأثير سلبي على الثروة الحيوانية، حيث تضرر 13 الف رأس من الماشية و65 الف رأس من الأغنام و 150 ألف من الماعز، وذلك بسبب انعدام المساحات الخضراء والمراعي على مدار العام الماضي والحالي”.

مناسيب المياه

بدوره أوضح مدير سد دربندخان رحمن خاني أن، مناسيب السد لم ترتفع عن العام الماضي، إلا بنسبة قليلة جداً لم تتجاوز متراً واحداً.

وبين أن “الهدف الأساسي هذا العام تأمين مياه الشرب وأرواء البساتين والثروة الحيوانية”، داعياً إلى “معالجة التجاوزات على مجريات مياه السد من دربندخان وكلار إلى مناطق حمرين وجلولاء والتي تمنع وصول الإيرادات المائية”.

وتابع أن “السعة التخزينية لسد دربندخان حالياً، تبلغ 3 ملايين، فيما لا يتجاوز المخزون الحالي مليار و285 مليون م3”.

وأعلنت الدائرة العامة للزراعة في إدارة رابرين باقليبإقليم كردستان عن انخفاض إنتاج محصول القمح للموسم الماضي بنسبة بلغت اكثر من 70% بسبب شُح الامطار وقلة مصادر المياه.

وقالت المديرية في بيان إن “انتاج الموسم الماضي من القمح انخفض بنسبة 40 طن، بسبب شح وانعدام الأمطار وهلاك الزراعة الديمية التي تعتمد الأمطار خلال الموسم الشتوي”.

ولفتت إلى أن “انخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية في إطار منطقة رابرين بنسبة كبيرة تصل الى 70% وأن، الجفاف وانحسار مصادر المياه حول 168218 دونماً من الاراضي الزراعية الديمية الى غير منتجة”.

دعوة من السليمانية

وحذر عضو مجلس محافظة السليمانية ريكوت زكي من كارثة بيئية ستطال قرى المحافظة خلال الصيف القادم، إذا لم تداركها من قبل حكومتي بغداد وأربيل، بتخصيص الأموال لحفر الآبار، وأيضاً زيادة مستوى التنسيق مع تركيا وإيران، لرفع إيرادات العراق المائية.

مبيناً في حديث له أن “مئات القرى مهددة بالانقراض، نتيجة عدم وجود المياه الكافية، وهذا الأمر سينعكس على آلاف المواشي التي ستتأثر هي الأخرى بأزمة الجفاف”.

مؤكداً أن “الأسماك المطلقة على نهر سيروان ضمن منطقة كرميان، مهددة بالموت، فضلاً على انخفاض مناسيب المياه في سدود دربندخان ودوكان، انعكس حتى على المزارع الزجاجية في طاسلوجة وبازيان وغيرها من المناطق، وإنتاج المحافظة من العام سينخفض بنسبة 20%”.

من: علي تحسين بدعم من صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان