واع / البيئة في أوكرانيا مُصابة… والخطر يزداد ويعبُر الحدود
واع / متابعة
تستأثر التداعيات المباشرة للحرب، أي حرب، بالاهتمام أولاً. الضحايا وأعدادهم، الجرائم المُرتكبة ضد المدنيين، الدمار وغير ذلك. ليس للحرب وجه امرأة… لنُسلّم. في الإطار، في مشهدية الحرب والفظائع، ثمة ما قد لا يقل خطراً. قد يُغفل، ولا يحظى بأولويات المعالجة، لكن آثاره طويلة الأمد تستدعي العودة إليه. الحديث هنا عن الحرب والبيئة.
حرب روسيا في أوكرانيا تطوي الأيام والأسابيع، ولمّا تعرف نهاية بعد. وفي موازاة تطوراتها، يتوقع خبراء أن تمتد آثارها البيئة والصحية “لعقود” مع انتشار الملوثات في كل أنحاء البلاد، وفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”. الحرب في أوكرانيا “تسمم الهواء والماء والتربة”، تكتب، ويشعر الخبراء بالقلق إزاء الآثار الصحية للتعرض للمعادن الثقيلة والغازات السامة والجسيمات الناتجة من الانفجارات والحرائق وانهيارات المباني. المخاوف قوية، من تسرب النفايات السائلة، الناتجة من التعدين والنشاط الصناعي والمنتشرة في جميع أنحاء البلاد إلى الأراضي أو الأنهار القريبة.
معدلات مرتفعة
عينات مياه نهر ترنوبل، أظهرت مستويات من الأمونيا أعلى بـ163 مرة من المعدل الطبيعي والنترات أعلى بـ 50 مرة، وفق إيرينا ستافتشوك، نائبة وزير حماية البيئة والموارد الطبيعية الأوكرانية. سجلت الأرقام ارتفاعاً، بعد تدمير خزانات الأسمدة في المنطقة هذه الواقعة شرق لفيف.
الصراع حتى الآن دمّر أكثر من عشرة مرافق مائية، يقول ويم زويجنينبير، من منظمة PAX الهولندية، العاملة على تحديد المواقع الملوثة. بين المرافق تلك محطات لمعالجة المياه والسدود.
بين الأضرار البيئية ما لحق بمحطات معالجة المياه من تسرب لمياه الصرف الصحي غير المعالج في الأنهار والجداول. الملوثات هذه تهدد بالإصابة بالسرطان، وأمراض الجهاز التنفسي بالإضافة إلى تأخر النمو لدى الأطفال، حسبما تكتب “وول ستريت جورنال”.
والزراعة ضحية
مساحات شاسعة من المناطق الزراعية تضررت جراء القصف العنيف والذخائر غير المنفجرة. دوغ وير، مدير البحوث والسياسات في “مرصد الصراع والبيئة” الأميركي، يقول لشبكة ABC الأميركية، إن الملايين قد يعانون من سوء التغذية في سنوات ما بعد الغزو، نتيجة لنقص الأراضي الصالحة للزراعة.
الشرق مهدد أيضاً
الحرب تتواصل في الشرق الأوكراني الآن. ممر صناعي كبير يضم مصانع كيميائية، مناجم فحم ومصافي للنيران، مهدد، ولا بد له من تبعات على البيئة.
على مقربة من دونباس، منطقة شهيرة بتعدين الفحم والصناعات الثقيلة منذ 200 عام. أيُّ أضرار هنا، تعني مباشرة أضراراً بمناجم الفحم في المنطقة، وتالياً، تلويثاً للمياه الجوفية. المصادر هذه تعتمد عليها القرى الصغيرة في المنطقة لمياه الشرب. بحسب ABC الأميركية، “هناك خطر كبير على السكان المحليين مع آثار بيئية أطول، إذا حدثت أنشطة عسكرية هناك”.
تلوث الهواء مصدر قلق رئيس آخر. استهداف الضربات الروسية مستودعات الوقود والمصافي في كل أنحاء أوكرانيا، أدى إلى اندلاع حرائق كبيرة وإطلاق ملوثات من بينها السخام، الميثان وثاني أكسيد الكربون.
وفي المدن المُستهدفة بالضربات الروسية، يشكل الغبار الإسمنتي المتطاير في الهواء من المباني المتداعية، تهديداً للسكان وعمال الإنقاذ، بحسب “وول ستريت جورنال”. الأسبستوس المستخدم في البناء خطر آخر إضافي، تقول الصحيفة، و”يمكن أن يستمر لسنوات لأنه لا يتحلل أو تغسله الأمطار. وهو يرتبط بأنواع مختلفة من السرطان وتظهر آثاره على الصحة بعد عقود (…)”.
آثار بيئية تعبر الحدود
لا تقتصر التداعيات البيئية على أوكرانيا. التأثيرات الصحية السلبية قد تعبر حدود ميادين القتال. الملوثات تنتقل مع الرياح ومجاري الأنهر. الغزو الروسي يثير مجموعة من الاهتمامات البيئية الفريدة والعميقة المحتملة، ليس لشعب أوكرانيا وحسب، ولكن للمنطقة الأوسع، بما في ذلك الكثير من الدول الأوروبية (…)”، بحسب كارول موفيت، الرئيس والمدير التنفيذي لمركز القانون البيئي الدولي متحدثاً لشبكة ABC.
ما علاقة الكويت؟
تثير الحروب الحديثة مخاوف خاصة من تسرب الغازات الدفيئة المنبعثة في الهواء. “وول ستريت جورنال” تُذكّر بقيام جنود عراقيين بإضرام النيران في المئات من آبار النفط الكويتية خلال حرب الخليج الثانية. تقديرات لاحقة للعملية أظهرت وقتذاك أن الغازات المنبعثة من حريق آبار النفط، شكلت نحو 2 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية حينها. هو دليل على لا محدودية التأثيرات البيئية جغرافياً. بالمناسبة، بيّنت عينات جليد جمعت بعد سنوات في الأنهار الجليدية التبتية، وجودَ سخام، ما يعني أن الرياح حملته مئات الأميال من الكويت إلى هناك.
“هو درس بيئي بين دروس كثيرة علمنا إياها غزو الكويت وحرب العراق”، وفق وصف دوغ وير، مدير البحوث والسياسات في “مرصد الصراع والبيئة”. “أحد الأشياء التي تعلمناها أن الضربات ضد المنشآت النفطية الكويتية كانت لها أضرار طويلة لاحقاً”.
…حرب أوكرانيا اليوم، تستدعي قلق البيئيين حول العالم. نحو 100 مفتش يعملون حالياً لحساب الحكومة الأوكرانية، يأخذون عينات من التربة والمياه في المواقع المثيرة للقلق.