واع/التخصص … لعنة ام رحمة / اراء حرة / د. صادق البهادلي


التخصص يعني ان يختص فرد بالقيام بعمل معين دون غيره وان يخصص له الوقت والجهد ويقال في اللغة العربية تخصص بالشيء اي انه اقتصر عمله عليه وخصه بالاهتمام والبحث والفعل ، أما عمليا فهو اختصاص الفرد بعلم معين او وظيفة معينة ونتيجة متابعته لهذا العلم او الوظيفة المعينة يكتسب خبرة ودراية ويصبح متمكن يحقق نتائج مهمة في عمله الوظيفي وهذا ينصرف الى السياسة والاقتصاد والادارة والطب والهندسة وغيرها .
لذلك المثل القائل اعطي الخبز لخبازته ، يعني التخصص وهناك اسباب عديدة لظهور التخصص منها صعوبة أن يجمع الفرد بين عدة مهام في وقت واحد ، يعني انت متخصص في تصليح الاطارات لا تصلح ان تكون دبلوماسي تقود سفارة بلدك في الخارج ، هذا غير ممكن ستكون قيادتك سيئة ويؤثر ذلك على سمعة بلدك ، اختصاصك في تصليح الاطارات سيؤثر على مستوى طاقتك في العمل الدبلوماسي الذي يحتاج الى خبرة طويلة في العمل ويحتاج الى معرفة وثقافة في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة ولا بأس معرفة في باقي العلوم .
التخصص يحتاج الى ميزات اعلى في العمل وفي مجالات العلوم المختلفة ، ويحتاج الى تركيز ومهارة متعلقة بمجال العمل الخاص بك ، بمعنى ان هناك اقتراب بين مهارات الأفراد واستعداداتهم الجسدية والذهنية فقد تحتاج بعض الوظائف الى قوة حركية تتعلق بالجهد البدني ، واخرى تتطلب بقدرات ذهنية واخرى تعتمد المهارات الملتصقة بالعمل المناط بك .
وبنظرة بسيطة يمكنك ان تحكم ان هذه الدولة متقدمة ومتطورة وهذه الدولة متخلفة وفاشلة ، اذ ان لا حاجة الى مؤشرات من اجل الحكم على هذه الدولة ، بمجرد النظر الى من يقود في السياسة والاقتصاد والثقافة ستحكم على هذه الدولة ، فالعلوم تأسست وخلقت من اجل البحث والتطوير وهذا يشمل كل العلوم السياسية والاقتصادية والفكرية وحتى العسكرية فمن غير المنطقي ان تجلب غير المختص بالحرب والسلاح وتضعه قائد لفرقة عسكرية او فصيل عسكري وتطلب منه ان يحقق نجاحا في الادارة والحرب .
وهذا المنطق ينصرف الى الاقتصاد والنمو الاقتصادي ، هذا التخصص دفع بالحاجة نحو المزيد من التخصص في الاقتصاد من اجل مواكبة التطور في هذا العلم الواسع والمهم في حياة الشعوب ، التخصص الدقيق في هذا العلم يرفع من كفاءة العملية الانتاجية من خلال تمكن الاقتصادي من عمله ، ومن خلال توزيع الأعمال بين الأفراد بحسب مهارة كل فرد والمزايا التي يتمتع بها ، ويرفع مستوى مهارة الأفراد للعمل ويزيد من معرفتهم بمجالات تخصصهم وتمنحهم مهارات جديدة يكتسبونها مع مرور الزمن .
ان تخصص الأفراد سبب رئيسي لتطور أي مجتمع ، فقد أكد الاقتصادي ” ادم سميث ” ، قبل 200 سنة في كتابه ” ثروة الامم ” الذي يعد أحد أهم الكتب في التاريخ ، أهمية تقسيم العمل في زيادة الإنتاجية ، وضرب مثال ، شركة السيارات التي تقسم العمل بين الأفراد ، كل في مجاله المعين ، ستتفوق على شركة السيارات التي تقوم بتدوير الموظفين للعمل في كل المجالات ، من خلال افراد كل عامل في تخصصه ، تتطور مهارته ويزداد خبرة في أداء مهمته ، وتصبح الشركة أعلى كفاءة وهكذا الأمر في كل الدول المتقدمة وحال عامة الشركات .

نعود الى معضلتنا في العراق من خلال حكم الطبقة السياسية ما بعد 2003 ، التي اهدرت المليارات بقصد ام بدون قصد بمعرفة ام بدون معرفة بعلم ام بدون علم بنية سليمة ام بنية خبيثة النتيجة هذه الطبقة اوصلت البلاد الى حافة الافلاس والاقتراض لتوفير رواتب العاملين في القطاع العام والمتقاعدين والمسجلين في شبكة الحماية الاجتماعية ، بالتالي هذه العقول التي انتجت فساد ومحاصصة وكراهية وعنف وعدم استقرار هل كانت تمتلك التخصص في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والفكر ، هل يعقل ان هذه الطبقة السياسة لا تملك التخصص على سبيل المثال في السياسة ام الاقتصاد ، اذ ان ما وصل اليه البلد شيء عجيب ، بلد فيه كل مقومات التقدم والتطور يصل به الحال ان يقترض لتوفير رواتب موظفيه .
وعليه هل تم الانتفاع من مفهوم التخصص في عمليتنا السياسية والنظام السياسي ما بعد 2003 بعدما وجدنا المختص بتصليح الاطارات يصبح سفيرا ودبلوماسيا يقود ويمثل بلده في المحافل الدولية ، والذي لم يدخل في كلية الحرب والاركان ليقود معارك مصيرية ، وشخصيات سياسية جلبتها الاحزاب والتيارات السياسية لتتوالى مناصب عديدة في الحكومات المتعاقبة وهي بعيدة عن تخصص المنصب فهل التخصص لعنة ام رحمة الجواب عندك عزيزي القارئ .