واع / الصحف المستقلة.. صوت وطني ديمقراطي حر مهدد بالموت / اراء حرة / فالح السويعي


من اهم اسباب نقمة الشعب العراقي وغضبه على النظام البائد الذي كان يحكم البلاد، هي الدكتاتورية الدموية وانعدام الحرية والديمقراطية لكافة الناس.. حتى اصبحوا يتمنون الخلاص منه بكل الوسائل الممكنة وقدموا في سبيل ذلك انهارا من الدماء، الى ان توج ذلك بحصول التغيير الكبير وازاحة زمرة البعث من السلطة في عام 2003.
فدخل العراق في فضاءات واسعة من الحرية والديمقراطية لا حدود لها، واخذ الناس يمارسونها في حياتهم اليومية كلا حسب تخصصه ووظيفته ومنصبه، ولعله من اهم منابر الحرية والرأي والرأي الاخر، هي الصحف المستقلة، صاحبة القلم المهني المجرد من كل ميول وانتماءات، ولم تتقاضى اية اموال ودعم من حزب او جهة داخلية كانت او خارجية، فكانت صوتا وطنيا حقيقيا حرا معبرا عن امال وطموحات ابناء الشعب بكل صدق واخلاص.
الا ان هذه الصحف، وبسبب الظروف الصعبة التي مر بها البلد، وتراكم الازمات المختلفة، والحروب الطاحنة وقرارات التقشف والعجز المالي ووباء كورونا وما تبعها من ارهاصات قاسية ومؤلمة، القت بظلالها على واقع الاعلام بشكل سلبي، الامر الذي ادى الى انهيار وافلاس المؤسسات الاعلامية واغلاقها والقاء العاملين فيها الى مصير مجهول.
اضف الى ذلك، اسباب اخرى تتعلق بطريقة التعامل الحكومي مع الصحف المستقلة، حيث يتم حجب الاعلانات والاشتراكات المالية عنها، وتحويلها الى صحف اخرى استنادا الى المحسوبية والانتقائية والمزاجية (والكومشنات التي تصل الى 50% لاصحاب القرار)، على اعتبار انها واسعة الانتشار وتحظى بجماهيرية، وبالخصوص الاعلانات المهمة لوزارات سيادية مثل النفط والكهرباء وغيرها.
علما ان هذا التعامل غير المنصف مع الصحف المستقلة، هو الذي ادى بها الى عدم الانتشار والتوقف والتحول من الاصدار اليومي الى الاسبوعي، نتيجة ضعف التمويل والدعم الحكومي، والا فان هذه الصحف بقت تقاتل وحيدة وسط هذه الظروف الصعبة مضحية بكل ما تملك من اجل الكلمة الحرة ومبادئ الديمقراطية التي امنت بها.
لذلك، فاننا نوجه ندائنا الى اعلى السلطات في البلد، وعلى رأسهم دولة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي هو على معرفة تامة بهموم ومعاناة الصحف المستقلة، كونه عمل سابقا في هذا المجال لسنوات طويلة.. ونناشده بان يقف معنا في ازمتنا ومحنتنا، كوننا نمثل ابرز مصاديق وتجليات الديمقراطية على اصولها الحقيقية.. ولكون هذه الوسيلة تمثل مصدر رزق لنا ولعوائلنا وللعاملين فيها، لان اغلاق هذا المنبر سيؤدي الى عواقب وخيمة على الواقع الاجتماعي والمعيشي للبلد.
كما نخاطب منظمة اليونيسيف العالمية، الراعية والداعمة للوسائل الاعلامية في كل دول العالم، بان تحتضن الصحف المستقلة، وتخصص جزءا من دعمها للصحف المستقلة، لاننا كنا دوما وما زلنا، واحة للثقافة والوعي والكلمة المعتدلة واللسان الناطق بالحق والديمقراطية والحريات بمختلف انواعها، علما اننا نثمن مواقفكم ومساعيكم في دعم الاعلام والصحافة في كل دول العالم.
وفي الختام، نقول لكل من يهمه الامر، حافظوا على مكتسبات الديمقراطية واساسياتها، وادعموا الاصوات المطالبة بالحقوق والحريات، وساندوا كل الشخصيات المعتدلة التي وقفت وما زالت تقف رغم الجراح والالام.