واع / العراق يودّع 2021 بـ31 ألف حريق

واع / متابعة

مسلسل الحرائق العراقية، وأبرزها فاجعتا احتراق مستشفى ابن الخطيب بالعاصمة بغداد ومستشفى كورونا بالناصرية، حصد بلا رفق طيلة العام المنصرم، أرواح المئات وخلف آلاف الجرحى والمصابين والمشوهين في العراق، مسجلا أرقاما قياسية مفزعة خلال 2021.

وأعلنت مديرية الدفاع المدني العراقي إحصائيات حوادث الحريق التي تم إخمادها من قبل رجال الدفاع المدني، سواء تلك التي شبت داخل مبان حكومة ومرافق عامة وتجارية ومصانع ومخازن ودور سكنية وأراض زراعية وغيرها.

وبلغت حوادث الحرائق في مجموعها 31533 خلال عام 2021، تصدرت بغداد بقية المحافظات بعدد حوادث الحريق المسجلة فيها، حسب الإحصائية الرسمية.

وأحصت مديرية الدفاع المدني عدد حوادث الحريق في القطاع الحكومي بـ 6189 حادث حريق، فيما بلغ عدد حوادث الحريق في القطاع المختلط 293 حادث حريق، أما حرائق القطاع الخاص فقد بلغت 25051 حادث حريق.

وأبرز أسباب حوادث الحريق تلك توزعت حسب الدفاع المدني العراقي كالتالي:

1- التماس الكهربائي تسبب بـ 14201 حادث حريق نتيجة تذبذب التيار الكهربائي الوطني والشبكات العنكبوتية للأسلاك الكهربائية المتدلية للمولدات الأهلية.

2- عبث الأطفال تسبب في 6486 حادث حريق.

3- أعقاب السجائر تسببت في 1721 حادث حريق.

4- حوادث حريق العمد بفعل فاعل بلغت 1224 حادث حريق.

5- حوادث الحريق بسبب شرارة خارجية بلغت 1105 حادث حريق.

6- حوادث حريق التسرب الغازي بلغت 822 حادث حريق.

7- حوادث تسرب الوقود بلغت 225 حادث حريق.

8- حوادث حريق بسبب نزاع عشائري بلغت 167 حادث حريق.

9- حوادث حريق اصطدام وسائل النقل بلغت 82 حادث حريق.

10- حوادث الحريق بسبب احتراق ذاتي بلغت 25 حادث حريق.

11- حوادث الحريق بسبب انفجار بلغت 27 حادث حريق.

12 – حوادث حريق بسبب مجهول بلغت 554 حادث حريق.

 13- حوادث حريق لأسباب أخرى بلغت 2599 حادث حريق.

وللحديث عن أسباب هذا العدد المهول من الحرائق في العراق على مدى العام الفائت، يقول الباحث العراقي والخبير في تحليل الأزمات، صفاء خلف، في لقاء  له تابعته (وكالة انباء الاعلام العراقي /واع) مشهد الحرائق في العراق، جزء متمم وأساسي لمشهد الفساد الناشب في البلاد، وباتت الحرائق واحدة من أدوات الصراع والتنافس أو إخفاء الأدلة أو إيصال رسائل سياسية، لذا تتزايد نسب الحرائق من سنة لأخرى، لتسجل في العام المنصرم رقما غير مسبوق، وهو مؤشر مقلق على تهاوي البنية التحتية لأدوات السلامة ومكافحة الحرائق، لجهة غياب الإجراءات الحكومية الصارمة، والتهاون في مسائل السلامة والأمن على نحو واسع.

ويمضي الباحث العراقي المختص في تحليل الأزمات، في سرد خلفيات مسلسل الحرائق في بلاد الرافدين، قائلا: مع تنامي تشييد مبان جديدة، كعقارات ومؤسسات واستثمارات، لا تتوافر بها اشتراطات السلامة، ولا يلزم أصحابها بذلك، فضلا عن الاستمرار باستخدام المباني القديمة، ومع تزايد عدد السكان فإن استحداث وحدات سكنية داخل المنازل أو البناء غير القانوني تزايد بما يفوق التوقعات، إضافة إلى العشوائيات التي باتت تحاصر المدن والأحياء، وهي بالغالب أبنية متهالكة تعتمد على التغذية غير الشرعية للطاقة ما يسبب أحمالا أكبر، فتؤدي بالغالب لنشوب الحرائق.

العامل السياسي والفساد يلعبان دورا أساسيا في تزايد المعدل السنوي للحرائق، كما يرى خلف، مضيفا: فالصراع على النفوذ وتصفية الحسابات وإزاحة الخصوم والإيقاع بهم، أو إخفاء أدلة ووثائق تؤكد الفساد وتثبته، مما يعني أن ثمة حرائق مدبرة بفعل فاعل سياسي، بوصفها الطريقة الأكثر سهولة وأمانا ومتوقعة لشيوعها واعتيادها، ولا تبقي أثرا يستدل منه على الجاني، وسيما تلك التي تصيب أقساما إدارية ومالية واستثمارية في الوزارات والمصالح الحكومية.

وأضاف خلف: ثمة حوادث كثيرة تعبر عن فداحة الإهمال الحكومي الناتج عن بيروقراطية الفساد وتنافسية المصالح التي تتفشى بجسم الدولة العراقية إجمالا، وفوضى اللعب بمصائر العراقيين ضمن صراعات حيازة النفوذ مع ضمان الإفلات من المحاسبة، ويمكن اعتبارها فواجع وطنية تؤكد على نحو مطلق عدم أهلية النظام الحاكم، ومدى استسهاله تقبل الناس لموتهم كصور من صور اليأس الجماعي واحتضان الموت كعزاء نفسي ومواساة خلاصية، واستسلام مفجع بأن تكون مواطنا في بلاد منهوبة.

شيوع حوادث الحرائق في العراق، أفضى لاستخدامها التناحر السياسي كأداة ضمن الصراع والأزمة السياسية والاقتصادية وعليه، كما يوضح الباحث العراقي، بالقول: “في 10 يوليو 2018، أقدم مسلحون على حرق العشرات من صناديق الاقتراع في أحد مخازن وزارة التجارة وسط بغداد للتأثير على النتائج النهائية للانتخابات، فضلا عن المنافسة الاقتصادية ومنع العراق من تدعيم إنتاجه الوطني من أجل خفض الاعتماد على الاستيراد من الخارج سواء من تركيا أو إيران، لذا الحرائق التي تنشب في مشروعات استثمارية وطنية تؤشر على متضرر خارجي يفتعل الحرائق، كما حصل في العام 2019 حين نشبت سلسلة حرائق بمعامل الدواجن بعد قرار العراق منع استيراد البيض واللحوم البيضاء من دول الجوار”.

فيما استخدمت جماعات مسلحة مثل تنظيم داعش الإرهابي والميليشيات المسلحة، الحرائق كسلاح لتحقيق أهدافها، حسب خلف، الذي يضيف :”كما حصل في سلسلة الحرائق التي دمرت حقولا شاسعة مزروعة بالقمح والمحاصيل الاستراتيجية في العام 2019، ولا يمكن طبعا التغافل عن المسببات المناخية، فالارتفاع المفرط بدرجات الحرارة في العراق والتي تمتد على مدى شهور طويلة خلال السنة الواحدة، يؤدي أيضا لنشوب الحرائق وبفعل تهالك بنية السلامة في المباني واستخدام مواد رخيصة”.

وأثارت هذه الإحصائية الصادمة حول عدد حرائق العراق، نقاشا واسعا في مختلف المنصات والشبكات الاجتماعية العراقية، حيث اعتبر الكثيرون من روادها أن المسؤولية لا يقع عاتقها على الجهات الحكومية والسياسية المتنفذة واهتراء البنى التحتية فقط، بل أن ضعف الوعي المجتمعي والاستهتار بالسلامة العامة، أيضا يلعبان دورا كبيرا في تحول البلاد إلى ساحة حرائق متنقلة، ضاربين أبسط مثال على ذلك برمي أعقاب السجائر المشتعلة من قبل مدخنين عراقيين في الأماكن العامة مثلا، حيث تسببت هذه الممارسة المشينة والخطرة، في إحداث قرابة ألفي حريق في البلاد حسب إحصائية مديرية الدفاع المدني العراقي.