واع / مـدن عراقيـة خالـدة .. محافظة كركوك .. وقيصريتها القديمة ..عنوان الالق التاريخي للعراق ..
وكالة انباء الاعلام العراقي / خالد النجار / بغداد
من المدن العراقية الجميلة ذات التنوع الفسيفسائي العراقي الاصيل هي محافظة كركوك ومركزها مدينة كركوك .. تلك المدينة الاشورية القديمة التي يرجع تاريخها الى الالف الثالث قبل الميلاد سيدنا المسيح عليه السلام اي اكثر من ٥٠٠٠ سنة ومن ممكن ان تكون كركوك اقدم من هذا التاريخ بكثير لان ..قرية قالة يرموا.. او الارض الخالدة ترجع بنائها الى الالف السادس قبل الميلاد وكذلك قرية يورغان تبة او نوزي هي كذلك تاريخها يرجع الى الالف السادس قبل الميلاد.. حيث بدأ السومريين حضارتهم من شمال البيت النهرين بعد وصولهم من الاسيا الوسطى الداخلية ،ولكنهم لم يفهموا لغة اهل الرافدين من الاراميين. هذا يعني قبل وصول السومريين كانت مجموعة من الحضارات موجودة في المنطقة الشرق الاوسط كحضارة الحلف وحضارة الحاصونة ،وغيرها في الالف السادس قبل الميلاد ، اما السومريين الذين سكنوا بلاد النهرين منذ الالف السادس وعاشوا ضمن هذه الحضارات وبعد مرور الزمن اخذو بزمام الامور بعد ان نجحوا في كشف الكتابة وفرضوا لغتهم على اهل الرفدين من خلال الكتابة والطقوس الدينية الى ان اصبحوا قوة حضارية وثقافية وتجارية والسلطة وشرعوا قوانين واسسوا مدارس وبدأ تحول في حياة الانسان وهكذا اصبحت بلاد الرافدين مركز العالم الحضاري..
( واع ) .. اليوم وضمن ملف كركوك والمناطق والمعالم التاريخية العراقية الاصيله فيها نتحدث عن ( قيصرية كركوك التاريخية ) هذه القيصرية التي تمثل في مركز مدينتها (على بعد 240 كلم شمالي العاصمة بغداد) أحد الأسواق التراثية في العراق، ويعود إلى منتصف القرن الـ18، ويتميز بمعماره وألغازه الفلكية، وهي من الأسواق التراثية والتجارية المهمة في المدينة، ليس بالنسبة لسكانها فحسب وإنما للزائرين أيضا. فبالإضافة إلى أهميتها التجارية، يحس الزائر بعبق رائحة التاريخ والتراث بنمط عصري متميز، وكلما مررنا بها والعائلة لابد ان نتجول فيها بتفصيل نشعر فيه بالغربة والبقاء فيها اطول مدة ممكنة ! هذه القيصرية يعود بنائها إلى نحو 150 عاما، وإن الحجر الأبيض الذي استخدم في بنائها، إضافة إلى مادة الجص الشائع في كركوك، حيث ان السوق صمم بطريقة لافتة، ويضم بداخله محال تجارية بعدد أيام السنة، وشققا تراثية في الطابق الأول بعدد الأشهر، ومداخل بعدد أيام الأسبوع. كما يضم أروقة داخلية بعدد ساعات اليوم.
( واع ).. يذكر بأن الهيئة العامة للتراث في العراق بدأت بصيانة السوق خلال سبعينيات القرن الماضي لحمايته من التصدع والانهيار، وأكملت أعمالها محافظة على طرازها القديم وقيمتها التراثية مطلع العام 1980، ثم تم تاجيرها تأجيرها للباعة والكسبة والتجار من مختلف صنوف المواد التجارية والصناعية والغذائية وغيرها من المواد..
. وعن اسس البناء وطرازها العباسي تحدث المهندس المعماري يشار محمد لـ ( واع ) : لاهمية هذه القيصرية فقد تم بنائها وفق الطراز العباسي، وأن المواد التي استخدمت في البناء ، كانت شائعة في العهد العثماني، وتعلو الأسطح قبابٌ في منتصف كل منها فتحة لأغراض الإضاءة والتهوية، وأرضيتها مطلية بالجص ..وواد ان اشيرالى ان واجهة المحال نفذت بطريقة العقود الصغيرة من المرمر، ويقع السوق على بعد عشرة أمتار فقط إلى الجهة الجنوبية الشرقية من ( قلعة كركوك الشهيرة) وقد شيد حينها كمركز تجاري لتسهيل عمليات البيع والشراء لسكان القلعة بعد زيادة عدد سكان المدينة واتساع رقعتها، كما ان هذه القيصرية قد استقطبت منذ إنشائها ،فضلا عن الباعة والتجار- أصحاب الحرف اليدوية الشعبية المتنوعة، ومنها صناع الفخار والأواني النحاسية والفخارية ..
. ويؤكد محمد لـ ( واع ) : اود ان اشير ايضا الى ان السوق يتميز ايضا كبقية الابنية التاريخية والتراثية في كركوك معمارياً بأقبيته وأقواسه وعقوده وزخارفه، ومن أبرز خصائص قبة هذا السوق تخفيف القوى الضاغطة على الجدران، وبالتالي على أساس البناء، وتعلو سطح القيصرية قبب مسطحة في منتصف كل منها فتحة سقفية لأغراض الاضاءة والتهوية..أما الاقواس التي تزين مداخل السوق ودكاكينه فهي من الجص أو من الرخام المدبب، القيصرية، هذه مثل أية بناية تاريخية وتراثية في كركوك لا تخلو من الزخارف التجميلية والرسوم التراثية والثقافية تترجم واقع المكونات العراقية المختلفة في هذه المدينة الجميلة والرائعه .
وعن جوانب الصيانه والمتابعة لهذه القيصرية تحدث مدير دائرة آثار كركوك لـ ( واع ) :بلا شك يقع على عاتق دائرتنا الكثير من المهام الفنية للمحافظة على الابنية التراثية والتاريخية للمدينة ، وان قيصرية كركوك كانت ولاتزال من مهام دائرتنا حيث قامت الهيئة العامة للتراث بصيانتها في مطلع الثمانينيات وتأجيرها إلى المواطنين، وحاليا يوجد وارد نقدي معين من القيصرية للدولة .. وان هذه القيصرية لها تأثير كبير جداً في ازدهار الحركة التجارية في محافظة كركوك، بسبب قدم هذا السوق ووقوعه في مركز المدينة، وهناك إدامة وترميمات مستمرة لسوق القيصرية مع جباية مبلغ مالي من أصحاب المحال التجارية كإيجار قيمته (50) الف دينار سنوياً، وتودع هذه الأموال في الهيئة العامة للآثار والطرق في بغداد بصكوك تُدفع من قبل المستأجري..”
مضيفا : نعم قمنا بترميمات واسعة لأسطح مباني سوق القيصرية، ووضعنا كاشي الـ ( شتايكر) والماستك الحراري (قيرعازل للمياه)، وزودنا المحال بأبواب حديدية للحفاظ عليها من السرقة، وقمنا بنصب مظلة كبيرة من الحديد والصفيح المضلع في الواجهة الأمامي للسوق لكي لاتؤثر الإمطار على المحلات في فصل الشتاء.. كذلك تم تنصيب مظلات داخلية لتجنيب المتسوقين والمارة أشعة الشمس الحارقة في فصل الصيف، هذا السوق يعتبر من المراكز التجارية المهمة في محافظة كركوك، وأنه سوق تراثي وهو مصدر للسياحة المحلية من جميع المحافظات العراقية”
ـ الحاج عباس اوغلوا قال لـ ( واع ) : الجميع يعرف جيدا ان قيصرية كركوك لم تكن سوقا فحسب، بل باتت مزارا سياحيا وتجاريا وأثريا مهما يجذب إليه يوميا آلاف الزوار والسياح، إضافة إلى العابرين المتوجهين لزيارة المحافظات الاخرى بهدف السياحة أو الاصطياف والذين يجدون في كركوك محطة للاستراحة. كما اود القول وحسب المصادر تاريخية فان ( القيصرية كلمة تعود إلى القيصر)!! وهو ما يطلق على الإمبراطور الروماني، كما أطلقت الكلمة على عمليات الولادة التي تتم عبر فتح بطن الأم لاستخراج الجنين وتسمى عملية قيصرية، وسميت بذلك نسبة إلى الإمبراطور الروماني أغسطس أول شخص ولد بهذه الطريقة ، ويشتهر سوق القيصرية في بيع الملابس والذهب والاعشاب والاواني النحاسية والمستلزمات المدرسية ومواد التجميل للنساء ومنتجات اخرى.