واع / النفايات في ديالى كنوز مدفونة وسط غياب الاستثمار

واع / ديالى / رعد شريف
تشكل النفايات بمختلف انواعها تحديا كبيرا ومن نوع اخر وعبئا مضافا الى الاعباء التي تنوء بحملها الحكومات المحلية في المحافظات بل وحتى الحكومة المركزية وشكلت احدى المشاكل التي لا تزال تبحث عن حلول جذرية لمعالجتها على الرغم من اهميتها الاقتصادية اذا ما استغلت بصورة صحيحة واعيد تدويرها وفق المواصفات والمعايير المطلوبة وهنا تكمن الحاجة لوجود معامل ومصانع تحقق الفائدة منها بدلا من رميها بمكبات عشوائية تفتقر الى المطامر الصحية النظامية مما تسبب ضررا جسيما على الصحة العامة اضافة الى تأثيراتها البيئية المستمرة من خلال استخدام اسلوب ( الحرق ) الذي يعتبر من اخطر الاساليب تأثيرا اضافة الى اهدار وتقليل قيمتها الاقتصادية لوجود عناصر ومكونات صالح لإعادة تدويرها واستخدامها من جديد كما ان هذا الاسلوب البدائي يتسبب بتلوث نسب كبيرة من الهواء مما يشكل احد عوامل عدم الاستقرار البيئي الذي اصبح ضحية عمليات التجريف والحرق والتصحر والرمي العشوائي للنفايات وهو ما يهدد بكارثة بيئية واسعة تقتضي تدارك مخرجاتها السلبية الناجمة عن ضعف الوعي الصحي وغياب الشعور بالمسؤولية تجاه هذا الملف ومسببة العديد من الامراض التي قد يكون بعضها مزمنا وقد تكون مصدر قلق كبير للكثير من المواطنين .
مخاوف المستثمرين
ورغم اقرار قانون الاستثمار المرقم 13 في العام 2006 من قبل مجلس النواب العراقي والذي يسعى من خلاله الى تشجيع الاستثمارات والمشاركة بتنمية الموارد الاقتصادية العامة للبلاد من خلال اسهام القطاع الخاص اذا كان محليا او اجنبيا بعملية التنمية المراد الوصول اليها وتعزيز قدرتها الانتاجية والخدمية الى جانب القطاع الحكومي كمحاولة منه لمواكبة التطور الحاصل في اقتصاديات دول الشرق الاوسط او على الاقل دول الجوار الاقليمي الا انه لم يتم تفعيله بما يتلاءم والمتطلبات التي وجد من اجلها ليس بمحافظة ديالى فحسب بل على مستوى البلاد بشكل عام وظل ضعيفا ودون مستوى الطموح لأسباب مختلفة منها ما يتعلق بالمستثمرين الذين تنتابهم العديد من المخاوف ومنها ما يتعلق ببيروقراطية القوانين وتداخلها بين مختلف الجهات الرسمية في الدولة واضحت العديد من الفرص الاستثمارية بأنتظار من يحركها من الرفوف ويحولها الى واقع استثماري حقيقي .
احصائيات رسمية
وتشير الاحصائيات الرسمية المستقاة من مديرية البلديات العامة الى ان كمية النفايات المرفوعة من مختلف الوحدات الادارية التي تتشكل منها المحافظة لعام 2021 بمقدار 410 الف طن في حين بلغت كمية الانقاض التي رفعت من قبل الكوادر البلدية للعام ذاته من مخلفات المواد الانشائية بمقدار 52138 متر مكعب اي ما يعادل83420 الف طن في حين بلغت كمية مواد السكراب المرفوعة 2521 طن .
وشهد العام 2022 ارتفاعا غير مسبوقا بكميتها وحجمها مقارنة بالعام الذي سبقه حيث بلغت نسبتها بما يقارب 481939 الف طن بينما زادت كمية الانقاض المرفوعة لتصل الى 236527 الف طن اما بالنسبة الى مواد السكراب التي ازيلت من مختلف مناطق المحافظة فبلغت 2364 طن .
وتشير احصائية شهر كانون الثاني للعام 2023 الى ان متوسط كمية النفايات المرفوعة بلغت 22569 طن وبينما بلغت نسبة المواد السكراب 137 طن فقط في حين وصلت نسبة الانقاض المرفوعة الى 4231 متر مكعب .
اعداد المشمولين بالخدمات البلدية
واصبح عدد السكان المشمولين بالخدمات البلدية ووفق التصميم الاساسي الجديد للمحافظة 583359 شخصا بينما عدد المواطنين المخدومين بمركز مدينة بعقوبة وحدها بلغ 309334 فردا ليصبح عددهم الكلي 892693 نسمة من اصل سكان المحافظة المشمولين بهذه الخدمات من فئة الحضر والتي يبلغ تعدادها 1814368 نسمة وفق جدول تقديرات سكان المحافظة الذي اعدته دائرة الاحصاء لعام 2022 وبزيادة 3% عن العام 2021 اي بما يساوي 30 الف نسمة بحسب مسؤول قسم البيئة في المديرية المهندس جاسم محمد .
ويضيف ان عدد العمال الذي يعملون ضمن الكوادر البلدية بأقضية ونواحي المحافظة بأستثناء مدينة بعقوبة يبلغ 527 عاملا .
و عدد المحطات التحويلية غير النظامية 12 محطة تكون مكانا لجمع النفايات ( موقع تجميع مؤقت ) وقد صدرت الموافقات الرسمية بخصوص 6 مواقع اخرى جديدة بعد تطابق المواصفات الفنية لها مع المعايير المطلوبة وسيتم انجاز الاجراءات المتعلقة بالمواقع المتبقية , في حين هناك اربع مواقع رمي عشوائية تتغير بين فترة واخرى .
لا توجد مطامر صحية نظامية بل هناك مكبات ليس الا والسبب يعود لعدم امتلاك دوائر البلدية للأراضي المخصصة للطمر الصحي باعتبارها خارج حدودها وتكون عائديتها للوزارات الاخرى في حين تؤكد الشروط ان تكون معامل تدوير النفايات خارج حدود المدينة بما لا يقل عن ثلاثة كيلو مترات وقطعة الارض التي خصصت سابقا وحسب التصميم الاساسي الجديد للمحافظة لا تصلح لإنشاء اي مصنع او معمل عليها في الوقت الحاضر كونها دخلت ضمن الحدود الجديدة للمدن وهذا يعتبر احد التحديات المتعلقة بالتصميم الاساسي مما يشكل عقبة اخرى امام عقبات الاستثمار لان هذا يتطلب البحث عن اراض جديدة وهذا يعني مخاطبة الوزارات والجهات المعنية لغرض تحويلها الى ملكية وزارة الاعمار والاسكان والبلديات لتطرح كفرص استثمارية تكون موقعا لمعامل التدوير اذا ما تم التعاقد مع المستثمرين المحليين او الاجانب .
وفود استثمارية
وفد استثماري اجنبي زار المحافظة قبل اشهر للاطلاع على امكانية انشاء معمل لتدوير النفايات وتم تزويده بكافة البيانات الموجودة والخاصة بشروط الاستثمار لدراستها والاطلاع عليها لان وجود مصانع متعددة لتدويرها سيحل الكثير من المشاكل المتعلقة بها وسيقضي على جزء كبير من البطالة المستشرية بين الشباب لعدم قدرة القطاع الحكومي على استيعاب اعدادهم المتزايدة وبالأخص خريجي الدراسات الاكاديمية الذين تتزايد اعدادهم من سنة الى اخرى ورغم سعي ادارة المحافظة ومديرية البلديات الحثيث لتحويل هذا الملف المعقد الى مشروع استثماري ناجح وتوفيرهما لكافة الاجواء المناسبة للمستثمرين وتذليلهما لكافة العقبات التي تواجههم واستعدادهما التام للتعاون بما يخدم طرفي المعادلة لمعرفتهما ان هكذا مشروعات تعتبر من المشاريع الاستراتيجية والحيوية المهمة التي تتعلق بكيفية الاستفادة منها وتحويلها الى مواد نافعة تصلح للاستخدام مرة اخرى وستكون له نتائج ايجابية على الواقعين البيئي والصحي لكونه يعتبر احد مخرجات الطاقة المطلوبة من جهة وتحييد كمياتها المتزايدة نتيجة للتوسع السكاني الحاصل من جهة اخرى .
مكبات لم ترتقي الى مواقع الطمر
مدير بيئة ديالى صباح الشمري اكد : ان هناك متابعة مستمرة من قبل كوادر دائرته الفنية لمراقبة رمي النفايات ومكباتها التي تفتقر ولم ترتقي الى مواقع الطمر بتسميتها الرسمية بل هي عبارة عن مكبات ورغم الافتقار الى اجهزة قياس لمعرفة نسبة التلوث الحاصل في الهواء من جرائها مما يؤشر الحاجة الى وجود معامل لتدويرها وهي على ندرتها بعموم مناطق البلاد وبهذه الطريقة يتم حصر حجم التلوث بل والتخلص منه اذا ما تم تحويلها الى طاقة اقتصادية تكون مؤشرا على رفع اقتصاد البلد وتشغيل ايدي عاملة فيه وتكون احد اسباب التطور الاقتصادي والعمراني فيه .
وهناك خطط معدة مسبقا و اجراءات قانونية تتخذ من قبل الدائرة في حال وجود مخالفات بيئية عند رميها بغير اماكن الطمر المخصصة لها , و بالنسبة للنفايات الطبية الموجودة في المستشفيات فعلق بالقول : يتم حرق قسم منها بمحارق نظامية مخصصة لها ضمن جهات مسيطرة عليها والعادية منها ترفع من قبل الكوادر البلدية .
تداخل في الصلاحيات
وتقول رئيسة لجنة الصحة والبيئة بمجلس المحافظة السابق نجاة الطائي ان التداخل في الصلاحيات بين الوزارات وتعدد مصادر القرار حالت دون تنفيذ هذا المشروع وغيره من المشاريع التي لو اقرت لنقلت البلاد وليس المحافظة فحسب الى واقع افضل كون ان بناء مثل هذه المعامل سيؤدي الى توليد الطاقة وتخفيف الضغط على الحكومة فيما يتعلق بالمطالبة بالوظائف العامة وخلق بيئة صحية والقضاء على الامراض الانتقالية كما معمول به بالدول المجاورة للعراق.
وشكل مجلس المحافظة السابق العديد من اللجان الدورية المهمة لمعالجة ملف النفايات المتراكمة ومراقبة عملية رميها والتحقق من عدم مخالفتها للشروط البيئية والصحية وتنظيم حملات توعوية بأهمية التعامل مع هذا الملف وفق منظور حضاري وليس مجرد رميها بطريقة عشوائية تكون مرتعا للحيوانات السائبة .
ويؤدي تراكم النفايات الى تشويه كل ما هو جميل وحضاري في الاماكن التي تتواجد فيها وبالأخص عند اتلافها بجانب الطرقات او بالمكبات القريبة منها الامر الذي يتسبب بظهور القوارض والحشرات الناقلة للأمراض التي تعتبر من اشد النواقل الملوثة والمؤثرة على صحة المواطنين بشكل عام وتلويثها للهواء بنسب عالية اذا ما احرقت بطرق تقليدية بعيدا عن الطرق الحديثة والمعتمدة .. مما يؤشر الحاجة الملحة الى اهمية استغلالها بصورة ايجابية ومثالية ووفق منظور علمي وصناعي تتوخى فيه الجدوى الاقتصادية لتصبح احد المؤشرات المهمة على نمو اقتصاد البلد لتتنوع ايراداته بنسق مضطرد بدلا من الاعتماد على ايرادات محدودة مع ضرورة تبسيط الاجراءات المتبعة للمستثمرين الذي يرغبون بدخول سوق العمل في البلاد والمساهمة بتطوير اقتصاداته وصناعاته عن طريق المساهمة ببناء المصانع والمعامل ومنها مصانع تدوير النفايات ليتم الانتهاء من هذا الملف الذي يعتبر من اشد الملفات خطورة وتأثيرا .