واع / نائب محافظ البنك المركزي العراقي: رفعنـا قيمة الـدولار الاميركي وخفضـنا قيمة الدينار العراقي فأصبحت لدينا قدرة تنافسية؟!

وكالة انباء الاعلام العراقي ـ وكالة رويترز/ حوار خالـد النجـار ـ هيثم مزبان / بغداد

                                             (القسم الاول ) 

بعد أن قرر البنك المركزي العراقي في بيان له رفع سعر صرف الدولار من (1182) دينار/ دولار الى (1450) دينار/ دولار لتعزيز التنافسية لصالح المنتج الوطني وما نتج عنه من زيادة في موارد المالية العامة ..ولتسليط الضوء على خلفيات هذا القرار، اتفقنا انا خالد النجار رئيس المحررين في (وكالة انباء الاعلام العراقي) وزميلي هيثم مزبان مراسل (وكالة رويترزالفرنسية للأنباء) لإجراء الحوار مع السيد إحسان الياسري/ مديرعام دائرة المحاسبة والمكلف بمهام (نائب محافظ البنك المركزي العراقي) حيث كان محورنا عن ماهية سياسة البنك المركزي العراقي لإدارة الأمور المالية من أجل بقاء العراق آمناً اقتصادياً وجاذباً للأموال خارجياً ،كما تطرقنا عن موضوع اعادة الأموال المفترضة من قبل الحكومة بقانون الاقتراض الداخلي وهل كان رفع سعر صرف الدولار الأمريكي قراراً (سياسياً أم اقتصادياً) (خفض قيمة الدينار العراقي). !! وبالرغم من تحديد سعر صرف الدولار من قبل البنك المركزي العراقي بـ (1450) دينار عراقي لكل دولار في حين يتم تداول الدولار بأقل من هذا السعر في الأسواق. وهل هناك تخوف من البنك بهبوط قيمة الدينار العراقي والذي قد يضر بسمعة العراق الاقتصادية. ومحاور أخرى تتناول الأوضاع الاقتصادية وظروف المواطنين الصعبة والتي جاءت كمطرقة على رؤوس الفقراء في العراق بعد قرار وزارة المالية.

ـ بدأنا الحوار مع السيد إحسان ووضعنا النقاط والاسئلة التي أجاب عليها مشكوراً وبشكل مفصل، وكجزء من حوار يبدأ وقد يصل إلى( حلقتان أو أكثر) من ذلك وحسب الظروف ا الاقتصادية التي يمر بها مجتمعنا وشعبنا العراقي ومعطيات هذهِ المرحلة وما يليها حيث قال الياسري:

 ـ بداية نرحب بكم وبوكالتكم الإعلامية ( وكالة انباء الاعلام العراقي ـ واع )و(وكالة رويترز الفرنسية للانباء) مشكورين لتسليطكم الضوء على هذا الجانب وأود القول : أن سياسة البنك يحكمها قانون البنك المركزي العراقيكما هو معروف، وفيها مجموعة من الثوابت لتحقيق الاستقرار كهدف والتشغيل الكامل للاقتصاد ومكافحة التضخم والحفاظ على الاحتياطي المالي للبنك، لأنه الأساس والسند للعملة المصدرة للتداول، ودعم قيمة الدينار العراقي كما تعرفون. والعراق سيبقى آمن لأن لديه احتياطات كافية وتضاف إليها موارد أخرى مثل امتلاكه المياه العذبة التي تكفي لاستكمال زراعة جميع الأراضي الصالحة للزراعة، مع أن هناك بعض الدول تزرع من الآبار الارتوازية والعراق فيه مياه كافية ويحتاج فقط إدارة هذهِ الموارد وتوظيفها.!وأود أن أبين أن البنك المركزي العراقي يمثل العمود الفقري للنظام المالي والاقتصادي، ومحور عمل القطاع المصرفي الذي يُبنى عليه النظام المصرفي في العراق.

ـ واضاف الياسري : منذ بدأت الأزمة الأمنية والمالية عام 2003 بعد احتلال العصابات الظلامية لأجزاء واسعة من العراق، والبنك المركزي في قلب الأحداث والفاعل الرئيسي في البحث عن الحلول وتقديم النصح للحكومة باعتباره مستشارها والذي يمسك حساباتها.كانت الأزمة المالية قد استنفذت جزء من موارد العراق !، فقد انخفضت أسعار النفط لمستويات متدنية للدرجة التي أعلن فيها وزير المالية أنه لن يستطيع دفع رواتب موظفي الدولة بعد شهرين.؟! ولكن البنك المركزي تصدى لهذا الموضوع !! وقرر إسناد المالية العامة بعدد من الأدوات التي تملكها السلطة النقدية وأخرج البلاد من أزمتها المالية، فعبرت البلاد المحنة لحين تحسن الأوضاع! فخلال الأعوام 2014، 2015 و2016 خصم البنك المركزي حوالات أصدرتها وزارة المالية واشترتها المصارف. كانت عملية الخصم طوق نجاة للمالية العامة استطاعت أن تسدد التزاماتها وتدفع الرواتب. ولم تتوقف إجراءات البنك المركزي على خصم الحوالات لتوفير السيولة للمالية العامة، بل أطلق عام 2015 حزمة من المبادرات التي أسهمت في دعم القطاع الحقيقي ووفرت أموالا طائلة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وحتى المشاريع الكبرى..

ـ واكد الياسري :كما أطلق البنك المركزي مبادرة (5) ترليون دينار لتعزيز سيولة المصارف الاختصاصية وهي الزراعي والصناعي والإسكان لتشغيل القطاعات الثلاثة المهمة ولتشغيل العاطلين عن العمل من خلال تشغيل المشاريع التي تستقطب الاف الشباب ،كما أطلق مبادرة (1) ترليون دينار لدعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر من خلال المصارف الخاصة.وقد اسهمت تلك المبادرات بإطلاق موجة من الأموال في الاقتصاد، وهي موجة عوضت عن التقصير الذي أصاب أدوار الحكومة في دعم التنمية نتيجة انشغالها بالمهام الأمنية وإدامة زخم مكافحة الإرهاب. ولم يكتفِ البنك المركزي بهذه المبادرات، بل أطلق مبادرة لحل مشاكل المقاولين والفلاحين الذين تأخرت الحكومة في صرف مستحقاتهم من خلال سندات المقاولين والفلاحين. حيث تم صرف مستحقات المقاولين والفلاحين بسندات تم خصمها من قبل المصارف لدى البنك المركزي. الأمر الذي أسهم بحل مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة بسبب تأخر صرف تلك المستحقات وما تبعها من اضطرابات اجتماعية وصلت لحد التنازع والقتل!!

ـ وعن موضوع انسيابية الصرف والمبادرات اوضح الياسري : كل تلك المبادرات لم تثنِ البنك المركزي عن دوره الرقابي في تحسين أداء المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية، حيث استمر بمراقبة الجهاز المصرفي وتحسين آليات الرقابة وضبط سلوك المصارف بما يتوافق مع توجيهات البنك في بناء قطاع مصرفي يسهم في جهود التنمية ويكون محور هذه التنمية وقاطرة مسارها ، ويتطلع البنك المركزي العراقي إلى تحقيق فكرة الشمول المالي بإيصال الخدمات المصرفية إلى أوسع شريحة من المجتمع وإلى أبعد بقعة من بقاع البلد.. وهي مهمة كبيرة تحتاج إلى جهود كبيرة وثقافة مجتمعية تتخلص من عادة حمل النقود والتحول إلى بدائل النقود التي لها فوائد عظيمة، أهمها التقليل من النقد المصدّر للتداول والتخلص من مشاكل الأوراق النقدية وتلفها واحتمالات المزيف منها وتناقل الأموال وخزنها.

– وعن العلاقة بين السياسة المالية والسياسة النقدية أوضح الياسري : أن السياسة النقدية تحاول معالجة آثار السياسة المالية بحكم طبيعتها، لأنها تنفق وتقوم بأدوار ووظائف من شأنها تعطيل السياسة النقدية، وهذهِ طبيعة الأمور. وفي بعض المرات يكون هناك تقاطع فيما بينهما. ولابد أن تكون هناك (رشادة) ! للسياسة المالية للحكومة لأن البنك المركزي العراقي تتأثر اجراءاته ومواردة بعوامل خارج إرادة البنك نفسه. فموارد النفط تعتمد على أسعاره. وكلما أسرفت الإدارة المالية بالاقتراض، سيتوفر للجمهور موارد ماليه ستمكنه من طلب العملة الأجنبية.

-وأضاف الياسري: بعد أن عدلنا سعر الصرف وخفضنا قيمة الدينار العراقي ورفعنا سعر صرف الدولار الأمريكي اصبح لدينا قدرة تنافسية للقطاع الحقيقي العراقي والمنتج الوطني يتمكن الآن من الإنتاج والبيع كون الدولار كان منخفضاً وكان من يصدر لنا سلعة للعرق بأي سعر يربح. وبعد أن خفضنا قيمة الدينار وبحدود (22%) معناه تنافسية المنتج العراقي ارتفعت بمقدار (22 %) وبالتالي ليست كل السلع الواردة للعراق ستجد سوقاً لها!!

-ويضيف الياسري: إذا كان احتياطي البنك المركزي يمثل نحو نصف قيمة المصدر للتداول فأن الوضع آمن. بينما احتياطي البنك المركزي يُعادل أكثر من (130 %) من المصدر للتداول، اذن فأن عملتنا رصينة مئة بالمئة بصرف النظر عن العلاقة بين قيمة الدينار والدولار. والمعيار الآخر هو إذا كانت احتياطيات البنك المركزي العراقي تكفي لتغطية الاستيرادات لمدة (6) أشهر، يعتبر احتياطي مريح، وفي العراق احتياطنا، حتى لو توقفت مبيعات النفط، تغطى أكثر من (25) شهر ونحن نعتبرها من هذهِ الناحية رصينة جداً وعملتنا قوية واقتصادنا عموماً اقتصاد قابل لـ (الإنعاش) ؟! وإن أول استجابة لقرار سعر الصرف هو القطاع الزراعي وخاصة المحاصيل الموسمية بعدها قطاع الانشاءات. وكذلك كل الصناعات التحويلية ستستجيب أكثر، بعده تستجيب بقية القطاعات. وإن الإزاحة التي سيحدثها سعر الصرف ستكون لصالح التصدير..وان قرار تعديل سعر الصرف قرار اقتصادي ليس له علاقة بالسياسة وبلا شك سيكون له تأثيرات اقتصادية وسياسية واجتماعية، وإن التعديل الأخير قد وفر مبلغاً معيناً ونعتقد بانه سيعزز التنافسية وإن الفرق بسعر الصرف سيجني ثماره.

-وماذا عن فروقات ارتفاع أسعار برميل النفط حالياً في الميزانية ثبت على (42) واليوم برميل النفط وصل إلى (52) وأكثر. من ذلك ترى أين حسابات ذلك وهل ترجع مردوداتها إلى البنك؟ أم ماذا؟

فيجيب الياسري عن ذلك بالقول: لاحظ هناك الآن بعض النصائح والتي تخص تقليل العجز وممكن رفع سعر البرميل إلى (45) وهو إن المال لن يذهب ولن يكون للبنك المركزي العراقي وان العجز المخطط الآن هو (71) ترليون، وهم مخططين إن البنك المركزي العراقي يؤمن ذلك العجز من خلال خصم الحوالات!! ونحن نوفر الدينار لكي لا يحصل (هلع عند الجمهور) ؟! ونوفر للدولار حتى (الناس تأخذ دولارها) ؟!! وكلها تحصل لسببين، الأول لأن الجمهور يثق بالبنك المركزي العراقي وأصدرنا بيان قلنا بأن هذا التغيير ليس على مراحل مثلما طلب بعض الناس لأن هذا يهدر ويقتل الاستقرار وقد اعلناها بأنه سعر نهائي ولاحظوا بأن النافذة الخاصة بنا بعد تعديل سعر الصرف بدلاً من (200) مليون دولار يومياً بدأت اليوم والأمس بالصعود ونحن نبغي ذلك لحاجتنا إلى الدينار. فإذا لم نبيع الدولار من أين نأتي بالدينار والمالية بحاجة إلى الصرف وليس من مصلحتنا أن نطبع الدينار وبالتالي يرتفع المصدر في التداول.               

                            (( تاريخ تاسيس البنك المركزي العراقي ))..

ـ وتجدر الاشارة انه في عام 1956 اصبح المصرف الوطني العراقي هو(البنك المركزي العراقي )حيث شملت مسؤولياته اصدار وادارة العملة والرقابة على  معاملات النقد الاجنبي والاشراف والرقابة على الجهاز المصرفي، كما يحتفظ البنك بحسابات الحكومة وعمل على ادارة القروض الحكومية. وبمرور السنين  فقد وسع التشريع من صلاحيات البنك المركزي ففي عام 1959 تحول ربط العملة من الباون البريطاني الى الدولار الامريكي وبسعر دينار = 2.8 دولار

. وفي 14 تموز 1964 أممت كافة المصارف وشركات التأمين و تعززت الصيرفة خلال العقد الثاني. وعلى اثر انخفاض قيمة الدولار عام 1971 و 1973، ارتفعت قيمة الدينار العراقي الى ما يعادل 3.3778 دولار للدينار الواحد.

. وبحلول عام 1987 تألف الجهاز المصرفي من البنك المركزي العراقي ومصرف الرافدين والمصرف الزراعي والمصرف الصناعي والمصرف العقاري. ادى تخفيض %5 من قيمة الدينار الى تراجع قيمته الى 3.2169 دولار وهو السعر الرسمي الذي استمر لحين حرب الخليج على الرغم في اواخر عام 1989 سجل سعر السوق السوداء 1.86 دينار للدولار الواحد.

                                                                       (يتبع القسم الثاني )