واع / الكامن الدَّلالي في شعر مزهر حسن الكعبي جنون العاصفة _ أُنموذجا ً

واع / بقلم النَّاقد : جبّار النَّجدي ّ

الحُب ُّ في قصيدة الشّاعر
مزهر الكعبي لغويّا ً قائَما ً بذاته ، يمثِّل ُ خروجا ً على
مقتضى الظَّاهر ، فالحُب ُّ يخرج ُ عبر َ مسار ِ القصيدة
مِن الإضمار ِ إلى الإظهار ِ
حيث ُ تتم ّ إعادة ترتيب
الكلام بصورة ٍ مُتحدِّية ٍ ،
تترك ُ مَوقعَها ، لتصيب َ
غرضها ، فتبدو الصّورة ُ
الشّعريّة ُ مثل َ طيور ٍ محبوسة ٍ تُطلق ُ تغريدة َ الحُب ّ لذكر ِ الطّائر ِ الّذي
يدعو فيه الأنثى للتّقرب ِ ،
لينزع َ بعض َ أسرارها..
فالحُب ّ ُ هنا لا تخيّم ُ عليه ِ
الوحشة ُ ، والسّكون ُ ، وهو
لايُمثّل ُ صحراء لا أثَر َ فيها
للحياة ِ ، فالحُب ّ لا يتوقَّف ُ
عند َ حَد ّ ، وهو يُشبه ُ في
أحسن تقريب ٍ طائرا ً بهيم ُ
خلف َ السَّراب ِ ، ليصل َ في
النِّهاية..!
ثَمَّة لغة ٌ خفيّة ٌ تخفُق ُ
مثل َ جنحَي يَعسوب ٍ ،
فينتاب المُتلقي حيال َ ذلك
شعور ٌ بدهشة ِ الحُب ّ ..!
وينجح ُ الشّاعر الكعبي ّ
حيث ُ لا ينجح ُ سواه ضِمن َ
مدار ِ قطاعات ِ العاشق ِ المُبهِرة مثل َ تساقُط ِ الشُّهب ِ ، وهجرات ِ البَدَوي ّ
حيث ُ الأرض تمتليء
بإشاراتها الحميمة ِ مولِّدَة ً
سعادة ً لا حد َّ لها..
أَتَلَقّى مِن تخوم الشَّمس ِ
هَوْلا ً ..
أَرْتَدي نَظْراتي َ السَّكرى..
أَرى قِمّةَ أعناقَ جبالُ
تالِفَه ْ
إسْتَفَزْت ْ نار َ أَعماق ِ المُحيطات ِ..
تلاقَت ْ بجنون ٍ راجِفَه ْ
أَنا أَرتَج ُْ ..
كما أنت ِ إرتجاجا ً ،
كبحار ٍ خائفَه ْ..
تَسأليني..؟
لست ُ أدري ،
مَن هو القاتل ُ والمقتول ُ ،
والفَوضى ،
وكم ْ عدد الطَّلقات ِ
في صَدري ،
ووشم ِ الأغلفه ْ .. ؟!
هكذا تلتحم ُ معطيات ُ
الذَّاكرة باشتغاليّة الشّعر ِ
بالحُب ّ الّذي لا يُدرك ِ أبدا ً
في أصل ِ الأُنوثة ِ ، وما
يُقابلها

يصل ُ السِّياق ُ العفوي لمفهوم ِ الحُب ّ عند َ الكعبي إلى حالة الإظهار الّذي لا تحدّه نهاية سوى الرّمز ،
الإيماء الّذي يظهره عميقا ً
مثل زرقة ِ بحر ٍ للتّقرّب من
مدارك القلوب العاشقة ِ للظفَر بالمطلوب والتّقرّب
عن طبب ِ خاطر، والكشف عن ثروات ِ الحب ّ الَمتشعّب
باحتمالاته الّتي تصدمنا
فجأة حيث الرّضا الّذي يصعب ُ الوصول ُ إليه..
(( في اضطراب ِ الكون ِ
لا أدري سواها..
غير عقد ٍ يتدلّى ،
و يُغَنَّي رِقَة َ البندول ِ
وشْم ٌ مِن شفَه ْ..!!))
بوِسعِنا القول إن ّ نصوص الشّاعر مزهر الكعبي تظهر بما هو بعيد
عن التّوقّع.. فالقصيدة تغمض عينيها لكي تصل إلى
أقصى اصقاع الجمال المتأصّل في الحب ّ الّذي
يغازل ُ حياة ً بعد َ أُخرى.
يعوِّل ُ الشّاعر مزهر الكعبي على تجويز النّقيضين ِ في الصّورة الشّعريّة ِ الّتي يُنتجها التّضاد الشّعري للصّورة ،
مُظهرة ً الدَّلالة الرّمزيّةللقناع.. إذ أن ّ القناع يُظهر
الوجه تماما ً ، ولا تغيب أبدا
عن الأنظار ، فالحب ّ يفوق ُ
الأعاجيب المأساويّة في الحروب، حيث لايلوح ُ في شوارع المدن أيّ أثر ٍ لإنسان
فعند َ الشّاعر الكعبي يخلق الشّعر ُ تجاوُزا ً ضدّيّاً
للكلمات يشوبه ُ التّرادف ُ،
والتّكرار، لاستثارة الكامن ِ
الدَّلالي ّ في الصّورة الشّعريّة للحب ّ الّذي لا يمكن أن ننتهي من معرفته،
حيث ُ كل ّ جملة تستكمل
معناها بغيرها..
(( أَغلقوا الأبواب َ
والأفق
و أصداء َ الحروف ِ
الرّاعفه ْ..
لست ُ مُستاء ً ولكنّي
قتيل ُ القبلات ِ
النّازفه ْ))
إن ّ الشّاعر مزهر حسن الكعبي يتخطى حدود الإبداع، ويحلّق في سماوات
رحبة، بلغة مكثّفة ، مترابطة
في الشّكل ِ والمضمون ، فنحن بإزاء نص ّ متلاحم،
كالسلسبيل إنسيابا ً يملك من قوة ما يملك بعيدا ً عن
الفضفاضيّة، يحكمه ُ وزن
يتناسق مع الموضوع كلّيّا ً
فالوزن ، وايحاؤه الموسيقى
يراقص الكلمات..