واع/خلاف على السعر أم على الكميات؟.. الأردن يوقف استيراد النفط من العراق

واع/ بغداد/ ح . ز

أثار إعلان الأردن عن توقف وارداته من نفط العراق تساؤلات عن السبب، رغم أن الحكومة العراقية صادقت على تجديد العمل بمذكرة التفاهم بين البلدين والتي تقضي بقيام العراق بتزويد الأردن بما يعادل 10 آلاف برميل من النفط يوميا.

وقال مدير الشركة الناقلة للنفط العراقي إلى الأردن نائل ذيابات إن الشركة أوقفت استيراد النفط “حتى يتم توقيع المذكرة من البلدين”.

وأوضح ذيابات أن الحكومة يجب أن توقع على اتفاقية حتى يتم توريد النفط إلى الأردن، مشيرا إلى أن التأخير قد يكون من الجانب العراقي.

ويبدو أن المذكرة التي صادقت عليها الحكومة العراقية مجرد تجديد للاتفاق الجاري منذ سبتمبر 2021. إلا أن الأردن أراد تجديد المذكرة بما يسمح له بالحصول على كميات أكبر، بناء على الخصم السعري نفسه، والذي يبلغ 16 دولارا أقل من سعر خام برنت، لتغطية تكاليف النقل والتأمين والمناولة.

ويقوم الأردن بموجب المذكرة، بتوفير الصهاريج الحوضية لنقل النفط الخام العراقي من مستودع كركوك الحديث في العراق إلى مصفاة البترول الأردنية في الزرقاء.

يمكن للأردن أن يحصل على بدائل للنفط العراقي من السعودية، إلا أن ذلك سوف يقضي على الكثير من المشاريع المشتركة

وتشكل واردات النفط العراقية إلى الأردن جزءا من تعهدات تمت المصادقة عليها في عدة مناسبات في إطار علاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتم تأكيدها في عدة لقاءات قمة بين شارك فيها رؤساء وزراء سابقون مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.

ويقول خبراء اقتصاد إن احتياجات الأردن من النفط تصل إلى نحو 140 ألف برميل يوميا، وأن ما يتم استيراده من العراق ليس كافيا.

ويشكل الاكتفاء بتجديد المذكرة، وفقا للكميات السابقة نفسها، من جانب حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني رفضا عمليا أو تجاهلا مقصودا لمطلب الأردن بمضاعفة الكمية المستوردة، وذلك بينما يمضي الحديث المتداول عن “تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين” في اتجاه آخر.

وتقول مصادر مقربة من جماعات الإطار التنسيقي إنها هي التي رفضت توسيع نطاق المذكرة. ودفعت حكومة السوداني إلى الاكتفاء بتجديدها على الكميات السابقة، وهو ما دفع الأردن إلى التوقف عن الاستيراد، ريثما تعلن حكومة السوداني موقفا واضحا من مطلب الأردن.

ويمكن لموقف معلن يرفض زيادة الصادرات إلى الأردن أن يدفع إلى تدخل واشنطن من جديد، لاسيما وأن السوداني سبق وأن تعهد للرئيس الأميركي جو بايدن في مطلع فبراير الماضي بالعمل على توطيد الشراكة مع الأردن.

وفي حينها قال بيان صدر عن البيت الأبيض إن “الرئيس بايدن اغتنم فرصة زيارة العاهل الأردني إلى البيت الأبيض لدعوة السوداني للانضمام إلى الاتصال، وأكد الملك عبدالله الثاني دعم الأردن للعراق بما في ذلك من خلال مشاريع البنية التحتية الإستراتيجية المشتركة”.

ويمكن للأردن أن يحصل على بدائل للنفط العراقي من السعودية، بشروط ميسرة أيضا، إلا أن ذلك سوف يقضي على الكثير من المشاريع التي سبق للبلدين أن توافقا على تنفيذها، ومن بينها المشاريع التي شملت التعاون الثلاثي بين العراق والأردن ومصر، والتي كانت محور أربعة لقاءات قمة بين قادتها.

وكان وزيرا خارجية العراق فؤاد حسين والأردن أيمن الصفدي توافقا عشية لقاء القمة الأخير بين البلدان الثلاثة مطلع ديسمبر الماضي على القول إن “المملكة والعراق ماضيان في مشاريع وبرامج توسعة التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وفي جهود مكافحة الإرهاب وتكريس الأمن والاستقرار وتعزيز التنسيق إزاء القضايا العربية والإقليمية ومواجهة التحديات المشتركة”.

ولكن ضغوط الجماعات الموالية لإيران على حكومة السوداني تبدو الآن وكأنها قد أصبحت عقبة كأداء تقف في طريق تحقيق الأهداف المعلنة.

ويجري العراق والأردن مباحثات منذ العام 2017 لمد أنبوب نفط من مدينة النجف وبمحاذاة الحدود السعودية وصولا إلى العقبة بطاقة مليون برميل يوميا، على أن يتم بناؤه وفق نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية (B.O.T) لفترة تمتد من 15 إلى 20 عاما ثم تعود ملكيته إلى البلدين، وبتكلفة تتراوح بين 5 و7 مليارات دولار. وتم بالفعل إنجاز الدراسات الفنية للمشروع من قبل وزارة النفط العراقية. ولكن التنفيذ بقي معلقا بسبب اعتراضات الجماعات الموالية لإيران، وذلك على الرغم مما يشكله المشروع من فائدة كبرى للعراق تتيح له تصدير نفطه عبر ميناء العقبة.

وتشير أرقام وزارة النفط العراقية وشركة سومو إلى أن قيمة صادرات النفط إلى الأردن بلغت خلال أول شهرين من العام الحالي 590 ألف برميل قيمتها نحو 40 مليون دولار.

وأما خلال العام الماضي فبلغت الكميات الموردة من الجانب العراقي نحو 2.135 مليون برميل قيمتها نحو 203 ملايين دولار. ولكن إجمالي فوائد الأردن منها لا يتجاوز 28 مليون دولار. وهو مبلغ زهيد أمام الطموحات الكبيرة المتعلقة بتوثيق العلاقات التجارية والإستراتيجية بين البلدين.

ويذكر أن العمل بالاتفاقية السابقة انتهى بنهاية العام الماضي، غير أنه جرى تمديدها حتى نهاية مارس الماضي، إذ تم استئناف دخول النفط إلى المملكة اعتبارا من الثامن عشر يناير الماضي بعد إنهاء جميع الإجراءات المتعلقة بالجانب العراقي والموافقات المرتبطة بذلك وتحديد المسار الأمني للشحنات.