واع/رغم طيبة العراقيين واصالتهم .. لكننا .. نكـذب! .. ونصـدق كذبنـا ؟!/ تحقيقات

واع / السليمانية / ايمان الجنابي
لايمكن اطلاقا ان ننكر سؤء تصرفاتنا وخاصة في موضوعة الكذب سواء على انفسنا او اصدقائنا او اقاربنا ..الخ .. لان الكذب صفة مذمومة في جميع المجتمعات سواء كانت اسلامية او غيرها ! لان سلبيات الكذب بمجملها لها اضرار سيئة في المجتمع الذي يبدا من الاسرة الى العشيرة الى الدائرة او محل العمل الى الاماكن العامة والحديث يطول، الكذب سلبي في مجمله، بما في ذلك ما يسمونه (كذبة بيضاء)! مهما كانت أهداف هذه الكذبة، ومهما تعددت ألون الكذب فإنه يظل واحدا، ويعتبر مرفوضا في جميع الأحوال، وكلنا ندرك ذلك، وبقدر ما هو مرفوض، أصبحت ممارسته لا تليق، باعتباره فعلا لا أخلاقيا، وبذلك يظل صفة تميز الإنسان، وتجعله كائنا كذابا بامتياز، ذلك أن البشر جميعا يكذبون، لكن تختلف حدة الكذب من شخص لآخر، ومن مجتمع لآخر، وبما أن التربية تساهم جزئيا في بناء إنسان يمارس الوضوح، فإن هناك مجتمعات تمكنت من خلق هذا الإنسان، الإنسان الذي يحاول أن يكون كما هو، ويمارس الحقيقة مع الآخرين دون نفاق أو مجاملة أو كذب، وهناك أيضا مجتمعات لا تسير في هذا المنوال كحال مجتمعاتنا، ونظرا لغياب تربية ملائمة، على جميع مستوياتها، فإنه كان يسيرا أن تتسلل السلبيات إلى هذا المجتمع، لقد تقصينا عن الكذب بين شرائح من مجتمعنا لنتول الى نتيجة واحدة نتفق عليها وهي انالكذب ليس وسيلة للوصول الى الحقيقية سواء كانت مرة او حلوة.. فالكذب خصلة سلبية لابد ان نجتثها من جذورهاوالتي تبدا من انفسنا نحن لتنتقل رويدا من الاسرة الى المجتمع ..
مراسلة وكالة الانباء العراقية ايمان الجنابي اجرت لقاءات او حوارات طبيعية مع شرائح من مجتمعنا بغض النظر عن المستوى الاجتماعي والوظيفي وغيره من الصفات ،وتقصينا عن طبيعة الكذب في مجتمعنا وسبل التخلص من هذه الظاهرة ومخاطرها على مجتمعنا !
تقول السيدة رباب لواع : الكذب ليس ظاهرة غريبة ولكنها منبوذة فعلا وهي عالمية بحجم العالم الذي نعيشه مذ كنا صغارا حتى يومنا هذا ! فالبعض منا قد يذهب ابعد من ذلك عندما يكذب فإن الأمر يتطلب منه التركيز حتى يكون صادقا في كذبته لتصل الى المتلقي بكل رحابة صدر ويستوعبها ويقتنع بها تماما! ولكن الايام والشهور والسنين تكون كفيلة بان تفضح زيف ذلك الكذب ! واهمها هو النسيان وذلك أن النسيان يغلبنا وهكذا ستظهر حقيقتنا ونكون في اسواء صورة مما نتصور امام الاخرين وحتى امام انفسنا ايضا ، وحتى لا نرهق أنفسنا بأكذوبة تعذبنا في السر، كان جميلا أن نمارس وضوحنا، وأن نتصرف بحقيقتنا، وأن نقول الصراحة مهما تتطلب الأمر، هذا الأمر يتطلب جرأة زائدة، وشجاعة مستمرة، ذلك أننا ندرك أن الأخر لن يتقبل حقيقتنا ، لذلك تجد بان البعض منا يلجا للكذب علنا ليخفف عليه ( المفاجاءة ) وهي ان الصدق افضل طريق لنصل للحقيقية ، وهذا مايصلنا الى ان حيزا كبيرا من الفشل الذي نتعرض له في علاقاتنا الاجتماعية هو بسبب الكذب.
اما المواطن كاك دلير فيقول عن هذه الظاهرة : انا شخصيا انزعج كثيرا حين يتحدث البعض عن لون الكذب ..نعم ( كذبة بيضاء او سوداء) ؟ فهي تبقى كذبة لان نتيجتها سلبية ستكون صادمة في كل الاحوال، من عملية الكذب واهدافها حتى وان كانت بنية صادقة خاصة تهدف الى مصالحة مثلا بين طرفين او عدم اثارة فتنة محتملة بين طرفين في كل الامرو سواء كانت عائلية ام بين الزملاء في العمل او الاصدقاء او الناس التي تعيش في المحلات السكنية داخل المدن او القرى او داخل الدول وبينها ! وحتى حين نسخر بالكذب من باب التسلية ولكن في الحقيقية كان هذا الامر مشكلة حقيقية تسبب بالقتل والاعتداء والتطاول بين الاطراف التي تمازح بعضها البعض في هذه المناسبة، وبصراحة فهي نكتة سمجة لاطعم لها او حياة ! والناس يتحدثون عنها كلما حل نيسان ولعل الأصل في هذه الكذبة يبقى غامضا، لأن الروايات تختلف وتتنوع في ذلك، لكن الواضح أن هذا الشهراصبح عالميا بالكذب بشكل مباشراو غير مباشر؟!
الحاج كاك فاضل رجل دين معتدل يؤكد : الكذب صفة مذمومة ومرفوضة في كل المجتمعات والاديان لانها صفة المنافقين حيث لازال الإنسان يكذب ويكذب ويدافع عن كذبه بمسميات وتوصيفات تعنيه هو وحده ! وان من يعتاد على الكذب فستكون ملازمة له مدى الدهر، لذلك يستمر بالخداع والرذيلة ويماري ويداري ويداهن ؟! ويحلف بالباطل ويخلف الوعد ويغدر في العهد ولا يتقن العمل ويمتاز بكل الصفات الذميمة والأفعال السلبية نتيجة الكذب والافتراء معا، ولابد علينا كمسلمين ان نحارب هذه الافة والمرض وان نرشد الناس بالصدق وعدم الكذب مهما كانت الاسباب..ويكون علينا كمسلمين ان نبدي النصح فالدين النصيحة ، والمسلم أخو المسلم يحب له الخير ويكره له الشر،وسلاحنا هو الصدق بمعناه واسسه الصحيحه والتنبيه الى مخاطر الكذب ونتائجه ومفاسده في الدنيا والآخرة ،والاستعانة عليهم في نصحهم وإرشادهم بمن يسمعون لهم ويقبلون منهم النصح والإرشاد ، من أهل العقل والدين من أقربائهم ومعارفهم وأصدقائهم وزملائهم ، لان هؤلاء اذا كثر كذبهم واستشرى فسادهم وزاد أذاهم للناس فلا حرمة لهم، وان علينا الا نصاحب الكذابين ونتجنبهم ما استطعنا..
اما كاك ريبوارطالب جامعي يقول : الكذب انها مرض العصر الذي لايفارقنا من صغارنا الى كبارنا ! ولن ينكر أحد أن الكذب سلبي الى اقصى الحدود في مجمله، بما في ذلك ما يطلق عليه (الكذبة البيضاء) وهي بالاصل كذبة سوداء حتى لو كانت بنية طيبة وصادقة وهدفها عمل الخير احيانا.. ومهما كانت أهداف الكذبة وتعددت ألوانها واساليبها فالكذبة تظل كذبة ،وتظل مرفوضه في جميع الأحوال، وكلنا ندرك ذلك، وبقدر ما هو مرفوض، أصبحت ممارستها لا تليق، باعتبارها فعلا لا أخلاقيا، وبذلك يظل صفة تميز الإنسان، وتجعله كائنا كذابا بامتياز، ذلك أن البشر جميعا يكذبون، لكن تختلف حدة الكذب من شخص لآخر، ومن مجتمع لآخر، وبما أن التربية تساهم جزئيا في بناء إنسان يمارس الوضوح، فإن هناك مجتمعات تمكنت من خلق هذا الإنسان الذي يحاول أن يكون كما هو، ويمارس الحقيقة مع الآخرين دون نفاق أو مجاملة أو كذب، وهناك أيضا مجتمعات لا تسير في هذا المنوال كحال مجتمعاتنا، ونظرا لغياب تربية ملائمة، على جميع مستوياتها!
السيدة ريناس باحثة اجتماعية تؤكد لنا بالقول : العديد من الناس تمارس الكذب ويحاول البعض منا ان يعطي غطاء شرعيا للكذب تحت أي مسمى يحلوا له !! إننا نمارس الكذب بدون حدود،؟ وبلا حياء او تردد نمارسه في حياتنا بشكل بشع !حتى عندما نربي اطفالنا لانشعر بكمية الكذب وحجمه ومخاطره لاننا نقوم بنقله الى اطفالنا والى اجيالنا جيل بعد جيل وزمن بعد اخر؟ونستخدمه لأغراضنا بشكل لا يليق، نكذب من أجل مصالحنا، نكذب من أجل تبرئة أنفسنا، ونكذب من أجل تبرئة المقربين إلينا، ونكذب من أجل تحقيق نزواتنا، ونكذب في مشاعرنا، ونكذب في صداقاتنا، وفي علاقاتنا، نكذب مع الأقرباء ومع الأصدقاء، ومع الغرباء أكثر، نكذب بكل ما ملكنا من خبث، نكذب ونحن نعلم جيدا بأن الكذب لا يليق، ونؤمن أنه يجب علينا قول الحقيقة، لكننا نتوانى خلف ضميرنا وأخلاقنا لكي نعطي عن ذواتنا وعن حقائقنا مغالطات تبيح المحرم وتجيز الباطل وتبطل الحق، وفي النهاية نحن من يتضرر؟
السيدة روخوش معلمة فاضلة تقول : أن حيزا كبيرا من الفشل الذي تتعرض له العلاقات الإنسانية يكون بسبب الكذب، ذلك أن هذه العلاقات بقدر ما تتأسس على الوضوح والصراحة، تزداد إمكانية نجاحها، لكن عندما تصبح هذه العلاقات مبنية على كذب مباشر وغير مباشر، فإن الفشل هو المصير الذي ستؤول إليه عاجلا أو آجلا، والحق أننا ومن كثرة ما ابتلينا بالكذب أصبح طبيعيا أن نستخدمه في سلوكاتنا وتعابيرنا وعلاقاتنا، والأسوأ من ذلك أن مشاعرنا بدورها طغى عليها الكذب، فبتنا أمام ما يسمى بلعبة الحب، حيث نتلاعب بمشاعر الآخرين، وبدورهم يفعلون ذلك، فنوهم أنفسنا بمشاعر مزيفة، الأمر الذي يعجل بنهايتنا في هذه اللعبة، لأن لعبة المشاعر أخطر من أن نتلاعب بها، ولأن المشاعر وُجدت لكي تكون صادقة، فكان أمر إدخال الكذب عليها بمثابة جريمة لا تغتفر، ونرتكبها دون أن نأخذ بعين الاعتبار ضميرنا -هذا إذا كان حيا- الذي سيعاقبنا لو فزنا باللعبة بطريقة خاطئة!!
طالبة كلية الشريعة باخان صديق تقول عن الكذب: لقد اجتمعت الأديان جميعها على تحريم الكذب باعتباره فعلا لا أخلاقيا، ولكن نظرا لما يحققه من نتائج على المدى القريب والبعيد، فإن البشر لم يكترثوا لهذا التحريم، بل لم يأخذوه على محمل الاعتبار، وجعلوا تعاملهم مع الكذب يظل طبيعيا في مجمله، لأنهم لا يعيشون تحت أجهزة كشف الكذب، وفي غياب هذه الرقابة، فإن البشرية لن تتوانى عن إتيان الأفعال غير الأخلاقية، والكذب بشكل كبير، رغم ادعاء الأخلاق كلية، ولعل هذا الأمر هو ما حاول المفكرين معالجته فلسفيا، لمعرفة الدافع الذي يجعل الناس يكذبون، ومدى وجود جانب أخلاقي لهذا الفعل الغير أخلاقي، وأنه إذا كان يمكن أن نكذب من أجل أن نحقق مصلحة عامة، او مصلحة خاصة ! أو نكذب من أجل أن ندافع عن قضية أو شخص يستحق هذا الدفاع ويستحق التبرئة، وهذا هو الذي يضعنا أمام إشكالية الجانب الأخلاقي للكذب، والحق أن هذا الفعل يظل فعلا لا أخلاقيا!
المحررة : يبدو أن الكذب مرفوض تماما، لكننا لطالما اعتبرنا بأن الممنوع مرغوب، وأن الأمور الممنوعة تبقى لا أخلاقية، وكان أساس هذا المنع هو أن ما يتم تحقيقه بهذه الأمور لا يليق بالإنسان، فإن الإنسان نظرا لما ينطوي عليه من شر، لا يتوانى عن إتيان الممنوع، وذلك لما يمكن أن يحققه من وراءه من لذة أو مصلحة، هذه النتيجة أو هذا الهدف يجعل الإنسان لا يكترث للممنوع، وتصبح بذلك الغاية مبررا للوسيلة، وتصبح المحظورات مباحة للضرورة، فإذا كانت غاية الإنسان هي تحقيق مصلحته، فيمكن أن يستخدم لهذا الغرض وسيلة الكذب؟!