واع/ اقتصاديات السعادة!!/ اراء حرة /د. صادق البهادلي


وانت تقرأ ان هناك اقتصاد للسعادة ، هذا يفرض سؤالا مقابلا هل هناك اقتصاد للبؤس ، لذلك قبل التعرف على مفهوم اقتصاد السعادة يجب تعريف السعادة اولا ، ومن الطبيعي ان نجد تعريفات كثيرة للسعادة ،فالاخيرة في معناها تختلف وتتعقد وتتباين بين انسان عايش في باريس درجة الحرارة لا تتجاوز ٢٢ وبين انسان عايش في العراق وبالتحديد في منطقة سبع قصور السقف حديد مقوى ودرجة الحرارة ٥٠ .
فضلا عن ذلك لا يمكن ان نعرف السعادة بمعزل عن الثقافة ومشاكلها والوعي ومستوى حضارة كل شعب ، والشيء نفسه فما يراه فرد مجتمع بوسا”، يراه اخر انه رفاهية ..
اتذكر حادثة محمد الدرة الطفل الذي قتلته القوات الإسرائيلية المجرمة ، اخرج والد الطفل شيء من جيبه عرفناه بعد عام ٢٠٠٣ ، جهاز الموبايل اتصل على الاسعاف دقائق وجاءت الاسعار بربك انت في العراق كم تحتاج من الوقت لكي تحصل على سيارة اسعاف ، هذا اذا فعلا استجاب رقم الاسعاف وارسل سيارة ..
اذا” ، تعريف البوس عند عراقي من الطبيعي يختلف عن تعريف البؤس في دولة مثل فرنسا او حتى في الضفة وغزة وغيرها من المدن والبلدان .
وعليه لكي نصل الى تعريفات مقنعة للسعادة والبؤس يجب ان تربط هذه التعريفات بقدر كبير من رضا الفرد والطمانينة في حياته الخاصة وفي محيطه الاجتماعي وهي غالبا تتصل بتوافر الحياة الكريمة له دون إحساس بالتهديد من مجاميع مسلحة مثلا ، او تهديد في مستوى المعيشة وفي التمتع بحقه في الرعاية الصحية والتعليم وفي توسيع الخيارات امام الناس بالعمل وتوفير الامان وحق العيش بسلام واستقرار .
اعتقد كل واحد منا يتحدث عن مفهوم السعادة يجد صعوبة وتعقيد في ايجاد مفهوم حقيقي للسعادة مع هذا الكم الهائل من المشاكل والمعوقات، فالفرد العراقي يصعب عليه الحصول على فرصة حقيقية في العيش بسعادة .
السعادة تحتاج الى بيئة تشكلها منظومة من القوانين والتشريعات الحقوقية والدستورية الى جانب منظومة من الخدمات الأساسية، فكلما توافر القانون الذي يسري على الجميع دون سريانه على مجموعة وترك مجموعة اخرى ، هذا سيقوض عملية التنمية بانواعها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبشرية وكل هذا كفيل بتحقيق السعادة للفرد والمجتمع .
ولنتحول الى لغة الارقام والبيانات ،اذ اصدرت شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، تقريرها السنوي حول مؤشر السعادة العالمي ، والذي احتلت فيه فلندا المرتبة الأولى كأسعد بلد في العالم ، فيما احتل العراق واهله الطيبيون المرتبة ١١٧ من بين ١٥٨ دولة .
ويعتمد مؤشر السعادة العالمي في تقييمه لأسعد الشعوب على معطيات عدة ترتبط بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي والرعاية الاجتماعية ومتوسط الإعمار والحريات الاجتماعية والكرم وغياب الفساد.
واترك لك عزيزي القارئ ايجاد مفهوم للسعادة للعراقي في ظل هذا الكم من الفساد الاداري والمالي وغياب مشروع الدولة والادارة الرشيدة والنزيهة التي هي اهم من الموارد .