واع/تقرير: حرب غزة تحطم فرضيات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

واع/بغداد

حطمت الحرب الحالية بين حركة حماس وإسرائيل مجموعة من الافتراضات في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي استمر لأعوام عديدة، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة.

وتناولت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في تقرير لمراسلها من القدس المحتلة، ستيفن إيرلانجر، أربعة افتراضات حطمتها الحرب بين حماس وإسرائيل، تمثلت في الآتي:

الافتراض الأول: من الممكن احتواء حماس وإدارة الصراع

أشارت الصحيفة إلى أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو حاول منذ أعوام عديدة تنفيذ إستراتيجية تهدف لتقسيم الفلسطينيين بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وإضعاف السلطة الفلسطينية التي يقودها الرئيس محمود عباس.

وقالت: “كانت النظرية أن حماس ستركز أكثر على حكم القطاع، وقد تصبح أكثر اعتدالًا من خلال تلك المسؤولية، في عدم توجيهها لضربة شديدة لإسرائيل يمكن أن تولد ردًّا عسكريًّا ضخمًا من شأنه أن يعيق حكمها للقطاع”.

وبحسب الصحيفة، فإن هذه النظرية من رؤية إسرائيل ترتب السماح لسكان قطاع غزة بالعيش بشكل أفضل، وبالتالي تحفيز حماس على الحفاظ على الهدوء النسبي.

الافتراض الثاني: إسرائيل لا تقهر وتحافظ على التفوق العسكري

وبينما تمتلك إسرائيل أقوى جيش والأكثر تطورًا في الشرق الأوسط، مع التزام أمريكي بإبقائه أكثر تقدمًا من الناحية التكنولوجية مقابل أي من خصومه، كانت لدى إسرائيل قناعة بأن لديها معلومات استخباراتية جيدة عن حماس في مختلف أنحاء قطاع غزة الصغير، وبمساعدة أمريكية، لديها معلومات استخباراتية جيدة عن إيران وحزب الله، بحسب “نيويورك تايمز”.

وقالت الصحيفة: “رغم أن معدات حماس منخفضة التكنولوجيا نسبيًا، فقد استخدمت طائرات دون طيار واستخباراتها الخاصة لهزيمة حدود إسرائيل التي يفترض أنها لا تقهر، والتي كانت مليئة بالكاميرات وأجهزة الاستشعار والأسلحة الآلية المتطورة”.

وبينت أن ثقة إسرائيل المفرطة، ورضاها عن النفس، واعتمادها المفرط على التكنولوجيا، فضلًا عن حقيقة أن يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول كان عطلة يهودية، عوامل أسهمت كلها في هزيمتها في ذلك اليوم.

وفي مقابل ذلك، استطاعت حماس الحفاظ على سرية خططها، رغم وجود عدة مئات من المقاتلين الذين لا بد أنهم على علم بها، وهو أمر بمثابة ضربة قوية لاعتزاز إسرائيل بقدراتها الاستخباراتية البشرية على الأرض في غزة، بحسب الصحيفة.

ونقلت عن المؤرخ الإسرائيلي، غيرشوم جورنبرج، قوله: “بعد الانهيار المذهل للجيوش العربية العام 1967، طورت إسرائيل تصورًا مفاده أن العرب لا يستطيعون القتال، دون أن يتخيلوا أنهم قد يتحسنون، وهكذا فوجئت إسرائيل بهجوم العام 1973، تمامًا كما فوجئت بعملية حماس في أكتوبر/تشرين الأول”.

وأوضح جورنبرج: “كان هناك تصور مسبق بأننا نستطيع إغلاق غزة، وأن الإجراءات التي اتخذناها ستمنع بشكل كافٍ دخول الأسلحة، لكن المشكلة أن الجانب الآخر -حماس- يتكيف مع هذا الإغلاق ويطور نفسه”.

وتابع المؤرخ الإسرائيلي: “عندما كانت حماس تطلق الصواريخ، تعلمت إسرائيل كيفية إسقاط معظمها، وعندما ركزت حماس على بناء الأنفاق، طورت إسرائيل وسائل اكتشافها وتدميرها، وافترضت أن المشكلة قد تم حلها بما فيه الكفاية، لكننا لم نفكر في قيام حماس بمهاجمة الكاميرات أو استخدام الطائرات الشراعية”.

ولفتت الصحيفة إلى أن التشكيك المفاجئ في المصداقية والقوة العسكرية لإسرائيل، أبرزت المخاوف بشأن القدرات التي قدمتها إيران لحزب الله في جنوب لبنان، والتي فشلت إسرائيل في تصورها، على غرار فشلها في تصور قدرات حماس.

الافتراض الثالث: العالم العربي يمضي قدمًا ويتجاهل الفلسطينيين

وأشارت الصحيفة إلى أن العالم الغربي وإسرائيل أعجب بقيام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالتواصل مع العالم العربي، ومشاركته المخاوف بشأن البرنامج النووي لإيران، ودعمها لحماس وحزب الله، وطموحات إيران بالسيطرة على المنطقة.

وبالنسبة للصحيفة، لقد أرادت حماس إعادة القضية الفلسطينية إلى الطاولة، وفعلت ذلك بكل قوة، الأمر الذي أدى إلى اندلاع مظاهرات ضخمة مؤيدة للفلسطينيين في المدن العربية لم تشهدها منذ عقد من الزمان.

وحول ذلك، عقب نير بومس، وهو زميل باحث في مركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب، والذي يدرس التعاون الإقليمي: “لقد أعادت الحرب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى الواجهة”.

الافتراض الرابع: يمكن لأمريكا أن تتجاهل الشرق الأوسط

وقالت إن الأهم من ذلك بكثير بالنسبة لواشنطن هو الصين ومنطقة المحيط الهادئ والهندي، وعلى مدار عامين حتى الآن، اهتمت أمريكا بالحرب الروسية الأوكرانية والحاجة إلى حشد الناتو ضد موسكو.

ونقلت الصحيفة عن الأستاذ في الجامعة العبرية، برنارد أفيشاي، قوله: “التصريحات الأمريكية حول حل الدولتين والمستوطنات “يُنظر إليها على أنها تفاهات”.