واع / تركيا والعراق … الماضي يحاكي الحاضر /اراء حرة/ د.صادق الزهيري

بلا شك ان تركيا ذات ثقل كبير في منطقة الشرق الأوسط، وهي لاعب مهم في المنطقة وذات إرث امبراطوري، ومازالت نسبة لاتستهان بها من الاتراك تجتر ذكريات الامبراطورية العثمانية، وفي الوقت ذاته فأن الاوضاع في شمال العراق تثير مخاوف الساسة الاتراك حول مسألة اقامة دولة كردية مستقلة في المنطقة ،فمثل هذه الدولة كفيلة بأدخال تركيا في مرحلة الإنذار القصوى ، لما لها من اثر كبير على الاكراد الاتراك وتأثرهم وزيادة معارضتهم للنظام السياسي في تركيا ومحاولة السير على خطى اكراد العراق ،فأتجهت تركيا منذ عام 1991 الى محاولة احتواء الأكراد من الجوانب كافة ووضعهم في إطار ثابت لايخرجون عنه ، ولعل موقفهم من الاستفتاء الذي دعا اليه رئيس اقليم كردستان مسعود بارازاني خير دليل على ذلك،

ان التدخلات التركية في العراق لايمكن ان تحدث لو لم يتم التغاضي عنها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ولعل موقف تركيا الجمهورية من ثورة14تموز 1958 التي الغت النظام الملكي في العراق واعلنت النظام الجمهوري في العراق وتحشيدها لقواتها المسلحة على الحدود العراقية لاعادة النظام الملكي الى العراق! وهي مفارقة غريبة ،واضطرارها الى الكف عن المضي في هذا الامر بعد التحذيرات السوفيتية والنصائح الاميركية ،دليل ناصع على ان الساسة الاتراك يضعون المصالح التركية فوق كل اعتبار ! وعلى الرغم من ان حزب BBK الكردي المعارض في تركيا كان يشن الهجمات ضذ القوات الأمنية التركية لكنها لم تستطع اجتياز الحدود العراقية الا بعد عقدها معاهدة امنية مع الحكومة العراقية في عام 1984 ،والتي اجازت اجتياز حدود البلدين مسافة 10كم لمطاردة المعارضة ،وقد الغيت هذه المعاهدة من قبل الجانب التركي في ايلول1988 ،ان من ثوابت السياسة الخارجية التركية عدم السماح بقيام كيان كردي مستقل استقلال كامل ،الا انها لاتتعامل بالطريقة نفسها مع دول الجوار ،ويختلف اسلوبها من دولة الى اخرى حسب وضعها السياسي ،فتركيا تغير طريقة تعاملها مع الاكراد حسب الدولة وقوتها ،بيد ان طريقة تعامل السياسيين الاكراد مع الاجتياز التركي للعراق امر مثير للاستغراب ،حتى ان فؤاد حسين وزير الخارجية العراق الكردي لم يقدم احتجاج العراق الى السفير التركي بنفسه ! في السياق نفسه تحوم الشكوك حول النوايا التركية في العراق ،فقد سبق وان نشرت وسائل الاعلام الحكومية التركية في عام 2015 خريطة جديدة لتركيا تزامنا مع حديث اردوغان حول ضرورة تعديل معاهدة لوزان ،وقد ضمت الخريطة الجديدة لتركيا مدينة الموصل العراقية في تغاض واضح عن الحقائق التاريخية ،فالموصل ثبتت رسميا وشرعيا ضمن الحدود العراقية بعد معاهدة لوزان والمعاهدة الثالثة( العراقية -البريطانية-التركية)مقابل اخذ 10 بالمئة من نفط الموصل لمدة 25 سنة! ان جوهر القضية هو النفط !!! خلاصة القول ان تركيا اردغان تختلف عن تركيا أتاتورك،فبين الدولتين مائة عام، وقد تغيرت تركيا واستردت مكانتها الاقليمية وادخلت تعديلات على ثوابتها السياسية وتم تعديل شعار أتاتورك (سلام في الداخل وسلام في الخارج) ليتلائم مع القوة والمكانة التركية الجديدة، واصبح الاتراك حاضرين وبقوة في دول الجوار واسيا الوسطى ،وبدوا يتطلعون الى كسب مغانم اخرى ويجب على العراق ان لايكون فريسة سهلة ، ويجب على ساسة العراق ان يعوا هذه الحقائق وان يعملوا على كسب ثقة وصداقة ومساندة تركيا لتصبح بجانب العراق الواحد الكبير ،

ت:ر.ح