واع / تحديد موعد الانتخابات المبكرة يضع الأحزاب السياسية امام مفترق طريق / تقرير

واع/بغداد/ إعداد سلام الساعدي

لا يخفى على لبيب ان قرار الكاظمي في تحديد السادس من حزيران 2021.السياسي، كشف عن جملة من الإشكاليات في كثير من التفاصيل التي تتعلق بالانتخابات ولا تزال بعيدة عن الحسم كما يبدو. فساحة التحرير مركز الاحتجاجات في بغداد كان مطلبها الرئيس تعديل قانون الانتخابات وتعجيل إجرائها .ويواجه ملف الانتخابات تحديات أمنية وقانونية وسياسية، فرغم أن الانتخابات كانت أحد أكثر المطالب التي نادى بها المتظاهرون منذ بدء حراكهم الشعبي في الأول من تشرين الأول الماضي، فإن للمتظاهرين رأيهم.في ساحة التحرير وسط بغداد حيث مركز الاحتجاجات، يترقب المتظاهرون ما سيؤول إليه قرار الكاظمي، يقول الناشط فالح الطائي إن الانتخابات التشريعية تشكل فرصة حقيقة للخلاص من الواقع السياسي الذي وصفه بـ “البائس” كما تشكل فرصة لشباب يمثلون تطلعات العراقيين في البرلمان.غير أن الطائي وفي حديثه يعتقد أن الكاظمي لن يفي بوعوده ما لم تكن الانتخابات القادمة معبرة عن طموحات الشارع العراقي الذي لا يزال يعاني جراء ما آلت إليه الانتخابات السابقة عام 2018.

ما يؤكد أنه ما لم يضبط السلاح المنفلت خارج الدولة، وما لم توفر الحكومة غطاء أمنيا للمتظاهرين وفرض القانون على الجميع، فإن ساحة التحرير لن تستطيع ترشيح شخصيات معبرة عنها في الانتخابات.فالح اعتبر أن إشكاليات داخل البرلمان وقانون الانتخابات الجديد يعيق إجراء الانتخابات من جانبه، يعتقد أستاذ العلوم السياسية الدكتور علي أغوان أن الانتخابات القادمة لا ترتبط بما يريده الكاظمي، بل بجملة من الإشكاليات السياسية داخل البرلمان، فضلا عن مشكلتي المحكمة الاتحادية وقانون الانتخابات الجديد الذي لم يصوت البرلمان على جميع مواده.

واعتبر أن الظروف السياسية في البلاد غير مهيأة للانتخابات من حيث عدم إجراء تعداد سكاني وضبابية المشهد السياسي، وأن ما جرى أن الكاظمي ألقى بالكرة في ملعب البرلمان محاولة للإيفاء بوعوده التي طرحها في برنامجه الانتخابي.ويختتم حديثه بالتشكيك في إمكانية إجراء الانتخابات حتى بموعدها الأصلي في مايو/أيار 2022، خاصة إذا ما بقيت هذه الإشكاليات قائمة دون حل، في ظل الصراع السياسي الداخلي والإقليمي، فضلا عن الأمني والمتمثل بالسلاح المنفلت.تختلف الآراء التي تتحدث عن إمكانية إجراء الانتخابات البرلمانية من عدمها من الناحية القانونية، إذ يشير الخبير القانوني طارق حرب إلى أنه يمكن إجراء انتخابات برلمانية مبكرة حتى لو لم يُسَن القانون الجديد، إذ إن القانون الذي اعتمد في انتخابات عام 2013 وتعديلاته عام 2018 لا يزال ساري المفعول ويعتمد كل محافظة كدائرة انتخابية واحدة.أما فيما يتعلق بالمحكمة الاتحادية وتعطل نصابها بعد أن أحيل أحد أعضائها على التقاعد قبل أشهر، فيكشف حرب أن قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 يتطلب تعديل البرلمان (بالأغلبية البسيطة) لمادته الثالثة فقط، كي يتسنى تعيين عضو جديد وتفعيل المحكمة مرة أخرى، وليس بالضرورة سن قانون جديد للمحكمة مما يتطلب تصويت ثلثي أعضاء البرلمان.

غير أن الخبير القانوني يرى أن المشكلة لا تكمن في القانون أو مفوضية الانتخابات قدر تعلقها بالكتل السياسية التي تمانع سرا إجراء الانتخابات خشية خسارة الامتيازات التي تتمتع بها حاليا، مؤكدا أن مشاركة 75% من الناخبين ستعني أن غالبية الكتل السياسية الحالية لن تحصل على مقاعد برلمانية مرة أخرى.على الجانب الآخر، يعدد مقرر اللجنة القانونية البرلمانية يحيى المحمدي شروطا عدة لإجراء الانتخابات، منها أن المحكمة الاتحادية مسؤولة عن مصادقة نتائج الانتخابات دستوريا، وبالتالي فعلى البرلمان أن يعدل من قانون المحكمة أو يشرع قانونا جديدا.

وعن قانون الانتخابات، يؤكد المحمدي أن البرلمان سيشرع في إكمال تشريع جميع مواد القانون الجديد واعتماد الدوائر المتعددة بُعيد عيد الأضحى، ومن ثم إرساله إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه واعتماده، وهذا ما يطلبه الشارع العراقي. كما يشير رشيد العزاوي عضو اللجنة القانونية البرلمانية وأمين عام الحزب الإسلامي إلى أن حزبه لا يرى مشكلة في قانون الانتخابات سواء كان متعدد الدوائر لكل محافظة أم دائرة واحدة، رغم أنه يفضل الدائرة الواحدة.واعتبر أن المشكلة التي ستعترض إجراء الانتخابات تتمثل في بطاقات الناخبين الإلكترونية المفقودة والتي يقدر عددها بمئات الآلاف والصادرة عن المفوضية العليا للانتخابات، إذ يؤكد أنه يمكن أن تستخدمها الأحزاب في تزوير الانتخابات وحرف مسارها.

ويضيف أن الانتخابات لن تكون نزيهة في حال عدم إلغاء اعتمادية هذه البطاقات، وأن الحل الأمثل هو إكمال إصدار البطاقات البايومترية (تعتمد على بصمتي اليد والعين) فضلا عن الإسراع بتحديث سجلات الناخبين بالعديد من المحافظات التي لم تستكمل 50% من سجلاتها حتى الآن.تتعدد المشكلات التي تعترض إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، إذ يبدو أن الطريق أمامها لن يكون مفروشا بالورود.

عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية هه ريم كمال خورشيد يقول من جانبه إن الوضع الأمني في محافظات البلاد جيد نسبيا، وأن المعضلة تكمن في مفوضية الانتخابات وتمويلها فضلا عن ضمان الحكومة عدم تزويرها.وكشف خورشيد أن الكاظمي كان قد صرح من قبل أن السلاح خارج إطار الدولة لن يسمح بأن تكون الانتخابات حرة ونزيهة، وبالتالي لا يمكن ضمان شفافية الانتخابات دون وجود رقابة أممية.ويتخوف العراقيون من أن تكون الانتخابات القادمة شبيهة بتلك التي جاءت بحكومة عادل عبد المهدي، إذ إن الشارع يعتقد أن الكتل السياسية التي توالت على مجلس النواب لن تفرط بامتيازاتها ومحاصصتها، وبالتالي فالانتخابات القادمة يعدها العراقيون الأمل الأخير لإنعاش العملية السياسية.

كما جاء في نص بيان المفوضية  أن على البرلمان الإسراع بتشريع نص بديل للمادة (3) من الأمر الديواني رقم (30) لسنة 2005 لإكمال نصاب المحكمة الاتحادية العليا التي تعد الجهة المخولة الوحيدة التي لها حق المصادقة على نتائج أي انتخابات.كما اشترطت المفوضية على الحكومة أيضا تهيئة الموازنة المالية الانتخابية وتوفير المستلزمات من الوزارات المعنية التي تعد شرطا أساسيا لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر. هي جملة من التحديات الأمنية والقانونية والسياسية، يضاف لها الأزمة الاقتصادية وعدم إقرار موازنة العام الحالي الذي انقضى منه سبعة أشهر، مما قد يجعل تحقيق متطلبات مفوضية الانتخابات المالية أمرا في غاية الصعوبة.

ت:ر.ح