واع / مخطط بعثرة جهود السوداني/ آراء حرة/ حسين فوزي

حز في نفسي كثيراً أن يضطر رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني إلى اصدار قرار بوقف حركة المرور عبر مجسر، على الرغم من كل ما يعنيه هذا القرار من حرص المسؤول التنفيذي الأول على متابعة حتى القضايا الصغيرة المتعلقة بسلامة السابلة وركاب العجلات وانسيابية حركتهم.

وهي ليست المرة الوحيدة لالتفاتة رئيس مجلس الوزراء لقضايا هي من مهام سلطات بمستوى مدير عام، مثل تناوله لتقاضي البعض “رسوم” وقوف السيارات في الشوارع العامة، ورفضه لمثل هذه “الاتاوات” التي يضطر أصحاب المركبات لدفعها لضمان سلامة مركباتهم وتجنب مشاكل أخرى ايضاً.

والحقيقة فأن المعلومات ا لمتوفرة لدى جمع من الإعلاميين هي تصدي للعديد من المشاكل التي ينبغي ان يتصدى لها مسؤولون دون مستوى الوزير لمعالجة تجاوزاتها على المواطنين، أو ضمان سلامتهم، أو منع جباية أموال بغير حق.

وبقدر ما تسجل هذه المبادرات للسوداني وتأكيد قربه من المواطنين واطلاعه على معاناتهم، حتى البسيطة منها، فأن هناك مجموعة من القضايا التي ينبغي استلالها من هذا الوضع:

  1. وجود مسؤولين بدرجة مدير عام أو ادنى واحياناً اعلى، ضمنهم البعض ممن بدرجة وزير، لا يمارسون مسؤولياتهم بالشكل الصحيح، والسبب قد يكون عدم الكفاءة كونهم تسلموا مهامهم ضمن المحاصصة، أو انهم لا يريدون فرض سلطة القانون خوفاً من ردة فعل المستفيدين الذين قد يكونوا محتمين بطرف سياسي أو عشائري أو مليشيا مسلحة.
  2. قناعتي أن البعض يحرص على اغراق انتباه رئيس مجلس الوزراء بقضايا دون مستوى اهتمامه الاستراتيجي والوسيط المدى وقصيره في تنفيذ برامج الحكومة وتطلعات المواطنين في توفير الخدمات الصحية والتعليمية والأمنية، ضمن خطة شاملة قاعدتها التنمية المستدامة.
  3. وجود أطراف مستفيدة من جر اهتمام رئيس مجلس الوزراء إلى قضايا تفصيلية ينبغي حلها على مستوى مدير كحد اقصى، ضمن طرح سياسي يسعى إلى تقزيم مهام الحكومة، والظهور بمظهر الطرف القادر على معالجة القضايا الرئيسة، بالتالي “حقة” المزعوم في الوصاية على الحكومة.

إن مجلس الوزراء ورئيسه وأمانته العامة مدعوة إلى إعمام توجيه بشأن ضرورة التصدي الكامل لمعالجة مشاكل المواطنين وضمان سلامتهم وفق الصلاحيات القانونية الممنوحة لكل مسؤول بحسب درجته، والا يكتفي المدراء العامون بـ “تمشية” الأمور بعيداً عن أية مواجهات تستدعيها مصلحة المواطن والوطن.

إن الحرص على التصدي لمعاناة المواطنين وسرعة المعالجة التي يسعى لها السوداني ينبغي ان تكون حافزاً ومعاييراً لكفاءة كل مكل ف بمهام عامة، ومن لا يتحمل التصدي ل”مشاكل” الدفاع عن حقوق المواطنين وسلامتهم، عليه الاستقالة، أو تولي الحكومة إقالته…فليس من المعقول اغراق مجلس الوزراء ورئيسه بمهام تفصيلية.

وسيظل المواطنون يتطلعون لنزاهة كبار المسؤولين في تحفيز التصدي لسرقة المال العام وبقية اشكال الفساد، بجانب توظيف الموارد العامة لتحقيق تنمية مستدامة، سواء من خلال توفير بيئة آمنة للاستثمارات الوطنية والأجنبية، أو إعادة تشغيل ما هو عاطل أو متلكأ من مشاريعنا الإنتاجية والخدمية.