واع / ليس دفاعاً عن السوداني او تحفيزاً للقضاء/ آراء حرة/ حسين فوزي

يؤشر خطاب رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني الأخير التزامه بمبدأ “الجميع سواسية امام القانون” وليس هناك أحد فوق المساءلة القانونية.

بمعنى أنه ملتزم بدعم جهود القضاء في “تعجيل” كشف تفاصيل سرقة القرن، التي يبدو انها أصبحت حزمة سرقات القرن من جهة، كذلك حرصه على ان يكون هو شخصياً وكل من يعمل معه، شان أي مواطن عراقي، منصاعين كلية لأية مساءلة قانونية، فيما يخص قضية التنصت، “فليس هناك أحد فوق القانون والمساءلة.”

مع حرصه في الوقت نفسه “على مواصلة تنفيذ برنامج حكومته الخدمي، الذي هو من مطالب الشعب…” ودعوة كل القوى السياسية و”الاعتبارية” إلى مؤازرة حكومته التي هي حكومة كل العراقيين.

بمعنى أنه ليس مقصراً في أي من التزاماته رئيساً لمجلس الوزراء، وعليه فأن الضغوط الممارسة عليه وعلى كل العاملين معه بجدية، تتعارض مع المصلحة الوطنية العليا، وتعرقل العمل لتخفيف معاناة العراقيين.

ويبدو من كل ما يدور بشأن حزمة سرقة القرن وقضية التنصت، أن أطرافاً متنفذة عليا لا تريد تصعيد المساءلة بشأن الفساد، وتضخيم قضية التنصت بقصد هز مكانة كل الأطراف العاملة مع السوداني، فأما القبول بـ “التهدئة التدريجية” لملاحقة نور زهير وعصابته، او تحمل وزر تضخيم الأخطاء والقاؤها على السوداني وشيعته.

ومع كامل الاحترام لاستقلالية القضاء، وطبيعة التروي والتدقيق في خطوط وتفاصيل قضية نور زهير، فأن تكريس المزيد من الوقت لتعجيل كشف كل خفايا الجريمة والمتورطين فيها وحماتهم، تستدعي نهجاً يسترشد بمبادئ العدالة الانتقالية، كون الفساد سرطان يبتلع موارد الشعب ويقزم مستقبل البلاد، شأن الإرهاب.

إن المؤشرات الواضحة تبين ان الأطراف المتنفذة وراء نور زهير تمارس أكبر قدر من الضغوط على السوداني، حد المطالبة باستقالته، ما لم ينصاع لها، وهذا يستدعي موقفاً من كل الأطراف المؤمنة بحقوق الشعب والعاملة من اجل مستقبل أفضل الاصطفاف إلى جانب دعم الحكومة والقضاء في حسم عاجل لحزم قضايا الفساد المكتشفة أو التي تقود لاكتشفها، بغض النظر عن الخلافات بشأن الاسبقيات الملحة للتنمية المستدامة.

وإن كانت هناك مطالبة بـ “انتخابات مبكرة” فينبغي ان يتم الاعداد لها ليس لتكون على مقاس القوى المتنفذة التي تنازع مجلس الوزراء سلطاته، التي تشكل بعضها حامياً لسرطان الفساد ومستفيداً منه، إنما وفق قانون انتخابي يضمن تمثيل أصوات المواطنين وليس مصادرتها، وفي ظل بيئة انتخابية بلا أي وجود مسلح خارج السلطة الشرعية بغض النظر عن المسميات البراقة.

وهو الأمر الذي يبدو من المستحيل تحقيقه قبل الموعد الدستوري المحدد، ما لم يعد التيار الصدري بكامل ثقله، وكل من تحالف معه، والقوى المدنية الديمقراطية، من اجل توفير ضمانات عدم مصادرة أصوات الناخبين أو شرائها او ترهيبها وتأييسها، بقانون انتخابات وبيئة انتخابية تجسدان إرادة غالبية المواطنين في رفض الفساد وركيزته المحاصصة الطائفية لتحقيق أغلبية وطنية عابرة للطائفية والجهوية.