واع / “شوووت”…برازيل العرب إلى أين؟!/آراء حرة /”اميـر الداغستاني”

لا يخفى على المهتمين والمتابعين للمشهد الكروي في العراق أن تراجعا ملحوظا في الأداء بدليل المستوى الهزيل، والنتائج السلبية التي خرج بها منتخبنا الوطني وأنديتنا التي تتصدر المشهد الكروي المحلي في عدة مشاركات قارية مهمة؛ سببه عائد بالدرجة الاولى إلى اختيار نوعية المدرب، والتخطيط غير الصحيح للاتحاد العراقي لكرة القدم، واللذان تسببا في تراجع كرتنا.‎
إن لاعبينا الكبار الذين لايحتاجون إلى تمارين أولية لبلوغهم مرحلة النضج، بحاجة إلى مدرب يمتلك من الخبرة الفنية فضلا عن إلمامه بالجانب النفسي لكي يكون قادرا على فهم اللاعبين وكسب ثقتهم، ولقد اتضح لدى بعض المعنيين بالشأن الرياضي، أن اللاعب العراقي لديه جينات من تركيبة خاصة، إذ إنه يتأثر بشخصية المدرب، فهو لا يبذل مجهوده الطبيعي ولا يظهر بمستواه الحقيقي، إلا اذا كانت افكاره تنسجم مع مدربه، وقد يخالفني الرأي كثيرون ولا يقتنع البعض به، وهذا من حقهم، كما هو من حقي أن أطرح رأيي الذي اعتقدهُ صائباً.
‎فمن منا لا يتذكر الإنجاز الخالد الذي تحقق على يد المدرب حكيم شاكر في بطولة كأس العالم؟ من خلال حصول منتخبنا الشبابي على المركز الرابع، والمركز الثاني لمنتخبنا الوطني في خليجي البحرين، حينما كانت الفرق الخليجية في أوج عطائها، وتمتلك خيرة نجوم القارة الصفراء، على الرغم من أنه كان يستحق اللقب، لولا امور حدثت لا نود التطرق إليها هنا لانها ليست من صلب موضوعنا، وغيرها من الانجازات الأخرى التي تحققت على يد هذا المدرب العراقي الكبير، على الرغم من الدعم الضعيف الذي كان يُقدم لمنتخبنا حينها، والذي لا يصل إلى عُشر ما يُقدم لمنتخبنا ومدربه الحالي الإسباني خيسوس كاساس، ومع كل تلك التسهيلات إلا أننا لا نلمس وجود ذلك الاندفاع الكبير الذي كان يتسم به لاعبو الأمس مقارنة بلاعبي اليوم، وهذا ما يؤكد لنا بأن اللاعب العراقي تحديدا يتأثر بشخصية المدرب الذي ينعكس على عطائه داخل المستطيل الاخضر، ‏سيما اذا كان المدرب يمتلك قابلية التحفيز والروح الوطنية إلى جانب إمكاناته الفنية، وتقودني الذاكرة لما اسلفت إلى فريق منطقتي “منتخب البلديات” حينما كنت اتابعه وأنا في مقتبل العمر، اذ كان يقوده مدرب بسيط لكنه يتمتع بشخصية قيادية ومحبوب لدى لاعبي حيـّنا، رغم إنه كان لا يفقه بعلم التدريب سوى القليل جداً، وقد اكتسح بفريقه الفتي أغلب الفرق الشعبية، اذ تمكن “ابوصلاح” – وهذا اسم شهرته ، بمجموعته الفذة هذه، من تحقيق الانتصارات في بطولات شعبية كانت لها مكانتها الخاصة لدى الجماهير البغدادية البسيطة، إذ تغلب على أقوى فرق المدينة “الثورة سابقاً” والتي كانت تزخر بنجوم الكرة العراقية في عصرها الذهبي، وعلى الرغم من أن فرق الثورة كانت تفوق فريق منطقتنا إلا أن النصر في اكثر الاحيان كان حليفنا، وذلك لأن اللاعبين كانوا يحبون مدربهم ويقدمون كل ما لديهم من مستويات فنية وجهود مضاعفة من أجل نيل رضاه بالفوز وتحقيق الانتصارات على ابرز الفرق الشعبية في العاصمة بغداد آنذاك.
‏إن اللاعب العراقي بطبيعته لا يقتنع إلا بمدرب صاحب “كاريزما” من نوع خاص لا يمتلكها كل مدرب حتى وإن كان مدرباً عالمياً من الطراز الاول، والدليل فشل مدربين كبار قادوا منتخباتنا وانديتنا بينما نجح محليون وذاع صيتهم محلياً وخارجياً ، مثل عمو بابا، وأنور جسام رحمهما الله ، وحكيم شاكر وآخرين ممن حققوا أروع الانجازات للكرة العراقية، وتركوا بصماتهم في أغلب المشاركات الخارجية ، إذ كانت كل منتخبات القارة الصفراء تحسب حساباً لمنتخبنا وانديتنا الوطنية لقوتها آنذاك ، وكانوا يعدون المنتخب العراقي “نمبر وان” آسيا ، وهنا لابد أن يعيد الاتحاد حساباته وكذلك ادارات الأندية الجماهيرية الكبيرة التي تمثلنا في خارج العراق، وتضم بصفوفها اغلب لاعبي منتخبنا الوطني، ليخططوا بشكل سليم ويتركوا التخبطات والمحاولات التي لاتجدي نفعا بل تُعيد فرقنا الى المربع الأول، وهذا ما شهدناه من نتائج مخيبة خلال مشاركات منتخبنا المرتبك، وانديتنا المتراجعة في البطولات الآسيوية.
‎إن الكرة العراقية بدأت تفقد هيبتها بعد أن كنا أسياد آسيا بسبب التخبط والعشوائية وسوء التخطيط . ‎هنا يجب علينا أن ندق ناقوس الخطر فسمعة المنتخب الوطني ليست حقلا للتجارب أو مكانا للمزايدات. ‎ولتلافي هذا التراجع الواضح، لابد من اختيار المدربين الأكفاء الذين يمتلكون المقومات التي تتناسب مع نفسية وشخصية اللاعبين العراقيين، الذين لا يحتاجون سوى مدرب يفهمهم ويشحذ هممهم ويتمكن من قيادتهم بحرفنة ، وهنا لسنا بصدد انتقاد الاتحاد لتعاقده مع كوادر اجنبية لقيادة فرقنا ، بل على العكس من ذلك إذ نحثه على التعاقد مع مدربين أجانب لبناء فرق الفئات العمرية واكتشاف المواهب التي تعد قاعدة اللعبة بغية التأسيس الصحيح ، فالعراق منجم مليء بالطاقات الواعدة ، وكما يحلو للبعض أن يسميه بـ “برازيل العرب”.