واع/ما هذا التناقض ..؟!/اراء حرة/ عبد السادة البصري

ذات يومٍ كنّا جالسين في المقهى ، نتجاذب أطراف الحديث في الأدب والفن والفكر وغيرها ، انبرى أحدنا متحدثاً عن صديق لم يكن جالساً معنا ساعتها ، بكلامٍ غير لائق أبداً ، فيه من التسقيط والتشهير وكأنه يكرهه حدّ المقت ، رغم أننا نشاهده كل يوم عندما يلتقي به يأخذه بالأحضان سائلاً عن صحته وأحواله وأموره الحياتية ،ويظل يمدح به في وقتها كثيرا ، سأله أحد أصدقائنا الجالسين :ــ هل بينك وبينه عداوة ما ؟! فأجابه :ــ لا ،، أعاد سؤاله عليه :ــ هل زاحمك أو نافسك على شيء ما ؟! أجابه :ــ لا طبعا ،، كرر سؤاله :ــ هل أخذ منك شيئاً ما دون حق ؟! قال له :ــ لا ، أبداً ، سأله أيضاً :ــ هل أساء إليك يوما دون سبب ؟! أجاب :ــ لا ،،!! عندها قال له صديقنا :ــ إذاً ما هذا التناقض الذي نراه ونسمعه في سلوكك معه وحديثك عنه ؟! صمت جلسينا ولم ينبس ببنت شفة !!!
تذكّرت هذه الحادثة ــ ومثلها الكثير طبعا ــ وأنا أفكّر في ما يكتبه ويتحدث عنه بعض الأدباء والمثقفين وما يفعلونه من أمور تناقض ذلك ، حيث تراهم يكتبون وينشدون ويتحدثون ويحلمون ويتمنون في كل قصائدهم وقصصهم ورواياتهم ومقالاتهم عن المعاني الإنسانية السامية ، من نبلٍ وشهامةٍ وتسامحٍ ووداعة وطيبة ومحبّة ونكران ذات وكرم وأخلاق فرسان لا مثيل لها على وجه الأرض ، لكنّهم يتصرفون عكس ذلك تماماً !!
إذ تنتشر في وسطنا الثقافي العداوة والبغضاء والأنانية والنرجسية وحب التآمر والحقد والنيل من الآخر لسبب وبلا سبب ، وكأننا في حربٍ ضروس فيما بيننا ، على الواحد منّا أن يُسقط الآخر بأي شكل من الأشكال ، وتصل الأمور أحياناً إلى الدعوة للقتل ، لا لشيء سوى الاختلاف في الآراء ووجهات النظر أو المبدأ مثلاً !!!
هل هذه صفات تليق بِمَنْ يدّعي الثقافة وهي ارفع درجات الرقي الإنساني ، ويسعى إلى نشر أفكاره ومبادئه وأخلاقياته التي يعتقد أنها مفتاح الطريق أمام خير وسلام وسعادة البشرية ؟!
وهل هذا سلوك مَنْ يحمل وعياً وفكراً للارتقاء بالناس نحو ذرى الفضيلة والنزاهة والمحبة والإنسانية ؟!
وهل ..؟! وهل ..؟! تساؤلات عديدة أمام هكذا تصرفات تخجل منها النفس البشرية التي تحمل بذرة الخير والمحبة في كل مكان !!
علينا أن نراجع أنفسنا دائماً ، ونتأمل في أقوالنا وأفعالنا ،نعتذر إن كنّا قد أسأنا ذات يوم دون قصد لأي كائن على وجه الأرض ، وان نسموا بأقوالنا وأفعالنا معاً ، ونفتح قلوبنا للمحبة والخير ، لا أن ننادي بالمحبة وقلوبنا يملأها الحقد والكراهية !!
ودائما علينا أن نعرف أننا غير معصومين عن الأخطاء ، ولكن خيرنا مَنْ اعتذر عن خطأه ولم يكرره ثانية ، لا أن يعتدّ بنفسه ويحسب انه على صواب دائماً !!
لم ولن يكون أي واحد منّا على صواب في كل الأحوال أبداً ، كلنّا خطّاءون ، ولكن الاعتذار عنها وتصحيحها بالتسامح وفتح القلوب فيما بيننا هو أسمى شيء في الوجود ،، لأن الحياة لن تدوم لأحد أبداً ، ولو دامت لغيرك لما وصلت إليك !!
لنفكر أن نبتعد بأنفسنا عن التناقض والازدواجية في القول والسلوك ، ونرفع شعار التسامح والمحبة ونكران الذات وحب الخير للناس جميعا ، وبهذا ستسمو بنا الحياة وتزدهر الأوطان ، ونكون مثقفين وأدباء حقيقيين !!!!!!