واع / القاضي رزكار امين : نص استقالتي من محاكمة صدام ..مزيف؟!

وكالة انباء الاعلام العراقي / الوطن العربي / حوار ـ خـالـد النجـار / السليمانية

(( هذه المقابلة الصحفية وحوار مع القاضي رزكار محمد امين الذي تراس الجلسات الاولى لمحاكمة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين في قضية الدجيل ، حيث استغرق مني الحوار اكثر من 5 اسابيع من متابعة القاضي رزكار الى زياراتي المتكررة في منزله والتحاور والمناقشات المخلتفة ليجيب عن الاسئلة التي تجنب الخوض في البعض منها، والظروف انذاك كانت صعبه عليه ! واشترط القاضي رزكار الموافقة على الاجابة بضرورة ان يقرا الحواربعد الانتهاء من كتابته وتحريره من قبلي قبل نشره ! كشرط لذلك اتفقنا فعلا وتم ذلك ومع ان القاضي رزكار قد حذف الكثير من التعليقات والاسئلة وشذب البعض الاخر منها وهذا من حقه ،ومع هذا تم نشره على صفحات( مجلة الوطن العربي) التي تصدر في لبنان ولم تنشر في اية صحيفة او وكالة اعلامية في العراق او الخارج ، اليوم نعيد نشرها النص كما هو لقرائنا الاعزاء ))

ــ  لم يكن السيد رزكار محمد امين الذي تراس الجلسات الاولى لهيئة محاكمة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين في قضية الدجيل قاضيا عاديا ، بل كان مثار جدل عنيف بين من يمثلون اتجاهات الراي العالم العراقي ، فالمحاكمة مثيرة وغيرعادية ولان صدام حسين المتهم الاول واركان نظامه ليسوا اشخاصا عاديين، ولهذه الاسباب وغيرها كان اللقاء بهذا القاضي الكردي الاصل يشكل ضرورة قصوى يرجوا من خلالها المتابعون للشان العراقي ايجاد اجوبة دقيقة عن اسئلة محيرة عن المحاكمة واسرارها والشائعات الهائلة التي احاطتها ، لاسيما بعد القرار المفاجئ لاستقالة القاضي رزكار من رئاسة المحكمة وهي في ذروتها ولتحقيق هذه الرغبة اجرت ( الوطن العربي) حوار مع السيد رزكار في مدينة السليمانية ، ولكنه نجح في اخفاء بعض الحقائق وتحدث بصراحة عن المسموح بشان محاكمة صدق من وصفها بانها محاكمة العصر والتاريخ فالى التفاصيل..

*كرجل قانون : كيف تنظرون الى محاكمة صدام الحالية؟ وهل هي محكمة عسكرية ام مدنية؟ ومن اين استوحت قانونيتها وشرعيتها؟

ـ ليس لدي تعليق على اجراء المحاكمة، فالامر متروك للمحكمة ذاتها، انها هي التي تقرر نوع الحكم الذي تصدره حسب قناعتها وهي محكمة مدنية تسمى المحكمة الجنائية العراقية العليا ولها قانونها الخاص وقواعد اجراءات خاصة بها مقتبسة من القوانين النافذة في المحاكم الجنائية الدولية في كثير من احكامها.

*كيف تقيمون اداء القاضي روؤف عبد الرحمن الذي تلاكم في رئاسة المحكمة؟! وكيف تقيمون اداء فريق الادعاء العام ؟!

ـ اسف ..لاتعليق لدي على هذا السؤال ، واتمنى له التوفيق !

*ماهي برايكم سمات القاضي العادل ؟ وهل تلعب الحالة النفسية دورا معينا في اتخاذ اي قرار حاسم عندما يكون المتهم مثل صدام حسين ؟

ـ شخصيا ..وبصراحة فانا لااحب ان اتكلم عن محاكمة شخص معين بالذات وتحت اي اسم كان !واحب ان اقول ان القاضي النزيه هو الذي لاينظر الى دعاوى الناس من منظور شخصي  اذا يفترض بالقاضي عندما يتولى النظر في اية قضية او دعوى ان ينظرها بشكل موضوعي .

*برايكم من هي الجهة التي حددت وتحدد مكان وزمان المحاكمة ؟! وهي هي جهة حكومية ؟ ام القوات المتعددة الجنسيات ام احزاب .. ام جهات ؟

ـ لاتعليق لي على هذا السؤال . ولكن اقول بان المحكمة محكمة عراقية لها قانونها الخاص الذي سبق ان اشرت اليه ،وانا الان كما تعلمون لست ضمن ادارة المحكمة .

                                     ( شرعية المحكمة )

*منذ الجلسات الاولى لمحاكمة صدام دابت بعض الفضائيات العربية على اثارة الشكوك تارة والطعن بشرعية المحكمة تارة اخرى ,من ثم الطعن بنزاهتكم بالرغم من ان المحكمة لم يمض عليها سوى ساعات فقط، ماهو ردكم على ذلك ؟

ـ لم اسمع الطعن بنزاهتي من الفضائيات العربية التصريحات او الاتهامات الملفقة او الاستفزازات الاعلامية سواء كانت للمحكمة او لشخصي وواجب الرد عليها من قبل الجانب الرسمي للمحكمة الذي يجب عليه ان يتولى مثل هذه المهام ولم تكن من واجبي !

*لقد تابعنا جيدا سير المحاكمة ولكن البعض يعتقد بان اسلوبكم كان في غاية الطيبة والمرونه ازاء تعنت بعض المتهمين ؟

ـ رغم عدم امكانية متابعة كل الردود ولكثرتها ولانشغالي بملف المحكمة وقضيتها .. ولكن وجدت البعض منها سواء ايجابية والسلبية جدير بلاطلاع ..اما بالنسبة راي الشارع العراقي فانا مع احترامي وتقديري لارائهم ،لااتقيد بالسلبي منها لاني تعلمت القانون واجرااءت المحاكمة من الجامعه والمعهد القضائي والمحاكم والندوات العلمية،لذلك فالقاضي هو الذي يوجه الشارع في هذا المجال وليس العكس..ولهذا فقد سمعت من اناس بسطاء اراء كثيرة وهي تشيد بطريقة ادارتي للمحكمة وحتى ان بعضهم كانوا محكومين في السابق ولهم انطباع ديمقراطي جيد حول المحاكمة وهذا شئ مفرح ، ويعطينا الامل والتفاؤل حول مستقبل القضاء في البلاد.

*ماسر استقالتكم ؟وهل الاسباب التي تداولتها بعض وسائل الاعلام ومواقع الانترنت بشان تعرضكم لضغوط او تهديدات صحيحة ؟!

ـ لاتعليق لدي على الاشارة لتلك الاسباب بشان الاستقالة ولكن النص المنشور في احد الصحف وعلى مواقع الانترنت هو نص مزيف ومصطنع وليس عائدا لي !

                                  ( قلــق ومخــأوف )

*هل تجدون في محاكمة صدام واتباعه انها قضية غير اعتيادية تثير القلق والمخاوف ؟

ـ نعم انها قضية مختلفة ولها خصوصيتها العالية وتختلف طبيعتها عن سواها من القضايا التي تنظر فيها المحاكم العادية ويجب ان يؤخذ ذلك بنظر الاعتبار ..وانا كقاضي لايهمني على الاطلاق من يكون المتهم ولايخوفني اذا مااراد التعبير عن دواخله للمحكمة او البوح بما يشاء، انا اندهش واتعجب من بعض العقابت التي تنظر الى المتهم نظرة فوقية وكانه عبد في المحكمة مجرد من كل الحقوق..والصحيح ان المتهم ليس عبدا وانما هو بشر قبل كل شئ، ففي المحكمة اطراف متعدده وخصوم وبينهم صراع ونزاع ومشاكل قد تمتد لزمن طويل وهناك من يتهم وهناك من يدافع وبعضهم ينفي واخر يشكك ،وهناك من يسب ويشتم ، وقد يصل الامر في بعض الاحيان الى الضرب والاشتباك وهذه الحالات شاهدناها في المحاكم الاعتيادية !.. ولهذا فاننا ومن خلال المعايشة الطويلة في اجواء المحاكم لانستغرب من وجود وحدوث مثل هذه الظواهر، ففي المحاكمات التي تجري كل يوم تحصل خصومات وعراك بين اطراف القضية وحصل امامي في احدى المرات اطلاق نار بسبب خصومة في احدى القضايا وكذلك حصل طعن بالخناجر بين خصوم احدى القضايا .. وانا اجد بان هذه الامور طبيعية جدا كقاضي ولست ارى فيها عيبا! ولن تقوم القيامة اذا ماحصلت هذه الامور..صحيح ان للمحكمة هيبتها وقدسيتها ويجب الحفاظ عليها ولكننا بشر والخروقات قد تحصل هنا وهناك شئنا ام ابينا! فالمهم هو مصداقية المحكمة ورجاحة حكمها الذي يجب ان لايتاثر باي شكل من الاشكال بتصرفات الخصوم داخل الجلسات ، والا يكون الحكم رد فعل ذلك تعبيرا عن العدالة فقط ..ولهذا فان كل ماقاله المتهمون وفي مقدمتهم صدام حسين لم يقلقني ، ووجدت في ذلك حقا وفرته المحكمة استنادا للقانون وليس المزاج الشخصي للقاضي ولايهمني كيف فسر البعض هذه المسالة !

 *نسال من الناحية الانسانية ..ماذا كان شعوركم وانتم تلتقون لاول مرة بصدام حسين ولكم انطباع عن اتهامه بجرائم ضد العراقيين والاكراد خاصة وانت منهم ؟!

ـ انا حضرت المحكمة بصفة قاض ورئيس لهيئتها في حينها ويجب ان يتحرر القاضي اثناء مجريات المحاكمة من مشاعره الذاتية وان يكون موضوعيا ومحايدا ومجردا من كل الدوافع وعليه ان ينظر للوقائع والحقائق التي بين يديه ومدى صمودها ازاء الدفاع والطعن .

*يقال ان بعض المتهمين بدا عليهم الخوف والارباك في الجلسات الاولى ولكنهم التقطوا الانفاس وامسكوا بزمام المبادرة نتيجة لتعاملكم الشفاف واللين معهم ؟

ـ السماح للمتهمين في الحديث والرد بحرية يعده او يفهمه البعض انه تجاوز على المحكمة ، ومن يعتقد ذلك فهو غير متخصص بالقانون وجاهل لاجرائاته ومايريده من منع وقمع وتجاوز لاصول المحاكمات ..ان القضاء رغم صرامته فهو ديمقراطي في اصله وقواعده وبطبيعته فهو حوار وتشاور وتدقيق وتامل ، واهل الاختصاص في القضاء يعتقدون ان هذه الامور طبيعية وتنسجم مع مسارات العمل القضائي والقانون اخذين بذلك بنظر الاعتبار ايضا المادة 436 من قانون العقوبات العراقي التي تنص على ( لاجريمة في مايسنده احد الخصوم او من ينوب عنهم الى الاخر شفاها او كتابة ! من قذف وسب اثناء دفاعه عن حقوقه امام المحاكم وسلطات التحقيق او الهيئات الاخرى وذلك في حدود مايقتضيه الدفاع..ولاعقاب على الشخص اذا ماكان قد ارتكب القذف او السب وهو في حالة غضب فور وقوع اعتداء ظالم عليه .

*هل تعرضتم لضغوط ما وانتم تؤدون عملكم وهل تؤمنون باعتماد الشفافية مع متهمين يثار عليهم جدل كثير ؟

ـ علاقة القاضي مع اطراف هذه الدعوى علاقة قانونية لامجال فيها للقناعات والمواقف الشخصية ، انا مؤمن بالشفافية وباحترام اطراف الدعوى..

*اذا كانت هذه المحكمة ذات صفة دولية فلماذا يطعن الدفاع بشرعيتها؟

ـ نعم فان محامي الدفاع احرار في كيفية الدفاع عن موكيلهم ( المتهمين ) ولكنهم يستغلون  هذه النقطة لاغراض اعلامية وصحفية وهذه  دفوعات تثار في مثل هذه المحاكم عادة كدفوع شكلية ، وعلى كل كنا نجيب ونرد عليها وفقا للقانون لذا لاارى فيها استغلالا اعلاميا .

*لاحطنا قيام المتهمين بالمشاكسة وسحب النقاش لقضايا سياسية ؟

ـ مبدئيا اقول يجب على اطراف الدعوى ان يلتزموا بحدود تلك الدعوى او التهمة الموجهه ضدهم وتعرفون بان القضية التي تراست جلساتها ولقد حصلت معي مثل هذه الامور.. اروي لكم احداها ففي احدى المحاكمات التي توليتها جلب امامي احد المتهمين بدعوى قضائية وبعد المداولة والسؤال والجواب اعترف حرفيا بارتكاب الجريمة .. وعندما اصدرت المحكمة بحقه حكما بالسجن وبعد صمت فاذا به يصرخ بالسب والشتم والقذف على شخصي انا وفقد صوابه ، لذلك لم ترد عليه المحكمة ورفضت حتى اتخاذ اجراءات قانونية بحقة لان المتهم كان في وضع صعب وهو تحت تاثير مؤثرات عديده  في التوقيف وربما يفقد توازنه في لحظة ما لينفعل انفعالات سلبية ،وبعد فترة وجيزة فوجئت بشخص استقبلني في مكان خارج المحكمة وهو يصافحني بحرارة وذكرني باسمه ، لاني كنت قد نسيت حتى الموضوع بكامله ، واذا بالمتهم الذي تفوه بكلمات نابية ضدي في المحكمة وابدى اعتذاره واسفه الشديدين لما بدر منه ووجدته مرتاحا لاعتذاره واعترافه بالخطا.

*انتقد البعض السماح للمتهمين بالقاء خطب سياسية تحريضية .. ماتعليقكم ؟

ـ لاتعليق لدينا على هذه القضية !

*هل لنا ان نطلع على اسرارخاصة تتعلق بسير المحاكمة؟

ـ للاسف..لااستطيع ان ابوح الان باية معلومات لان ذلك سيؤثر على سير المحاكمة ولكوني امتلك صفة قانونية اعتذر عن عدم الاجابة..ربما سياتي الوقت المناسب للاشارة الى بعض الحقائق!

مجلة ( الوطن العربي)السنة التاسعة والعشرون ـ العدد 1542ـ الاربعاء 20/9/2006