واع/ احتدام الجدل حول إعلان شباب التظاهرات عن تشكيلات سياسية جديدة / تقرير

واع/ بغداد / علي الفريجي

يحتدم الجدل على نطاق واسع بعد إعلان بعض الشباب عن تشكيلات سياسية، تم تأسيسها وتسجيلها بشكل رسمي لدى مفوضية الانتخابات في العراق، وتأكيدهم أنهم سيكونون فاعلين في المشهد السياسي العراقي المترهل، على حد قولهم، لكنهم لم يتحدثوا عن المشاركة في الانتخابات المزمع إجراؤها خلال العام الجاري.

ما إن خفت وتيرة الاحتجاجات في العراق التي استمرت أكثر من عام، حتى بدأ ناشطون ومحتجون في التوجه إلى العمل السياسي بشكل مباشر لتأسيس كيانات وأحزاب، والتأكيد على وجودهم في مكان آخر غير ساحات التظاهر، وبرز خلال ذلك ناشطون دافعوا عن مشروعهم بعد الاحتجاج.

في البدء الاحتجاجات أكبر من أن تُختزل في حزب سياسي لأنها كانت ثورة اجتماعية وأسست لمفاهيم جديدة وهوية وطنية جديدة وأعادت تعريفات سياسية كثيرة، كما يقول الناشط البارز حسين الغرابي.

ويضيف الغرابي، أن بعض الأحزاب السياسية خرجت من الاحتجاجات ومنها “حزب البيت الوطني” الذي يحمل مبادئ وأهدافا خرجت من ساحات التظاهر، وهذه المرة سيكون البيت الوطني حزبا حقيقيا ديمقراطيا مبنيا على كفاءات عراقية، وبالتالي فإن التغيير مرتقب.

المعوقات، كما يكشف الغرابي، كبيرة، واشتراطات القانون بالمبالغ المالية الكبيرة واشتراطات المقرات والملحقات المالية مرهقة أيضا، كما أن ردود الأفعال كانت داعمة بقوة لهذا الكيان، وفي الوقت نفسه نحن حذرون في خطواتنا حتى نبقى في حسن ظن هذا الجمهور الوطني.

ويبين أن دخول الانتخابات من عدمها سيحدد في وقت لاحق من خلال آليات حزب البيت الوطني، أما الدعم المالي فمقسم على المنتمين لهذا الحزب من كل المحافظات العراقية، ونعترف بأن هذه المهمة عسيرة وخطرة على حياتنا نحن المؤسسين الفاعلين داخل هذا الحزب الجديد.

وحتى الآن لا توجد أي إحصائية دقيقة بشأن الأحزاب والكيانات السياسية التي ستشارك في الانتخابات المقبلة، حيث أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الأربعاء 6 يناير/كانون الثاني 2021 فتح باب التسجيل للأحزاب والتحالفات السياسية الراغبة بالمشاركة في الانتخابات.

لا يمكن حسم أن الشباب سينجح في تشكيل كيان سياسي مستقل وبرؤية ناضجة، رغم أنهم قد نجحوا في تشكيل كيانات سياسية، لكن الرؤية الناضجة تتوقف على مدى قربهم مما رفعته الاحتجاجات من شعارات، كما يقول الأكاديمي والمتابع للشأن السياسي الدكتور حازم هاشم للجزيرة نت.

ويضيف هاشم أن استقرار الحزب أو الكيان مرتبط باستقرار العراق، وأن الرؤية الناضجة تتطلب أن يكون للشباب أبوة لن تخرج عن إطار الأيديولوجية أو العقائد سواء كانت علمانية أو إسلامية، كما أن الخطاب الجديد عليه أن ينأى بنفسه عن خطابات الأحزاب الأخرى، وأن يكون خطابا وطنيا يحرص على تحقيق مطالب الناس التقليدية أو مطالب المتظاهرين.

المواجهة مع هذه الأحزاب في الساحات، كما يقول هاشم، وليس في عملية سياسية عرجاء، وهذه التشكيلات الشبابية تحتاج الى زمن وإلى آلية وضبط للانتخابات والسلاح المنفلت.

من الممكن أن يبدؤوا بوصفهم معارضة لأنهم يجيدون ثقافة الاحتجاج، وتدريجيا يتأهلون كما حدث مع تيارات إسلامية معينة، عاشت ردحا من الزمن معارضة بعد الغزو الأميركي 2003 وحملت السلاح ثم تحولت للمشاركة في العملية السياسية وأصبحت جزءا منها، كما أن الوضع بالبلد مرتبط بوضع إقليمي ومعادلة دولية وبحسابات مصالح دول أخرى، كما يقول هاشم.

ومنذ أشهر يتعرض ناشطون وفاعلون في الحراك الاحتجاجي في عدة أماكن في العراق إلى استهدافات ليلية بالعبوات الناسفة، في حين تعرض قسم آخر منهم إلى الاعتقال على يد قوات أمنية خاصة، وتأتي تلك الحملات بعد رفع خيم الاحتجاج والإعلان عن الدخول في العمل السياسي نهاية عام 2020.

هنالك عوامل عدة تأخذ دورها في العمل السياسي للمتظاهرين، أبرزها أن حركة الاحتجاجات لم تكن فعلا منظما بقدر ما كانت رد فعل ضد وضع قائم، ورد الفعل ذاك لم يأخذ بعدا تنظيميا، تحدد فيه آلية العمل وتسلسل الأهداف ونسق العمل، ومن بين تداعيات رد الفعل ذاك كان رفض المحتجين للأحزاب والعمل الحزبي، كما يقول المحلل السياسي الأكاديمي الدكتور أنور الحيدري.

ويضيف” أنه مع أن استقالة الحكومة وتشكيل أخرى أديا إلى انتخابات مبكرة، مما يعد من إنجازات الاحتجاجات، إلا أن الأحزاب التي استهدفها المحتجون ظلت باقية في السلطة، وفي ضوء الاتفاق على إجراء انتخابات مبكرة، وإقرار تعديل قانون الانتخابات، فإن المحتجين ظلوا بلا غطاء سياسي يؤهلهم للمشاركة في السلطة.

وبطبيعة الحال، كما يوضح الحيدري، لا يمكن توقع أن يكون العمل السياسي للمحتجين مؤثرا في المرحلة اللاحقة ما لم يكتسبوا الخبرة اللازمة ويعرفوا طبيعة وقواعد اللعبة السياسية في العراق.

أفضل الطرق التي كان يجب أن يسلكها مسار الاحتجاج في العراق قبل مدة طويلة هو الدخول للعمل السياسي، وإعادة ترتيب الأوراق لمعرفة الأعداء من الأصدقاء، ثم إن الاستمرار في التظاهر بهذا الشكل لن يؤدي إلى أي نتيجة سوى المزيد من الأعداء، كما يقول المتظاهر مصطفى الفارس.

ويضيف الفارس”، أن الاحتجاج قد خلق قاعدة شعبية كبيرة من الشباب ممن يؤمنون بالهوية الوطنية بالدرجة الأساس، ورافضين للأحزاب المتهمة بالفساد، وهؤلاء لديهم القدرة على التغيير إذا كان هناك خطاب وطني جامع للشباب من مختلف الأديان والمذاهب لا يشتركون إلا في الهم العام بالبلد.

وعلى الرغم من التحديات التي تواجه أصحاب المشروع السياسي من الناشطين في الاحتجاجات، فإنهم أكدوا أنه لا قيادة شخصية للحزب، بل إن المشاركة في صناعة القرار تكون جماعية، ولا مجال للطموحات الشخصية أو الظهور بقدر الانصهار داخل الجماعة والحزب في اتخاذ القرارات المهمة.