واع / جهنمنا وجنته !!! / اراء حرة / علي محمد ابراهيم

لو أردنا أن نضرب في التاريخ القديم ونرى بنظرة افتراضية شمولية عامة ونستحضر الزمن طبقاً لعلم المنطق وبدلالة التراكم والنتاج الفكري والثقافي والاجتماعي وبالرجوع للحضارات القديمة حتى مجيئ الاديان السماوية الثلاث سنجد قطعاً ان من فضل الأديان انها مسكت بالزمن ووقفة على بابه ومنحته هويته المستقلة رغم انها لم تستطع ان تنهي صراع الانسان مع الانسان الذي كان قد اسسه الاخوان قابيل وهابيل والى يومنا هذا وبناء على تلك المعطيات والفرضيات العامة فأن بأمكان الانسان المراقب اليوم ان يشخص بعض الحالات التي تحصل هنا او هناك في العالم ليقل انها لم تكن لتقع من قبل او انها تحصل الآن لأول مرة بل ان بأمكانه ان يجزم دون اي تردد ، واذا كان عصرنا الحديث ومن خلال ثقافة الشعوب المتنوعة في الادب والشعر والقصص وكل الفعاليات الثقافية والاجتماعية والفولكلورية القديمة استطاع ان يدون او يصور او يفكر بصوت مرتفع وهو يتغنى بالبحر والنهر والشمس والزرع والجبل والمناخ والمطر ودوران الارض فكانت حاضرة في الامثال والتقاليد ورسومات الفنانين والعشاق والاغاني وغيرها من الظواهر الطبيعية بمختلف الصور الشعرية او الرسم اوالتسمية لكن هذا التراكم الفكري والثقافي لم يذكر (الحر) وقساوته ودرجاته المرتفعة بالشكل التي هي عليه الان ابداً ، لم يذكر الموروث الثقافي العربي هذا الامر منذ عصر الميلاد او الاديان المسيحية والاسلام وحتى اليوم في اقل تقدير اي منذ اكثر من الفي سنة ظاهرة الحر هذه وانعكاسها على الحياة وبذلك فأن هذا دليل على ان ما نحن فيه اليوم من ارتفاع قاس في درجات الحرارة تجاوز الخمسين مئوية لم يكن موجود من قبل قط وهو مالا يريده الله للبشرية بعد ان وعدنا سيبحانه بالجنة وحتى الآيات الكريمة التي وردت في القرآن الكريم لم تشر ابداً الى قساوة حر الدنيا الذي نحن فيه الآن لانه ليس من صنع الله تعالى بل كان نتيجة تطاول الانسان على الطبيعة واسائته للمناخ والبيئة ، وقد جاء في الذكر الحكيم ( وقالوا لا تنفروا في الحر) ، ( …. سرابيل تقيكم الحر) ، ( نار جهنم اشد حرا …) وغيرها من الايات الكريمة التي ذكرت الحر ولم تذكر شدته في الدنيا ، وفي العودة للتأريخ مجددا فلم يذكر المأرخون ان قوما قاموا بما تقوم به اليوم اثيوبيا وهي تغلق مصب النيل امام السودان ومصر لتقتل الزرع والنسل وتذبح الطبيعة بهذه الوحشية ، لم يذكر التاريخ ان قوما قطعوا الماء على ارض الرافدين كما فعلت تركيا وإيران وحرمت العراق وسوريا من هذا الحق ، لم يذكر التأريخ ان اهوار العراق جف عنها الماء كما حالها اليوم ، لم يذكر التاريخ تجريف البساتين بقوة السلاح وتحويلها الى صحراء قاحلة ، لم يذكر التاريخ الفساد المالي والإداري الذي يسيطر على العراق اليوم بهذا الحجم المخيف ، لم يذكر التاريخ ان الاشرار الذين لم يحلموا يوماً بالجنة تمكنوا في غفلة من الزمن بعد ان عاثوا في الارض الفساد فدمروا وقتلوا وصنعوا ما صنعوا ، لم يذكر التاريخ ان الشر قد استمكن من الخير واذله فصنع في الارض ما يشبه جهنم التي حدثنا الله عنها ولم نكن لنعرفها .