واع / المقهى الثقافي العراقي في لندن ..وامسية ( العنف والفوضى في القيامة الشكسبيرية المعاصرة )؟!


واع/ خالد النجار
اقام المقهى الثقافي العراقي في لندن التوثيق التلفزيوني الكامل لوقائع ومجريات أمسية المقهى ،والتي أستضيف فيها الدكتور فاضل السوداني وكانت بعنوان (العنف والفوضى – قيامة شكسبيرية معاصرة ) التي قدمها وأدار الحوار فيها الشاعرعواد ناصر، ونقتطف ادناه ما كتبه الناقد محمد سيف عن كتاب السوداني الموسوم (العنف والفوضى المنظمة عند شكسبير ) ونشرفي الصحافة العربية هناك ..
( واع ) .. في بداية الامسية وضع الباحث اسئلته الشخصية كمؤلف قرأ وعرف ومارس المسرح، وعاش همومه وتمتع بجمالياته وانصهر بسحريته، وتساؤلاته الوجودية التي تستنطق حاضرنا الحالي المحكوم، على قوله، (بالجهالة والخراب الذاتي والجمعي، والعنف والفوضى ) المنظمة التي باتت شاهدة على الدمار الحقيقي الذي يتحكم فينا!. يتوقف د. فاضل سوداني حيال قدرة الفن والمسرح بشكل خاص على انقاذنا وإنقاذ العالم من العنف والفوضى اللذين صار يقودهما العقل البشري. إلى اسئلة كثيرة يحاول بحثها والإجابة عنها بشكل ضمني في أبواب الكتابالثلاثة وتفرعاتهاالتي تناولت ميكانيكية الكتابة الشكسبيرية، وثيماتها، ومعمارية البناء الشعري والدرامي، واستعاراتها الشعرية المليئة بالصور والحوادث التي ظلت معاصرة على الرغم من تقادم الزمن عليها..!
( واع) ..ومن خلال دراسة مفاهيم مثل: السقطة والشعور بالكآبة، السقطة من أجل تكامل ذات البطل التراجيدي، القناع والمرأة المرائية، الاسلبة والاختزال في الحدث وذات البطل، شيزوفرينيا الذات في الأنثى، الايمان المطلق بخراب الوجود، العبث أو التغريب، الغروتيسك الشكسبيري المتفرد، العنف وهستيريا الروح، التأويل المضاعف أو تأويل التأويل..اتخذ الباحث هذه المفاهيم منهجا تنظيريا وتطبيقيا له، فيقرأ اهم النصوص الشكسبيرية والعروض المسرحية التي شاهدها، برؤى واخراجات مختلفة، وبالذات تلك التي شاهدها في قلعة هلسنيور التاريخية في مدينة كوبنهاغن التي تسمى قلعة هاملت المبنية في العام 1584، مثل: (هاملت) و( الملك لير)،و(عطيل) و(ريتشارد الثالث) و( ماكبث) التي اختتم بها كتابه.
( واع ) .. ويرى المؤلف كما يروي في الامسية ان الابطال الشكسبيريين يمارسون العنف بعضهم على بعض، فيقول: يتراءى لي أن كل بطل شكسبيري يحمل شيئا من العنف والجنون المضاعف وهم يتبادلون هذا كله حتى وإن عاشوا في أزمنة مختلفة. فماكبث يحمل شيئا من جنون ريتشارد الثالث وبالعكس، وعطيل يحمل شيئا من سقطة لير والتباساته وعنفه وجنونه، وجونريل تحمل شيئا من ياجو” (صفحة 270-271). لا ينسى مناقشة الآراء والتحليلات المختلفة للعديد من النقاد الذين تناولوا النتاج الشكسبيري من وجهات نظر مختلفة ومتباينة، بحيث نراه مرة يختلف معها وثانية يتفق وثالثة يؤلف وجهة نظر مغايرة خاصة برؤيته للعمل او الحالة المسرحية أو هذه الشخصية أو تلك.يحلل العوالم الشكسبيرية تحليلا بصريا جامعا النص بالعرض من خلال مفهوم السقطة، على سبيل المثل وليس الحصر، معتبرا اياها مثل مفارقة ملتبسة وغامضة تغري البطل وتحوله الى كائن مهووس حتى نهايته أو تكامله الذاتي، متخذا من ريتشارد الثالث، نموذجا تطبيقيا في بحثه عن حصان النجاة ورغبته في مقايضة مملكته بحصان للهرب..!
( واع ) .. يقول المؤلف : ان السقطة ليست بالفعل او النتيجة وإنما هي سلوك وممارسة لما قبل الفعل، وإنها مكملة للذات التراجيدية، التي من شأنها ان تحوّل بطل ما! إلى ذات كاملة وإما إلى عدم! نعرف أن شكسبير استغل في بداية كتاباته الدراماتوردجية موضوع العنف الدراماتيكي من اجل القيمة الترفيهية، لكنه في وقت لاحق حاول ان يتعمق من خلال مسرحياته في موضوع الميل البشري نحو العنف المجاني غير المبرر، وخصوصاً في نصوصه التي تتعلق بالملوك، والسلطة، والحرب، فيستكشف في نصوصه المسرحية وخصوصاً التراجيديات الكبيرة منها، المعنى الذكوري بالنسبة للسلطة وكيفية ممارستها على الآخرين بشكل قسري…
ويؤكد اخيرا : امكان تلاعب الطغاة بالأدوار والأقنعة وتبدلها، مايكشف عن اساليب ووسائل تدمير وخراب تعمل على تأكل حياة الانسان ووجوده،وكأن العالم الذي نعيش فيه لا يمكن ان يستمر من دون الآلة الجهنمية للعنف البشري. هذا ما يمكن ملاحظته عبر ثمانية وثلاثين نصاً مسرحياً شكسبيرياً، من خلال العدد الكبير لشخصياته التي تقع في العدم، ونادرا ما تلجأ الى وسائل طبيعية، بل تلجأ إلى خنجرها أو سيفها بسرعة فائقة، وخصوصاً عندما لا يكون السم متوفرا، وعندما لا تكتفي بالسيف والخنجر، تلجأ احيانا الى الاثنين معا كما في مسرحية “هاملت”، حينما يطعم السيف بالسم لكي تكون النتيجة مؤكد !