واع/ حالة حُب لا تنتهي اراء حرة/ داليا مجدي عبد الغني
الجميع يحتفل بعيد الحُب “الفلانتين”، ومما لا شك فيه أن فكرة الاحتفال بيوم للحُب ومن العالم بأكمله، هي فكرة إنسانية نبيلة، تؤكد أننا لازلنا نرى الحياة بعين الرومانسية التي تُخاطب الروح والقلب والمشاعر، ولكن علينا أن نُدرك أن الحُب الذي لابد أن يسود العالم، يحتاج إلى تمعن في فهم معانيه، وتطبيق عملي للأحاسيس التي يبثها بداخلنا، فللأسف أكثر أزمة أصبحت تواجه الإنسان هي عدم ترجمته لمشاعره على أرض الواقع، فالحُب بحاجة دائمة إلى تطوير في التصرفات، حتى لا يُصاب بالملل، ولا تُحيط به عوامل الروتين، ولا تُرهقه الأعباء الحياتية، لذا على المُحب أن يكون دائم التعبير عن مشاعره، وهذا التعبير لا يقف عند حد الكلمات الناعمة البراقة، بل لابد أن تكون هناك سلوكيات تؤكد صدق الكلمات.
فالحُب هو منارة الإنسان في الحياة، وبُوصلته التي تهديه إن ضل الطريق، فهو الإحساس بالأمان والسكينة، وهو الأمل الذي يُعين على الوقوف والتحدي في لحظات اليأس والإخفاق، فهو عين تنظر إليها تجد فيها مرآة لنفسك، ولسان ينطق بكلمات تُطرب الأذن لها مذاق حُلو مثل الشهد الشافي، وهو أذن لا تكل أو تمل من الاستماع إلى شكوى وآلام الحبيب، وهو أنف تستنشق ما يُعانيه الطرف الآخر من مخاوف أو هواجس، دون أن يتكلم أو يشكو، وهو عقل يُفكر من أجل الشريك، لكي يُشاركه أحلامه وأناته واحتياجاته، وهو قلب يشعر بكل أحاسيس الحبيب، لا يقل في قوة راداره عن إحساس الأم برضيعها، وهو عروق يجري فيها الحبيب مجرى الدم، وهو الحياة التي لا تجد هدف أو جدوى لها سوى بوجود الطرف الآخر، وهو الحُلم الذي لم يتحقق إلا بعد مُقابلة شريك العُمر، وهو الصدق في التعبير، والعُذوبة في الكلمات، والرحمة في المعاملات، والمصداقية في الحوارات.
فالحُب لا يقف عند مرحلة الإحساس، أو الاعتراف به، أو التعبير عنه، أو الاحتفال به، بل هو في الأساس سلوك لابد أن يستمر ويتطور، مع كل نبضة، وكل همسة، وكل لحظة تمر في حياة المُحب، حتى لا تُصاب مشاعره بالفتور، ولا ينضب بحر أحاسيسه، ولا يخمد شغفه في الرغبة في إسعاد شريكه.
فكل إنسان بإمكانه أن يجعل في كل يوم من حياته عيد حُب جديد، وذلك بأن يسمح لمشاعره أن تجد لها مكانًا في قلب الحبيب، فالاهتمام لابد أن يُقابله اهتمام، والحُب لن يستمر إلا بالحُب، لأنه علاقة مُتبادلة تسير في طريق مُتوازٍ تقوم على الأساس الطردي لا العكسي، تستمد قوتها من التبادل الإنساني والعاطفي، ويكفي كل مُحب أن يستشعر بأنه كل شيء في حياة حبيبه، وأنه ملأ كل كيانه وأصبح يُشكل أهم جزء في حياته، فهذا الشعور كفيل في حد ذاته أن يخلق حالة من التفاؤل والأمل والشغف والرغبة في الحياة.
فجددوا أحاسيسكم، وطوروا من سلوكياتكم، وهذبوا معاملاتكم، وترجموا مشاعركم، حتى تعيشوا في حالة حُب لا تنتهي.