واع/ لماذا تجددت احتجاجات جنوب العراق ومن يقف وراءها؟

واع/ذي قار/م.ا

منذ أسابيع والناصرية (مركز محافظة ذي قار جنوبي العراق) تغلي بمظاهرات واحتجاجات صباحية ومسائية، تندد بسوء الخدمات وتراجع الكهرباء، وتطالب بإقالة المسؤولين بلا استثناء، وأثار تجدد المظاهرات أسئلة حول من يقف وراءها؟ ومن يحرض على حرق الشارع والاستمرار في الاحتجاج دون توقف؟

بدأت موجة الاحتجاجات الجديدة بشكل سريع في تصعيد مباغت، حيث تم حرق الإطارات بالشوارع وقطع الطرق بين أقضية ومدن المحافظة، مما جعل الأجهزة الأمنية تقف على الحياد وتبتعد عن إثارة أي مشكلة أو مواجهة قد تحصل فيما بينها وبين المتظاهرين، الذين رفعوا شعارات أخرى تتعلق بالفساد وإقالة الجميع من على رأس المسؤولية في مؤسسات الدولة بالمحافظة.

حرائق

كل مظاهرة تطالب بمطالب فرعية هي محاولة لقتل مطالب الحراك الرئيسية التي خرج وضحى الشباب من أجلها، وهي أن يكون هناك وطن خال من اللصوص، كما يقول حسن خضير الغزي، وهو ناشط مراقب للشأن المحلي، ليس هناك اتهام لمتظاهري الناصرية بأي شيء، ولكن يجب الوقوف على الحقيقة بأن المظاهرات المطلبية المتعلقة بالخدمات مجرد لعب لا أكثر.

ويضيف، أن أزمة الكهرباء وتوفير الخدمات ليست جديدة، وهي تتكرر في كل صيف منذ العام 2003، لماذا الآن في ظل جائحة كورونا يخرج الناس بهذا الغضب في دفعة واحدة؟، معتبرا أن هذه مطالب بسيطة لا تحتاج إلى مظاهرات وغضب شعبي، وأنه حتى المطالبة بإقالة مسؤولي الدوائر بالمحافظة بهذا الشكل لن تحل مشكلة الخدمات العالقة.

ويعتقد الغزي بأن المظاهرات وإعادة ظاهرة الحرق في الشوارع قد استغلتها الأحزاب المتحكمة، فمررت بعض أتباعها في الاحتجاج لإحراج حكومة الكاظمي أولا وأخيرا، وهي بالنتيجة تصفية حساب يتعلق بالنفوذ والمصالح الشخصية.

وشهدت مدن عدة في محافظة ذي قار والبصرة وميسان احتجاجات كبيرة شارك فيها الأهالي حيث قطعوا الطرق للمطالبة بتوفير الخدمات وعلى رأسها الكهرباء.

جهات نافذة

يؤكد مصدر أمني في المحافظة أن كتلا سياسية بارزة ومؤثرة ساهمت في تأجيج الشارع من أجل الحصول على بعض المكاسب السياسية، قامت بزج أنصارها بين المتظاهرين، وهؤلاء يحركون الجميع ويظهرون على أنهم غاضبون ويحرضون على الحرق، وهم عناصر مشخصة ولكن يصعب فتح ملفاتهم والقبض عليهم في الوقت الحاضر.

ويضيف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هؤلاء كان لهم دور في إغلاق المؤسسات الحكومية وإحراق بعض منها، وساهموا أيضا في ابتزاز بعض من دوائر الدولة والمؤسسات الأهلية، ولديهم القدرة على المناورة والتواصل مع مسؤولين كبار في الدولة، ومهمة التحرك لمواجهتهم صعبة.

حراك تشرين، كما ذكر مصدر تلقته(وكالة انباء الاعلام العراقي/واع)  رفع مطالب عامة يتفق معها الجميع، وجاءت في شعارات سلمية وتطالب بالإصلاح، وتم رصد تلك الشعارات، لكن ما حدث في الأسابيع الأخيرة تحوم حوله ملاحظات، حيث كان هناك من سعى لتأجيج الشارع لأهداف خاصة.

صبغة سياسية

“أعتقد أن عودة المظاهرات مجددا وبشكل واسع في محافظة ذي قار وعلى المستوى العام عليه ملاحظات”، كما يقول الكاتب والمتابع للشأن السياسي وليد الطائي، فالمظاهرات التي جرت كان مطلبها الأساسي الخدمات والقضاء على الفساد ومحاسبة السراق وقتلة المتظاهرين والقضاء على البطالة.

ويضيف الطائي، أن الاحتجاجات الأخيرة صبغت بدوافع سياسية، وهذا طبيعي فأغلب المظاهرات التي تشهدها البلاد محركها سياسي، لكن أغلب المتظاهرين لا يعلمون بالمحرك والداعم، وبالنتيجة المطالب مشروعة وحقيقية ودستورية.

من جهته اعتبر النائب عن دولة القانون عبد الهادي السعداوي أن محافظة ذي قار تعيش فترة فوضى إدارية وسياسية، وهناك صراع سياسي ومصالح شخصية، فلا توجد مظاهرات من أجل مصلحة عامة، لكن كل المظاهرات سياسية بحتة وتًحرك من قبل أطراف معروفة.

ويوضح السعداوي، أن محافظة ذي قار تحتاج إلى تغيير الإدارة المحلية، بما فيها المحافظ ونائبه ومدير الشرطة، لأنهم ليسوا على قدر المسؤولية.

وقلل الحقوقي والناشط بمظاهرات الناصرية حسين الغرابي من أهمية وجود دفع سياسي أو حزبي للمتظاهرين لإعادة الاحتجاج، ويعتقد أن المظاهرات الأخيرة مطلبية خاصة بالمحافظة.

وأكد الغرابي أن الانطلاقة كانت من تغيير مديري الدوائر الحكومية، لأنهم جميعا جاؤوا عبر المحاصصة، وبالتالي هم تابعون للأحزاب حيث حوّلوها إلى دكاكين، وهو ما دفع شباب تشرين لتغيير إستراتيجيتهم في المطالبة والاتجاه إلى تصفية المحافظة من الأحزاب ومن نفوذها السياسي والاقتصادي.

ويضيف أنه لا يعتقد أن المظاهرات بها صبغة سياسية، وأن ساحة الحبوبي (مركز الاحتجاجات بالناصرية) باقية بشبابها وغير مخترقة من قبل الأحزاب التي أصبحت اليوم هي الأضعف في الناصرية، لذلك هي مطالب شعبية وأبعد من أن تكون مطالب سياسية.

وعلى إثر موجة الاحتجاجات التي لا تزال جارية في الناصرية، كان مجلس الوزراء قد خصص جزءا من جلسته الأسبوع الماضي لهذه القضية، حيث تناول فيها 7 مقررات ناقش فيها واقع الناصرية، وأعلن عن معالجته عددا من القطاعات الخدمية ورصد 50 مليار دينار بشكل سريع وتحويلها للمحافظة.