واع / كيف سنعيش ونتأقلم بعد تغيّر الشرق الأوسط والتطبيع؟/ آراء حرة / بقلم: عتاب بغدادي
في لحظة لا تشبه سواها، تغيّر وجه الشرق الأوسط. لم تعد الخريطة كما كانت، ولم تعد الشعارات تُرفع بالحماسة القديمة، بل غمرتها براغماتية باردة، تُدعى التطبيع. من الخليج إلى بلاد الشام، تتوالى اتفاقيات وتفاهمات تعيد رسم العلاقات والولاءات، وتضع الشعوب أمام واقع جديد، لا يشبه ذاك الذي كبرنا عليه.
لكن خلف كل هذه الصفقات والبيانات، هناك بشر. شعوب عربيّة أُنهِكت من الحروب التي لم تخترها، ومن الفقر الذي صار قَدَرًا يوميًا. في شوارع بغداد ودمشق وغزة وصنعاء، لا يسأل الناس كثيرًا عن الجغرافيا السياسية، بل عن الكهرباء، عن ثمن الخبز، عن دواء مفقود، عن بيت لم يُقصف بعد. تعبت الشعوب، وهذه الحقيقة لا تحتاج إلى تحليلات.
التطبيع، بالنسبة للبعض، لم يعد مسألة مبدأ بقدر ما أصبح سؤالًا عن البقاء. ليس لأنهم نسوا القضية، بل لأنهم خُذِلوا من الجميع، ولم يعودوا يملكون ترف الأمل كما كان. فهل هذا التبدل في المواقف هو استسلام؟ أم محاولة أخيرة للنجاة في عالم لا يُنصت؟
الشرق الأوسط اليوم أمام مفترق طرق. التأقلم لم يعد خيارًا فرديًا، بل مصيرًا جماعيًا. تأقلمٌ لا يعني التسليم، ولا يعني المقاومة العمياء، بل محاولة للفهم. أن نفهم ما الذي تغيّر، وما الذي لا يزال يستحق أن نتمسّك به. أن نبحث عن لغة جديدة تُحاكي الواقع دون أن تخون الذاكرة.
لن نملك كل الإجابات. لكننا نستطيع أن نسأل: ما معنى السلام؟ ومن يربح فعليًا حين تُعقد الاتفاقيات؟ وماذا عن الذين لا يُدعون أصلًا إلى الطاولة؟
نعم، سنتأقلم. لكن ليس لأننا نريد ذلك، بل لأننا لا نملك إلا أن نحاول… كي نعيش.
مثل الاولاد الذين يتأقلمون بحياتهم الجديده مع زوجه الاب الظالمه وهم مجبرون.