واع / تماثيل ونصب بغداد الخالدة تضيع بين فوضى الفسـاد؟!


وكالة انباء الاعلام العراقي / خالد النجار / بغداد
الجميع يعرف جيدا ..الاعداء قبل الاصدقاء .. بان العراق العظيم زاخر بكل شئ بحضارته وتاريخه وامجداده ، وحتى فنونه التشكيلية والنحتية الزاخرة ومنها اسماءعملاقة،وخاصة نحاتي العراق وفنانيه الكبار صناع الرموز الفنية التي اضافت جمالا على ساحات وشوارع ومدن العراق ومنها العاصمة الحبيبة بغداد ، ونحاتوا العراق من الفنانين الذين مثلت أعمالهم قمة النحت العالمي، ومن بينهم الفنان الرائد جواد سليم الذي نحت نصب الحرية وسط بغداد،حيث شهد تظاهرات تشرين الخالدة ، وغيرها من المناسبات ، وهناك ايضا قائمة زاخرة بالنحاتين الذي تركوا بصمة محلية وعربية وعالمية، يصعب حصرهم في هذا الموضوع،واذكر منهم أعمال إسماعيل فتاح الترك الذي شارك في إنجاز نصب الشهيد، فضلًا عن تمثال الكاظمي وأبو نواس والرصافي، وصالح القره غولي صاحب تمثال الرازي، وعبد الجبار البناء الذي أنجز أكثر من 80 قطعة فنية فولكلورية في المتحف البغدادي، وراكان دبدوب من مدينة الموصل وعيدان الشيخلي وعزام البزاز واتحاد كريم والعشرات غيرهم، إذ تميز كل منهم بمدرسة خاصة في النحت العراقي ، واليوم نتناول موضوع تماثيل ( ساحة السباع ) وقدمها واهميتها الفولكلورية في تزيين ساحات وشارع وازقة بغداد الحبيبة .
تماثيل .. سـاحة السـباع ( الاسـود ) …
( واع ) .. و( ساحة السباع ) في بغداد في شارع الكفاح ،هي ساحة صغيرة تقع في منطقة صناعية تكثر فيها انواع المهن مثل السمكرية والنجارين ومخازن المواد التجارية والمواد الانشائية والتجارية ، والمواد الاحتياطية لمختلف المكائن والمعدات وغيرها من المهن الحرة ، والسباع وساحتها عبارة عن حوض دائري تتوسطها 4 تماثيل للسباع ـ اربع اسـود وتخرج من فمها انابيب للمياه كل اسد يواجه احد الاتجاهات نفذه ألكسندر بمادة الإسمنت بواسطة قوالب جاهزة ، ولهذا سميت بساحة السباع ، يحيط بهذه الساحة سياج حديدي صنعه الحدادين انفسهم انذاك، مما اعطاه بهجة وجمال التراث العراقي .يحيط بهذه الساحة العشرات من محلات الحدادة تعلوها شقق سكنية قديمة غالب ( ما يسكنها العمال العاملين بهذه الساحة ) وفي البداية اطلق على هذه الساحة هذه بـ ( عاصمة الحدادين ) في بغداد ، والمقصود ( ساحة السباع ) حاليا التي تتوسط شارع الشيخ عمر،من جهة شارع الكفاح..!
( واع ).. يتميز هذا النصب بمحيطه الدائري وعلى جوانبه تقع محلات الحدادين وورش عملهم التي تزدحم بمختلف الادوات كالمطارق الثقيلة والخفيفة والكلابات والمقصات و( الجواكيج ) وما اليها من ادوات تستخدم في مهنة الحدادة اليدوية وصناعة الأبواب والشبابيك الحديدية وغيرها .ساحة السباع شاخصة حتى الان كدلالة تراثية ومحلة تراثية من محلات الجانب الشرقي من بغداد القديمة الواقعة بين محلتي ابو شبل و ( قرة شعبان ) وشهدت هذه الساحة في 14 نيسان عام 1948 أنعقاد المؤتمر الطلابي الأول في تأريخ العراق بحضور المئات من ممثلي الطلاب والطالبات واعضاء وممثلي لجان الثانويات والكليات والمعاهد العالية ، ومن كل محافظات العراق، وحضور العديد من وجوه البلاد السياسية والثقافية والأجتماعية انذاك ، وبحماية سواعد العمال الأبطال من عمال وكسبة وفقراء منطقة الشيخ عمر الصناعية وليعلنوا عن تأسيس المنظمة الطلابية المجيدة ( الأتحاد العام لطلبة العراق ) وتغير الأسم بعد ثورة 14 تموز الى ( أتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية ) الذي صاراسمه راية نضالية وتحت هذا الأسم عملت أجيال متعاقبة من أبناء الشعب من اجل حقوق الطلبة والشباب.
( واع ).. وعن منفذ هذا النصب الجميل والتراثي ،حيث تذكر الوثائق البغدادية القديمة قصة السباع بان شخصا يدعى (اسكندر الروسي) ..كان من الشخصيات البارزة في المجتمع البغدادي وله الدور الكبيرفي تلك الفترة والبغدادي حيث الروسي ولد في (مدينة تفليس ) الجورجية والتي كانت (جورجيا ) تابعة للاتحاد السوفيتي السابق .. نشأ ودرس فيها وبعد الثورة البلشيفية عام 1917 والبطش الذي كانت تمارسه ضد معارضيها هرب من بطش السلطة … ولجأ الى العراق مرورا عبر ايران في منتصف عام 1944 واستقر بها وعاش معززا مكرما ووجد في بغداد ملاذاً امناً وحضناً دافئاً.. واندمج في المجتمع البغدادي بشكل كبير،واصبح احد مواطنيها بالرغم من ملامحه وسحنته البيضاء البارزة وملامحه الاجنبية المعروفة لدى الناس ،وكان يتحدث العربية بلكنة غريبة بعض الشئ في البداية ! ..كان ذو شخصية معقدة . سرعان ما انفكت عقدتها وكشف غموضها.. يحمل معه شهادة جامعية في اختصاص نادر في العراق.. كان بارعا ومتفوقا ونابغا في مجالات عدة ابرزها النحت واقامة النصب والتماثيل….
( واع ) من هوهذا الروسي وعلاقته بالسباع خاصة بعد منحه الجنسية العراقية وحصوله على الجنسية ،واول عمل قام به تصميم وتنفيذ عدد من النصب والتماثيل الجميلة وضعها في اماكن بارزة من العاصمة بغداد شكلت حدثاً مهماً واثارت اعجاباً كبيراً من قبل اهالي بغداد انذاك ، وبعد ان شاهد ( امين العاصمة ارشد العمري اعماله ونتاجاته المتميزة من النحت ) حيث كان محباً للفن والفنانين اصدر امراً اداريا تم بموجبه تعيين ( اسكندرالروسي بوظيفة نحات على الملاك الدائم في امانة العاصمة ) واوعز بتخصيص ورشة خاصة لصنع وعمل التماثيل حيث قام اسكندر بتنفيذ عديد من النصب والتماثيل والتي اصبحت من المعالم المهمة و الشاخصة التي كانت تزين شوارع وساحات بغداد في اربعينيات القرن الماضي..
( واع ).. اسكندرالروسي برز ايضا في في المجال الرياضي .و لهذا الرجل الفضل الكبير في تطوير وانتشار رياضة رفع الاثقال في اربعينيات القرن الماضي حيث كان اسكندر احد ابطال الاتحاد السوفيتي السابق في هذه الرياضة ، كما اشرف على تدريب واعداد شباب بغداد من هواة الرياضة بشكل عام ورفع الاثقال بشكل خاص .. حين اخذ هذا الرجل بتدريب الرباعين انذاك وعلمهم فنون هذه الرياضة وطورها بشكل كبير واصبح المدرب الاول في تلك الفترة ، حتى تم تكليفه في مهمة تدريب واعداد ابطال ( النادي الرياضي الاولمبي الملكي) وكان احد اشهر الاندية النموذجية انذاك والذي تحول اسمه بعد 14 تموز عام 1958 إلى نادي الاعظمية وهو شاخص حالياً بساحة عنتر في منطقة الاعظمية ، كذلك اشرف على تدريب ابطال ( نادي الهواة الرياضي ) بجانب الاعدادية الغربية في باب المعظم حاليا ،الذي كان يعد واحداً من ابرز اندية العراق التي تمارس فيها رياضة رفع الاثقال ، وكنت انا شخصيا فتى اتدرب في هذا النادي وشاركت اايضا في ( بطولة كمال الاجسام ) للفتيان والذي ازيل من الوجود واندثر وتحول إلى مقر لوزارة الاوقاف حاليا ؟!
( واع ) .. الرياضي اسكندر الروسي كان بارعا ايضا في في النحت ، كان يقوم بصنع اقراص الاثقال وبطريقة مبتكرة بنفسه، في ذلك الوقت وذلك عن طريق صبها ونحتها بالاسمنت..؟! بالاضافة إلى تدريبه فرق الاندية قام اسكندر بتدريب محبي وعشاق الرياضة من وجهاء واعيان بغداد حيث اصبحت بيوتهم الكبيرة قاعات يمارسون فيها الرياضة بشكل خاص .. ومنها دار الدكتور (فيض الزهاوي) في شارع ابي نواس ،ومن ابرز الرباعين القدماء الذين تتلمذوا على يد اسكندر الروسي ..البطل العالمي ناصر الغافقى ودكتور القلب والجراح الماهر المشهور يوسف النعمان والدكتور فيض الزهاوي وغيرهم من الابطال والشخصيات المعروفة في بغداد انذاك.. بعدها تنقل النحات والرياضي المتعدد المواهب اسكندر الروسي إلى عدد من المهن والاعمال الحرة والتجارة وسجل نجاحاً ملحوظاً فيها كما كان حظه من النجاح والشهرة مع عالم الرياضة والنحت..
( واع ).. ولابد من التذكير والوفاء لهذه الشخصية وهو الفنان الروسي الكسندر .. الذي نحت هذه التماثيل والتي اصبحت إرثاً وطنياً احد الشخصيات التي اصبح لها دور في المجتمع العراقي والبغدادي بشكل خاص كان بارعا ومتفوقا ونابغا في مجالات عدة ابرزها النحت واقامة النصب والتماثيل .. قام بتصميم وتنفيذ عدد من النصب والتماثيل الجميلة وضعها في اماكن بارزة من مدينة بغداد شكلت حدثاً مهماً واثارت اعجاباً كبيراً من قبل اهالي بغداد واصبحت من المعالم والظواهر الشاخصة التي كانت تزين شوارع بغداد والساحات البارزة في مركز العاصمة الحبيبة والعظيمة بعظمة العراق وشموخه .


.